لم يعد خافياً على أحد أنّ القيّمين على الرياضة في العالم يكيلون بمكيالين وأنّ ما كان يصحّ من استعمال الرياضة لقلب الرأي العامّ لمصلحة أوكرانيا والغرب في حرب روسيا وأوكرانيا لم يعد يصحّ مع غزو إسرائيل لفلسطين وحصارها المطبق على مدينة غزّة وحرمانها الشعب الفلسطينيّ حتّى من أبسط مقوّمات الحياة.
فملاعب كرة القدم البريطانيّة الّتي حوّلت ساحاتها وملاعبها طوال الأشهر الماضية منبراً لمناهضة الغزو الروسيّ على أوكرانيا ووضعت مدرّجاتها منصّة لرفع أعلام وشعارات التأييد لأوكرانيا، ها هي اليوم ترتدي فجأة لباس الحياد المبطّن لمنع أيّ فكرة انتقاد أو محاولة تعبير من قبل المشجّعين المتواجدين ضمن مدرّجاتها لشجب الحرب الّتي تشنّها إسرائيل على مدينة غزّة.
فقد قرّرت رابطة الدوري الإنكليزيّ الممتاز حظر رفع أيّ أعلام لفلسطين أو إسرائيل في ملاعبها ابتداء من انطلاق المرحلة التاسعة من بطولتها في نهاية هذا الأسبوع، ونسبت الصحف البريطانيّة القرار المتّخذ إلى ردود الفعل المتباينة والانقسام العموديّ داخل الشعب البريطانيّ وتفاعله شجباً لما تشهده مدينة غزّة من قصف تدميريّ وحصار مطبق تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطينيّ.
وتأتي هذه الخطوة مع تصاعد مخاوف رسميّة بريطانيّة من أن تعود مشاهد ما زالت عالقة في ذاكرة الرّأي العامّ الإنكليزيّ إبّان غزو إسرائيل لغزّة في ربيع عام 2021، وهي مشاهد التعاطف غير المسبوق الّذي أظهره حينها المشجّعون الإنكليز عندما رفعوا الأعلام الفلسطينيّة في إنكلترا وتفاعل نجوم اللعبة معها، كما حدث عندما رفع قائد منتخب فرنسا بول بوغبا وعدد من زملائه ضمن فريق مانشستر يونايتد العلم الفلسطينيّ داخل ملعب الـ"أول ترافورد" في مدينة مانشستر ومن ثمّ بعد أيّام قليلة عندما رفع لاعبو ليستر سيتي الراية الفلسطينيّة بعد إحرازهم لقب كأس إنكلترا داخل ملعب ويمبلي في العاصمة الإنكليزيّة لندن.