غالباً ما تنقل المسلسلات الدراميّة واقع حال المجتمعات فتلتصق بعض النصوص بحكايا الواقع، ولأنّ الواقع يعج بالقصص المرتبطة بالنساء وقضاياها، انعكس ذلك على الموسم الرمضاني الحالي، إذ تشهد المسلسلات حضوراً نسائياً طاغياً وخصوصاً المصرية منها، والتي بدأت في النصف الثّاني من شهر رمضان.

كذلك، تميزت المسلسلات اللبنانية والسوريّة هذا العام بحضور نسائي لافت في محاولة للخروج عن سياق التنميط السابق الذي لطالما تناول المرأة في الدراما.

بوستر مسلسل تحت الوصاية – انستاغرام

واستبقَ بعض المتابعين مشاهدة مسلسل تحت الوصاية للفنانة منى زكي، وحُكمَ على غلافه الترويجي بشكل استباقي على أنه "إساءة للمحجبات" بتصويرهن في صورة الكرب والتّعب والمشقّة، لكنّ المسلسل فاجأ المتابعين بقصة تبحر في غير مكان، عن امرأة تعيل أسرتها من تجارة السّمك، ثمّ تواجه المشاكل في محيطها الأسري والعملي فتسعى للتصدّي لها.

أمّا غادة عبد الرازق في مسلسل تلت التلاتة، التي تتعرّض للخيانة فتحاول الانتقام من زوجها في سياق قصة اجتماعية مميزة، فيما تجسد منى شلبي شخصية مهندسة ديكور في مسلسل تغيير جو (شريفة)، التي تعاني من عدّة أزمات لا سيّما إدمان والدتها.

في غضون ذلك، تكرّر دنيا سيمر غانم تجربتها الكوميدية عبر مسلسل (جت سليمة) فتدمج بين الكوميديا والفانتازيا عن طريق شخصية (سليمة) التي تعثر على كتاب مسحور ينقلها إلى مغامرات كوميدية عديدة.

المسلسلات على لائحة شاهد

بالانتقال إلى الدراما اللبنانية، يبرز مسلسل للموت 3، عبر بطولة نسائية ثنائية بين ماغي بوغصن ودانيلا رحمة حيث تعيش الفتاتان مغامرات مستمرة منذ خروجهن من دار الأيتام،، ورغم لجوء العمل الى بطولة مشتركة لبنانية-سورية، مع الفنانين السوريين يامن الحجلي ومهيار خضور، إلّا أن مركز الحكاية يبقى نسائياً.

بوستر مسلسل للموت 3 – فيسبوك

في المسلسلات السورية، التوازن الجندري في الأعمال كان حاضراً في كل من "العربجي" و"زقاق الجن"، إذ تتقاطع خطوطها الدرامية بين الرجال والنساء. وفيما يخرج زقاق الجن عن تنميط دور المرأة في الأعمال القديمة التي تصنّف كبيئة شامية، تقدّم نادين خوري شخصيّة المرأة المتسلّطة والتي تُفرَد لها مساحة كبيرة من العمل تتجاوز مساحة شخصية منى واصف في ليالي الصالحية والتي عُرفت بتسلّطها أيضاً، لكن هذه المرة نرى نصّاً يعطي المرأة القدرة على تحريك أكثر الأحداث ليس فقط كعنصر يقوم بردة فعل على الحدث.

نادين خوري في العربجي – فيسبوك

كذلك، قدّمت أسماء سورية نسائية أخرى أدواراً مهمة هذا العام، أبرزهن، أمل عرفة، شكران مرتجى، ديمة قندلفت، سوزان نجم الدين وصفاء سلطان. جميعهن قدّمن أدوارًا لافتة. فديمة قندلفت لعبت دور داية الحارة بطريقة مختلفة، وأمل عرفة قامت بدور العمّة الحكيمة، أما شكران فأطلت بدور الأم التي تقف بوجه الظلم، فيما كانت حصّة الشر من نصيب كل من سوزان نجم الدين وصفاء سلطان ضمن أداء مدروس.

صفاء سلطان، أمل عرفة وشكران مرتجى (زقاق الجن) – فيسبوك

وأعطى الحضور النسائي في مسلسلات رمضان عمقاً وقوّة كما أضفى إحساساً عالياً، حتى مع أدوار الشرّ والكيد، فضلاً عن التشويق، ذلك الحضور يثبت قوّة وتميّز أداء الممثلات العربيات والخروج عن التنميط لشخصية النساء في الدراما والسينما ضمن العقدين الماضيين اللواتي يأتين سنداً للبطل. فهل تُستثمر هذه المساحة أكثر للإضاءة بطريقة أكبر على قضايا النساء العربيات؟