وفق التوقّعات الأوّلية فإن لا إعلان حرب صريح من قبل السيد نصر الله، ولكن لا تطمينات نهائية
من البيت الأبيض إلى المسؤولين في أوروبا وإسرائيل مروراً بالدول العربية. حالة تأهّب وترقب لما سيقوله أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله...
حتّى الساعات القليلة التي سبقت الخطاب بقيت التحليلات والتوقّعات وظلّ السؤال الكبير بلا إجابة. هل سيعلن السيد بدء الحرب؟ تشير كلّ المعطيات إلى أنّ الحرب قد اندلعت وأنّ أبوابها مشرّعة على كل الاحتمالات. كثيرة هي الأسباب التي تبرّر لحزب الله دخوله الحرب. في الأساس هو لم يبق بعيداً. مواجهته في ساحة الجنوب اللبناني حيث المناطق التي تقع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، ليست إلّا حرباً بكلّ ما للكلمة من معنى، وإن بقيت نوعاً ما محصورة بما لا يتجاوز قواعد الاشتباك المتّفق عليها بين الجهتين. منذ البداية أراد حزب الله تخفيف الضغط عن جبهة غزة، فخاض حرب إرباك اضطرّت إسرائيل إلى استنفار ثلث جنودها على امتداد الحدود مع لبنان. كان القصد من ذلك خوض حرب إلهاء ضدّ الإسرائيلي، وقد نجحت إلى درجة عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على تبديل عناصره والتنقّل بدبّاباته خشية أن تكون هدفاً لصواريخ حزب الله.
في هذه الحرب كانت الخسائر متبادلة. ليس رقماً عابراً سقوط ما يقارب الخمسين "شهيداً على طريق القدس" في صفوف حزب الله. اليوم سيخرج السيد نصر الله ليقول عنهم أكثر ويتحدّث عن بطولاتهم وعمّا ألحقته عمليّاتهم في صفوف الإسرائيليين. سيعيد لهم اعتباراً يفوق اعتبارهم أرقاماً يراها الخصوم مجرّد أعداد تحتسب على سبيل هزيمة. ربّ قائل من بينهم أنّ رقماً كهذا فاق أعداداً سقطت في حرب تمّوز، لكن لحزب الله حساباته المختلفة ووقائعه التي يتحفّظ على ذكرها وإن اكتفى بنفي مقاربات كهذه.
تشير كلّ المعطيات إلى أنّ الحرب قد اندلعت وأنّ أبوابها مشرّعة على كل الاحتمالات
في المجال العسكري بقي كلام السيد في بعض تفاصيله مرهوناً بما ستشهده ساحة المواجهات من غزة إلى الجنوب اللبناني. أيّ تطوّر إضافي سيملي خطاباً مختلفاً سيجرّ معه المنطقة إلى حرب مفتوحة. قالها وزير خارجية إيران بصريح اللهجة إن استمرار الحرب على الفلسطينيين في غزة سيقود إلى حرب مفتوحة. ليس مجرّد تهديد عابر. كلّ محور المقاومة بات في حالة استنفار ويده على الزناد. بالأمس دخلت اليمن وبعدها العراق وإن بوتيرة أقلّ، وغداً ربّما سيدخل آخرون.
في المجال العسكري سيتحدّث السيد ويستفيض في شرح التفاصيل ليدخل منها في صلب ما هو مطلوب ومنتظر: ماذا بعد؟
منذ بدأت حرب غزة لم تبق دولة كبرى إلّا وبعثت إلى حزب الله تطالبه بعدم الانخراط في الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. بلهجة لم تخل من التهديد قالتها السفيرة الأميركية دوروثي شيا لرئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي: عليك أن تملك حقّ التدخّل لمنع حزب الله من الانخراط في الحرب. ذهب الفرنسيون أبعد بالقول إنّ خطوة كهذه ستجرّ حرباً قاسية على لبنان، ولن يجد من يقف معه هذه المرّة. وفي كلّ مرة كانت تصله رسالة كان حزب الله يردّ في الميدان بشنّ المزيد من العمليات العسكرية.
تقول مصادر مواكبة لمسار التطوّرات العسكرية "استطاعت المقاومة الفلسطينية الحفاظ على توازنها ولقّنت الإسرائيليين درساً أحدث تحوّلاً في صورة اسرائيل التي لا تهزم. بلغت القذائف والصواريخ تل ابيب، اعترفت اسرائيل بسقوط ما يقارب 16 عنصراً من جيشها. إنّها الأرقام المعلنة وقد يكون العدد أكبر بكثير، منذ بدأت المواجهات ولغاية اليوم، ولولا المجازر التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين والأطفال الفلسطينيين لكان توضّح حجم الخسائر التي لحقت بالعدو".
وفق التوقّعات الأوّلية فإن لا إعلان حرب صريح من قبل السيد نصر الله، ولكن لا تطمينات نهائية، طلما أنّ اسرائيل مستمرّة في حربها بدعم أميركي وغربي واضحين، ما وضع الأميركي في مرمى أهداف محور الممانعة. في الوقائع العسكرية فقد منيت إسرائيل بخسائر كبيرة هشّمت صورتها. في غزّة وعلى خلاف ما تحرص على تظهيره في الإعلام، فإنّ الجيش الإسرائيلي لم يدخل إلى عمق غزة، بل انتشر في منطقة معزولة عند الخطوط الأمامية، حيث حوّل المنطقة إلى أرض محروقة.
الإعلان عن دخول إسرائيل إلى غزة سيقابله إعلان مشابه من محور الممانعة قد يكون على لسان السيد، وأولى خطوات انخراط هذا المحور بالحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينين حصلت مع إعلان اليمن انخراطها في الحرب، لتكون تلك رسالة ليست فقط لإسرائيل، بل لمن يغطّيها، أي اميركا العاجزة عن فتح جبهة ثانية ضد الحوثيين بينما هي تقود الحرب إلى جانب اوكرانيا.
في ردّه على سؤال عن فحوى ما سيقوله السيد قال المصدر عينه "أنّ ما في حوزة الأمين العام لا يكون بمتناول أيّ جهة أو طرف، وسيقول حتماً ما سيحمل عنصر المفاجأة لإسرائيل والمراهنين عليها، وسيوضح بوصلة الشهداء الذين سقطوا على السّاحة الجنوبية. قبيل الكلمة الرّهان على ظهور معطى جديد يبني عليه السيد، لكن الأكيد هو الإعلان عن انخراط المحور في الحرب متى كان في نيّة الأميركي الاستمرار في دعم حرب إسرائيل ضد الفلسطينيين ومعه دول أوروبا".
لن يعلن الحرب ربّما، لكنّ المؤكّد أنّه اعلان الاستنفار العام استعداداً لها، ففي حال تطوّرت الأوضاع أكثر فاحتمال الحرب سيصبح واقعاً وفتح كل الجبهات سيقع.