طارق ترشيشي
لا جديد متوقعاً قريباً على مستوى لبنان واستحقاقاته التي يتصدرها الاستحقاق الرئاسي، والسبب يكشفه سياسي لبناني لصيق بالسياسة الأميركية في تعاطيها مع التطورات اللبنانية الجارية بشقيها الداخلي والإقليمي ويلخّصه بالمعادلة الآتية: "لا اهتمام اميركياً، لا اهتمام سعودياً، لا مبالاة قطرية، فشل فرنسي".
وينطلق هذا السياسي من هذه المعادلة ليشيرباستغراب إلى أن أي جهة سياسية لبنانية لا تتحدت ولا تتوقف مليّاً عند تأثيرات الأحداث الدولية الراهنة على المنطقة ولبنان. فالولايات المتحدة الأميركية وأوروبا صنفتا إيران شريكة لروسيا، لا طرفا محايداً، في الحرب الروسية ـ الأوكرانية. بالتالي فإن إيران، باتت في نظرهما غير ما كانت عليه قبل مشاركتها في هذه الحرب، سواء بتزويد الروس الطائرات المسيّرة أو حتى بالموقف السياسي، وبالتالي فهي "دولة معادية" لهما، فكيف لهما أن يتفقا معها في هذه الحال على الدفع باتجاه إيصال رئيس توافقي إلى سدة رئاسة الجمهورية اللبنانية. بمعنى أن الأميركيين والفرنسيين لن يقبلوا برئيس بهذه الصفة التوافقية التي تسوّق لها إيران وروسيا وغيرهما من الدول المؤيدة لهما إلى جانب بعض القوى السياسية اللبنانية الداخلية.
ولذلك، وبناء على هذه المعطيات، يقول هذا السياسي أن من لديه رغبة في تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية ما لم يتم التلاقي على رئيس توافقي، ليس فريق 8 آذار فقط، وإنما الأميركي والأوروبي ايضا، حيث أن لديهما رغبة التعطيل نفسها التي يعكسها ترشيح النائب ميشال معوض غير التوافقي. فهما يدركان مسبقاً أن لا مقبولية له لدى الفريق الآخر، وبالتالي لا حظوظ جدية له في الوصول إلى سدة رئاسة الجمهورية.
ويضيف السياسي إياه أن رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية الذي يرتبط بعلاقات متينة مع حزب الله وحلفائه ومع سوريا وغيرها من دول "محور الممانعة"، يحاول أن يطرح نفسه رئيساً توافقياً ولكن اميركا والغرب الأوروبي يرفضان حتى الآن البحث في هذا الأمر. بل يرفضان البحث في أصل فكرة الرئيس التوافقي ويؤكدان لسائليهما من دول وجهات معنية أن الحد الأدنى الذي يمكن أن يقبلا به لرئاسة الجمهورية هو قائد الجيش العماد جوزف عون.
ولا يستبعد هذا السياسي أن يتعرض الوضع الداخلي لضغوط داخلية وخارجية خصوصاً على الصعيد المالي، وتحديداً على صعيد سعر صرف الدولار الاميركي. وستكون هذه الضغوط في مضمونها تعبيراً عن رفض أي مرشح توافقي يطرحه "الفريق الآخر" سواء كان فرنجية أو غيره، وكذلك ستكون دفعاً باتجاه ترجيح حظوظ قائد الجيش. وينصح السياسي نفسه الذين يعارضون انتخاب جوزف عون بأن "يغيروا موقفهم لتأمين انتخابه حتى لا تطول فترة الفراغ الرئاسي وتجنيب البلاد ارتفاعات مذهلة بسعر الدولار الأميركي مع ما قد يرافقها من "حرائق كبيرة" على الصعد المالية والنقدية والمعيشية سوف تزداد اشتعالاً إذا تأخّر إنجاز الاستحقاق الرئاسي طويلاً".
وفي رأي السياسي اللصيق بالسياسة الأميركية أن انجاز الاستحقاق الرئاسي يتم سريعاً في حالتين تتمثلان في أن يؤيد كل من "حزب الله" وحزب "القوات اللبنانية" ترشيح قائد الجيش. مستبعداً فرضية البعض في احتمال سير "القوات" بترشيح فرنجية لأنه "ممنوع عليها" من حلفائها الخارجيين الإقدام على خيار من هذا النوع، لأنهم يعتبرونه مرشح محور إيران "الشريكة لروسيا في الحرب الدائرة في أوروبا من البوابة الأوكرانية".
وعن مدى صحة قول المساعد السابق لوزير الخارجية الاميركية ديفيد شينكر أخيراً من أن قائد الجيش "سينتخب رئيسا للجمهورية بعد اربعة أشهر" مع أن شينكر ليست له أي صفة رسمية أو موقع في الإدارة الأميركية الحالية حتى يُعتد بقوله هذا، يقول السياسي نفسه، أن "شينكر هو الناطق غير الرسمي الأميركي لكنه أعلن الموقف الرسمي الأميركي نيابة عن الإدارة الأميركية التي لا تريد الإفصاح عنه مباشرة، وذلك حتى "اللبيب من الاشارة يفهم"..
وفي شأن الحراك الفرنسي حول الوضع اللبناني يؤكد السياسي نفسه أن "هم الفرنسيين الأساسي في حراكهم اللبناني هو أن يتم التوافق على رئيس للجمهورية يستطيع التعاون مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي تتمسك باريس ببقائه في رئاسة الحكومة مع انطلاق عهد رئيس الجمهورية الجديد".
أما عما يمكن أن ينتج من "اللقاء الرباعي" الاميركي ـ الفرنسي ـ السعودي ـ القطري الذي سينعقد هذا الشهر في باريس أو غيرها، فإن السياسي نفسه، يكشف "أن الجانب القطري لن يشارك فيه، وإذا انعقد سيكون ثلاثياً ولكن ليس معلوماً بعد ما سيكون عليه مستوى الحضور الأميركي فيه"، غامزاً إلى احتمال ألّا يكون هذا المستوى رفيعاً.
على أن هذا السياسي يخشى من أن يكون لبنان على موعد مع "انهيار اكبر وأكبر" كلما طال الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، ويتوقف في هذا السياق عند زيارة الوفد القضائي الأوروبي للبنان تحت عنوان "ملف غسل الاموال" المتعلق بحاكم المصرف المركزي رياض سلامة فيقول: "الجميع ينتظرون أن تفرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان، ولكن الحقيقة قد تكون في مكان آخر، اذ ليس مستبعداً أن تفرض عقوبات على بعض المصارف اللبنانية التي لها فروع في أوروبا وحوّلت إليها أموالا مشكوك بنظافتها من مراكزها في بيروت، فهذه المصارف إذا ثبت تورطها فإنها ستخضع لعقوبات". ويكشف "أن اصحاب بعض المصارف قلقون جدا في هذا المجال، وقد تعاظم قلقهم منذ الإعلان الشهر المنصرم عن زيارة الوفد القضائي الاوروبي للبنان.
ويشير السياسي إلى أن الأوروبيين والأميركيين سبق لهم أن فرضوا عقوبات على مصارف في العالم ومنها بنك " HSBC" الذي أُجبر على دفع ملياري دولار عقاباً له على تبييض أموال لها علاقة بالمخدرات في المكسيك، وبالتالي "فإن ثبت لديهم أن أي مصرف لبناني حوّل أموالاً غير شرعية أوغير معروفة المصدر إلى فرع أو فروع له في الخارج فسيتعرض لعقوبات، ولهذا السبب يسود حالياً قلق شديد لهذه الناحية في بعض الأوساط المصرفية".