تُعتبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، مثل مخيم شاتيلا وغيره من المخيمات، أماكن تضم أعدادًا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون من ظروف معيشية صعبة للغاية بسبب النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي وظروف لبنان الاقتصادية المتدهورة. وعلى الرغم من كون هذه المخيمات ملاذًا للاجئين، فإنها في بعض الحالات قد تتحول إلى بؤر توتر تشهد على نشاطات غير قانونية تؤثر بشكل مباشر على المجتمع اللبناني.

أحد أبرز المشكلات التي تعاني منها المخيمات الفلسطينية في لبنان، هي تحول بعض المناطق إلى ملاذات لتجار المخدرات والأسلحة والمجرمين، حيث أصبحت بعض المخيمات وجهة المجرمين والهاربين من العدالة، مما ساهم في ازدياد حالة الفلتان الأمني.

التعرض للصليب الأحمر

وفي آخر مسلسلات المخيمات الفلسطينية في لبنان، تعرض متطوعو الصليب الأحمر اللبناني في نهاية الأسبوع المنصرم، لاعتداء مبرح على أيدي تجار المخدرات في منطقة محاذية لمخيم شاتيلا. وفي التفاصيل، دخل فريق الصليب الاحمر المؤلف من بهاء برجاس وكمال ابو ذياب وريان ابو ضرغام إلى شاتيلا لإنقاذ مريض وتعرضوا للضرب ولسرقة مقتنياتهم، كما سُرقت هواتفُهم المحمولة وجهاز كمبيوتر محمول بالإضافة إلى بطاقات الصليب الأحمر.

وقالت مصادر مقربة من اللجنة الأمنية الفلسطينية أن هناك مفاوضات جارية مع تجار المخدرات بناءً على طلب من مخابرات الجيش لاستعادة الأغراض المسلوبة. الملفت ان تجار المخدرات قد سلموا بطاقات الصليب الأحمر.

وقد تبيّن أن والد أحد عناصر الصليب الأحمر في المهمة يشغل منصب رفيع في الجيش مما أوحى لتجار المخدرات بأن الصليب الأحمر في مهمة استطلاعية لصالح المخابرات.

وتجدر الاشارة الى ان الامن في منطقة شاتيلا أصبح أكثر فلتاناً من قبل، اذ ان منطقة "الهنغار" الشهيرة التي شهدت مداهمات العام الماضي، عادت من جديد للعمل، وسرعان ما عادت هذه العصابات لتأسيس "إمبراطوريتها" من جديد بسبب ضعف المتابعة من المخابرات والجيش، مما أتاح للتجار إعادة بناء "الهنغار" مرة أخرى.

هذا الاعتداء يسلط الضوء على مدى ضعف الأمن في تلك المناطق وتهديد تجار المخدرات لوجود المؤسسات الإنسانية في المنطقة. وتظهر هذه الحادثة أن الأمن في منطقة شاتيلا أصبح أكثر فلتانًا من ذي قبل.

من جهته، اعتبر الناشط السياسي والمحامي د. زياد عقل، مؤسس جمعية يازا، في حديثه لموقع "الصفا نيوز" أنّ "الاعتداء على الصليب الاحمر هو الاعتداء على كل مواطن وعلى كل مريض وعلى كل محتاج نتمنى ان تتخذ الدولة إجراءات صارمة في هذا المجال وفي اسرع وقت".

الحلول المقترحة للتصدي لهذه الظاهرة:

تتطلب ظاهرة المخيمات الفلسطينية في لبنان، حلول جذرية وصارمة، حيث أنّ الوضع الأمني في لبنان لم يعد يحتمل أي صدمات، وهو على كافة بركان، ومن الحلول التي يقترحها عدد من الخبراء الذين تواصل معهم موقع "الصفا نيوز" نذكر:

1. تعزيز الأمن في المخيمات: يجب تكثيف وجود القوات الأمنية والعسكرية في المخيمات، وتحديدًا في المناطق التي تشهد نشاطات غير قانونية. ينبغي على السلطات اللبنانية تكثيف المراقبة والمداهمات للقضاء على العصابات التي تسيطر على هذه المناطق.

2. مشاركة المجتمع الفلسطيني: يجب إشراك القيادات الفلسطينية في المخيمات لضمان التعاون مع السلطات اللبنانية في مكافحة هذه الأنشطة الإجرامية. كما يجب تعزيز الوعي بين اللاجئين الفلسطينيين حول خطورة تأثير هذه الأنشطة على حياتهم ومستقبلهم.

3. حلول اجتماعية واقتصادية: أحد الأسباب التي تسهم في ازدهار النشاطات الإجرامية هو الفقر والبطالة في المخيمات. لذلك، يجب على الحكومة اللبنانية والمنظمات الدولية العمل على توفير فرص عمل وتدريب مهني للشباب الفلسطيني في المخيمات، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية لتوفير ظروف أفضل للعيش.

4. دعم المؤسسات الإنسانية: ينبغي توفير الحماية اللازمة للمؤسسات الإنسانية، مثل الصليب الأحمر، من أجل ضمان استمرار تقديم الخدمات الطبية والإغاثية للاجئين. الفلسطينيين. وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات صارمة ضد تجار المخدرات والمجرمين الذين يستهدفون هذه المؤسسات.

5. إعادة بناء الثقة بين المجتمع اللبناني والفلسطيني: ينبغي العمل على إعادة بناء الثقة بين المجتمعات اللبنانية والفلسطينية، من خلال التعاون بينهما في المجالات الأمنية والاجتماعية والإنسانية، وذلك من خلال تنفيذ برامج توعية مشتركة وتسهيل اندماج الفلسطينيين في المجتمع اللبناني بشكل قانوني وآمن.

إن معالجة هذه المشكلات لا تكمن في الحلول الأمنية فقط، بل في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لللاجئين الفلسطينيين في لبنان. فلا بد من معالجة هذه القضايا بشكل شامل ومتعدد الجوانب، من خلال العمل الجماعي بين السلطات اللبنانية والمنظمات الدولية والفلسطينية لضمان حياة آمنة وكريمة للاجئين والمجتمع اللبناني على حد سواء.