في عالمٍ تحكمه الشاشات وتُهيمن عليه الإشعارات، باتت الهواتف الذكية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. لكن ماذا لو تخلينا عنها لبضعة أيام فقط؟ كشفت دراسة حديثة أنَّ الابتعاد عن الهاتف لمدة 72 ساعة يمكن أن يُحدث تغييرات جوهرية في الدماغ، ويعزز التركيز ويقلل من التشتت، مما يسلط الضوء على التأثير العميق لهذه الأجهزة على قدراتنا الذهنية.
أُجريت الدراسة في جامعة رون الألمانية، حيث طُلب من مجموعة من المشاركين التخلي تمامًا عن هواتفهم الذكية لمدة 72 ساعة، بينما استمرت مجموعة أخرى في استخدامها بشكل طبيعي. وبعد انتهاء التجربة، خضع المشاركون لفحوصات دماغية واختبارات معرفية كشفت عن تحسنٍ واضح في قدرة المجموعة الأولى على التركيز وأداء المهام من دون تشتيت. فيما أظهرت النتائج انخفاضًا في مستويات التوتر وزيادة في التواصل الاجتماعي الواقعي.
وأوضحت الدراسة أن الاستخدام المستمر للهواتف الذكية يعيد تشكيل الدماغ بطرقٍ قد تضر بالقدرة على الانتباه العميق. فعلى سبيل المثال، عند تلقي إشعارات متكررة، يعتاد الدماغ على حالة التأهب المستمر، مما يُضعف القدرة على التركيز لفترات طويلة. بالمقابل، أدى الابتعاد عن الهواتف إلى إعادة ضبط الأنماط العصبية، مما سمح بعودة الدماغ إلى حالته الطبيعية.
ويرى الباحثون أن هذه النتائج قد تكون مهمة في ظل تصاعد القلق بشأن تأثير التكنولوجيا على الصحة العقلية، بينما يقترحون تجربة "صيام رقمي" لبضعة أيام كوسيلة فعالة لتعزيز الأداء الذهني وتحسين جودة الحياة.
في ظل هذه النتائج، هل يمكننا بالفعل التفكير في وضع هواتفنا جانبًا لبعض الوقت، أم أن الارتباط بها بات أقوى من أن يُكسر؟