لم يعد مخفيًّا على أحد أنّ الفرعون المصريّ محمّد صلاح أصبح أقرب من أيّ وقت مضى إلى إحراز جائزة الكرة الذهبيّة الّتي تمنح لأفضل لاعب كرة قدم على صعيد العالم.

فما يصنعه محمّد صلاح مع ليفربول الإنكليزيّ هذا الموسم هو أشبه بالأفلام الخياليّة، إذ إنّ النجم المصريّ خطف كلّ الأضواء هذا الموسم وحوّل فريقه ليفربول إلى قوّة ضاربة جرفت في طريقها إلى صدارة الدوري الإنكليزيّ ودوري الأبطال أبرز الأندية في بريطانيا وأوروبّا.

ولم يكن في إمكان فريق ليفربول أن يتصدّر بطولة الـ"بريمير ليغ" بـ56 نقطة من 23 مباراة فقط وكذلك دوري الأبطال لو لم يكن في قيادة خطوطه الهجوميّة الفرعون المصريّ محمّد صلاح الّذي أصبح في رصيده 178 هدفًا في الدوري الإنكليزيّ، ليكون ضمن أفضل 6 هدّافين في تاريخ البطولة الإنكليزيّة الأشهر في العالم.

فمحمّد صلاح يقدّم هذا الموسم أفضل أداء له، إذ إنّه يتصدّر ترتيب الهدّافين بـ 21 هدفًا في 23 مباراة فقط ليتفوّق بفارق هدفين عن النرويجيّ إيرلينغ هالاند وخمسة أهداف عن نجم نوتنغهام فوريست النيوزيلنديّ كريس وود. ولم يكتف محمّد صلاح بتحطيم أرقام الهدّافين بل سيطر أيضًا على منافسات التمريرا ت، فهو يتصدّر كذلك ترتيب أفضل الممرّرين بـ 14 تمريرة حاسمة، متقدّمًا بفارق 4 تمريرات حاسمة عن بوكايو ساكا نجم الأرسنال.

ويعتبر محمّد صلاح في الموسم الحاليّ اللاعب الأفضل على مساحة الكرة الأرضيّة، إذ إنّه يكتسب كلّ صفات النجوميّة وليس فقط من ناحية التهديف أو التمرير، إنّما أيضًا عبر فرض قيادته على أرض الملعب ليكون تواجده بين زملائه عاملًا معنويًّا وعنصر ثقة بين صفوف رفاقه.

فمحمّد صلاح الّذي يقترب بخطى ثابتة من إحراز الكرة الذهبيّة، سيكون اللاعب الأوّل في تاريخ كرة القدم العربيّة الّذي يصل إلى هذا المستوى في الرياضة وكرة القدم، لأنّ نجوميّته لم تأت بالصدفة بل بعد سنوات عدّة من التعب والجهد والقهر.

فبدايات الفرعون المصريّ محمّد صلاح (34 عامًا) كانت أشبه بالروايات، فهو عاش كلّ الصعوبات عند بداية مسيرته قبل 15 عامًا، حين فشل في إقناع نادي الزمالك بالتعاقد معه، فكان نادي "المقاولون العرب" المغمور هو محطّته في مصر يتنقل منه وإليه بين محطّة وأخرى في القطارات في رحلة يوميّة تستغرق خمس ساعات من الوقت، وكان يحلم خلالها أن يصبح يومًا نجمًا عالميًّا مثل الفرنسيّ زين الدين زيدان أو الإيطاليّ فرانشيسكو توتي.

ويعتبر محمّد صلاح أنّ عام 2011 كان منعطفًا في مسيرته الاحترافيّة عندما كان في الاسعة غشرة من عمره فاستُدعِي ليلعب مع منتخب مصر وشارك للمرّة الأولى دوليًّا أمام منتخب سيراليون، وتمكّن من تسجيل هدفه الأوّل مع منتخب مصر لتتغيّر حياته كلّها رأسًا على عقب.

ومع انطلاقته مع منتخب مصر وتألّقه مع "المقاولون العرب"، جاءت فرصته بالانتقال إلى أوروبّا إلى فريق بازل السويسريّ بتجربة لم تكن سهلة أبدًا، إذ إنّه انتقل من عالم يضجّ بالحياة إلى عالم هو النقيض تمامًا من النواحي كافّة.

من هنا، بدأ محمّد صلاح العمل على تطوير نفسه في الملاعب وخارجها، فعمل على تقوية لياقته البدنيّة ومهاراته في كرة القدم بالموازاة مع تعلّم اللغة الإنكليزيّة والتأقلم مع المجتمعات الغربيّة.

أمّا المحطّة الّتي لن ينساها أبدًا، فهي عندما شارك مع فريقه بازل السويسريّ في دوري الأبطال، حيث كانت مجرّد المشاركة حلمًا صعب المنال.

ومع انطلاقته الأوروبّيّة ضمن دوري الأبطال، تغيّرت حياته لينتقل من سويسرا إلى نادي تشلسي اللندنيّ في عام 2014 في تجربة لعام واحد ضمن نادٍ من كبار أوروبّا، لينتقل بعدها إلى العاصمة الإيطاليّة روما ليلمع مع فريقها بشكل كبير ويلفت الأنظار وتتبدّل حياته بشكل كامل فيصبح بين ليلة وضحاها من نجوم كرة القدم الأوروبّيّة. وكانت اللحظة المنتظرة في حياته عند انتقاله إلى فريق ليفربول في موسم 2017-2018 ليصنع معه تاريخًا جديدًا له وللفريق الإنكليزيّ الّذي يعتبر من الأعرق في العالم.

وشاء القدر أن يسجّل محمّد صلاح في موسمه الأوّل 32 هدفًا في الدوري الإنكليزيّ ليدخل قلوب عشّاق كرة القدم كأبرز هدّافي القارّة الأوروبّيّة ويحطّم الأرقام ويقود ليفربول إلى إحراز لقب دوري الأبطال والدوري الإنكليزيّ ويصل مع انطلاق هذا الموسم إلى السنة الأخيرة من عقده مع فريقه الـ"ريدز" ليحلّق معه في صدارة الدوري ويصبح الرقم واحد في العالم ومحطّ أنظار الفرق كلّها، حيث تفرش له كلّ الأندية الرنّانة في العالم الورود وكذلك الدوري السعوديّ الّذي حطّم بين يديه كلّ الأرقام القياسيّة، أبرزها من فريق الهلال مع راتب سنويّ يصل إلى 60 مليون دولار في الموسم الواحد، لكنّ الفرعون قد يريد صنع المزيد من الانتصارات كما الأرقام مع فريقه ليفربول.

والأسابيع المقبلة ستكون حتمًا الحدث الشاغل لمعرفة من سيكسب توقيع اللاعب الأبرز في العالم والأكثر تواضعًا أيضًا.