تصدّرتْ تصاميم علي فاعور مواقع التّواصل الاجتماعي، وكانَ قد تحوّل أحدُ تصاميمه لطابع رسمي لدى وزارة الاتصالات الفلسطينيّة. سطعَ نجمهُ عبرَ تصاميم تُحاكي الواقع عقبَ "طوفان الأقصى".
يقولُ غسان كنفاني: "ليسَ المهم أن يموتَ الإنسانُ قبل أن يحقّقَ فكرتَهُ النّبيلة، بل المهم أن يجدَ لنفسِهِ فكرةً نبيلةً قبلَ أن يموت". وجدَ المصمّمُ الفلسطيني علي فاعور فكرتَهُ النّبيلة من خلال تصاميمٍ تنتشرُ في كلِ حدبٍ وصوبٍ، لا سيّما بعدَ طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول. فكما تعرّفنا إلى معتز عزايزة، صحافياً من غزة، نجدُ أيضاً علي فاعور شاباً فلسطينياً يجسدُ الواقع عبر التّصاميم المتنوّعة، كتلكَ التي انتشرت وعبّرتْ عن إجرامِ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتّصاميم التي تعكسُ الواقع المؤلم لغزة وما يعيشهُ أهلها وبشكلٍ خاص الأطفال، لكنّ علي الذي التقاه "الصفا نيوز" يقولُ إنّ أقربَ تصميمٍ إلى قلبه بعنوان "إللي خلّف ما مات"، في إشارةٍ إلى توارثِ الثّورة من جيلٍ إلى آخَر.
تعلّمتُ التّصميم من "يوتيوب"
علي فاعور، شابٌ فلسطيني عصامي، يعيشُ في لبنان، كحال مئاتِ الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين منذُ النكبة، استطاعَ أن يتعلّمَ فنّ التّصميم لوحدِهِ بِلا جامعة وبِلا تخصّص، بل عبرَ فيديوهات "يوتيوب"، وأصبحَ اسمهُ لامعاً في مجال الفن الفلسطيني تحتَ بندِ التّصميم. قبلَ سنواتٍ، ضمّتْ وزارةُ الاتصالات الفلسطينية وهيئةُ مقاومة الاستيطان أحدَ تصاميمِهِ إلى طوابع الوزارة، وكتبَ عنهُ موقع "0404" العبري بأنهُ "مُعادي للساميّة". نالَ شرفَين، الاتهام الإسرائيلي ونصرة قضايا الشّعبِ الفلسطيني في الدّاخل والشّتات.
لا يوجد أبشع من الواقع المُعاش، لكنّ فاعور استطاعَ بتصميماتٍ عديدةٍ أن يجمعَ لقطاتٍ برموزٍ معروفة، وينسجُ منها مشهداً متكاملاً يخاطبُ عبرَهُ الضّمائر والعقول، ويُحرّض على عدم نسيانِ الآلم ويؤكّدُ على أحقيّة الأرض والقضيّة. يقولُ فاعور إنّهُ يقاومُ الاحتلالَ عن طريقِ فنِّ التّصميم، و"يستمدُ أفكارَهُ من الواقع، لكن لا يكتفي بنقلِ الحدثِ فقط، بل يبتكرُ أحياناً أُخرى شخصياتٍ افتراضيّة، تتقاطعُ مع الواقع". ويتحدّثُ المصمّمُ الفلسطيني عن أنّ الرّمزيّة في التصميم ضروريّة، سواء البندقية أو الكوفيّة أو مفتاح العودة، لكن في كلِ مرّة يضعُ الرّمزَ في إطارٍ مختلفٍ، فعلى سبيل المثال: "بإمكاني أن أستخدمَ الكوفيّةَ في تصاميمٍ عن الرّمز ياسر عرفات، وبإمكاني استخدامَها لأتحدّث عن نضالِ شعبي، وبإمكاني أيضاً وضعَها لتعبّر عن الإنسانِ القروي الذي يحرثُ أرضَهُ ويتمسّك بها رغم كلّ شيء. الكوفية موجودة في تصاميمٍ عديدةٍ، لكن كلَّ تصميم يحملُ فكرةً مختلفةً".
يضعُ المصمّمُ الفلسطيني الموهوب عملَهُ في خانةِ النّضالِ الفنّي والإعلامي، ورغم أنّ "فلسطين" تطغى على تصاميمه، لكنّهُ يحاولُ التّنويعَ بأفكارِه كي تؤمّنَ هذهِ الحرفة مدخولاً مادياً إضافياً لهُ من خلال العمل الخاص بعيداً عن تصاميمِ القضيّة، بالإضافةِ إلى عملهِ في قناةِ "فلسطيننا".
"ميتا" تغلقُ حساباته
ألغتْ شركة "ميتا" حسابات فاعور لمرّتين عبرَ "فيسبوك" و"انستغرام" ويتعرّضُ لهجومٍ كبيرٍ من "الذباب الالكتروني"، ويقول: "رغمَ ذلك أُحاولُ التملّصَ من الملاحقةِ والتبليغات العديدة على تصاميمي التي تُتهّمُ بأنها تروّجُ للعنف، فأتبعُ إجراءاتٍ محاربِةً للخوارزميات كأي صاحب محتوى مناصر للقضيّة الفلسطينيّة".
وبالإضافة إلى الطوفان، اشتهرَ الشّابُ الفلسطيني من خلالِ تصاميمِهِ عن الرّئيس الرّاحل ياسر عرفات، وسطعَ نجمهُ لبنانيّاً ناقلاً معاناة اللاجئ الفلسطيني في المخيّمات التي تمتلئُ بتصاميمِهِ على الجدران، كذلك يتابعُ الإضاءةَ على الرموزِ والمبدعينَ الفلسطينيين، وينقلُ في تصاميمِهِ دوماً قصصَ الأطفال والنّساء والشّيوخ والمقاومين، الذين لا ينكسرون.
المسيرة مستمرة
يتمنى علي فاعور أن تجمعَ نقابةٌ جميعَ المصمّمين الفلسطينيين لتنظيمِ عملِهِم وتطويرِ أفكارهِم، ويؤكّدُ أنهُ لا يسعى لأن ينافسَ أحداً بل يطرحُ رؤيتَهُ التي طوّرها بأدواتِه عبرَ سنواتٍ عديدةٍ، ويتطلّعُ لمزيدٍ من النّجاح عاكساً دوماً الصّورةَ الفلسطينية المصمِّمة على البقاء والانتصار رغمَ الويلات، ويختمُ بالقول: "المسيرة مستمرة حتى إن قتلتْ إسرائيل الآلاف منّا لكننا سنبقى صامدين وسننقلُ الرّسالةَ ونحافظُ على القضية جيلاً بعدَ جيل".