أيّا تكن نتيجة ما سيجري بعد ساعات تبقى الخلاصة واحدة، الهوّة بين المجتمعين ستحصد أعلى نسبة من الأصوات، الشرخ سيفوز مجدداً، بل سيتعمّق. الجلسة اليوم يمكن تشبيهها بمعركة من معارك الحرب الأهلية اللبنانية التي لم تنتهِ باتفاق الوفاق الوطني، بل تحوّلت من عسكرية إلى إقصائية إلى مالية اقتصادية وها هي اليوم تبحث عن شكل جديد.
بالإذن من صاحب الشعار الوزير السابق وليد جنبلاط، لطالما وجد اللبنانيون أنفسهم عند مفترق طرق، وغالباً هي مفترقات مصيرية، فيتحوّل شعار الوحدة الوطنية إلى ما يشبه الوحدات السكنية التي تضيق على ساكنيها فتخنقهم فيخرجون منها على ما حولهم بحثاّ عن ملعب أكبر. وتنزل المجموعات الوطنية عبر ممثليها في الأحزاب والمجالس إلى ساحة اللعب، ولكلّ مجموعة جمهور ولكنّ اللعب هنا تغيب عنه الأخلاق الرياضية. وبين اللاعبين المحلّيين من راهن بكلّ ما يملك ومنهم من يستميت لتحقيق فوز ما، فيما جماهير الفرق المتقابلة ينتظرون صافرة الحكم لتحويل المدرّجات إلى ساحة معارك. وإن كان جمهور الفرق يراقبها إلّا أنّها تراقب الجمهور الذي لم يحسم قراره بالرهان على فريق من الفرقاء، وإلى جانب الجمهور "الرمادي" يستقطب جمهور البعثات الدبلوماسية اهتمام اللاعبين كأفراد أكثر منهم كفرق.
كم سينال أزعور وبكم سيخرج فرنجية من أصوات في الجولة الأولى
اللبنانيون اليوم على موعد مع صافرة الحكم تعلن انطلاق المباراة ولا داعي للتحمية فاللاعبين كما جماهيرهم على أحرّ من الجمر لاستعراض قوّتهم، ويُخشى إن لم تنطلق المباراة أن يشتعل الجمهور من شدة الحماس. وحتى اللحظة يبدو سيناريو تأجيل المباراة أو تعليق انعقاد الجلسة مستبعداً لأسباب متنوعة. الجميع ينتظر مطرقة رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي ينتظر بدوره تعداد اللاعبين والحضور في أوّل جلسة، فإن اكتمل النصاب وبدأت عملية التصويت فهناك من يحسب كلّ نفس قبل أن يتحوّل إلى صوت، كم سينال الوزير السابق جهاد أزعور وبكم سيخرج الوزير السابق أيضاً سليمان فرنجية من أصوات في الجولة الأولى. ومع تعداد الأصوات يتحوّل برّي من راصد لمرصود، والعيون على يده ومطرقته تعلن انفضاض الجلسة بعد تطيير النصاب. وفي البرلمان لا يخسر من ينسحب بل غالباً يستعدّ لجولة أخرى في توقيت آخر.
لغة التخوين وتصوير فوز أحدهم وكأنّه اجتياح العدو للأراضي اللبنانية
أيّا تكن نتيجة ما سيجري بعد ساعات تبقى الخلاصة واحدة، الهوّة بين المجتمعين ستحصد أعلى نسبة من الأصوات، الشرخ سيفوز مجدداً، بل سيتعمّق. الجلسة اليوم يمكن تشبيهها بمعركة من معارك الحرب الأهلية اللبنانية التي لم تنتهِ باتفاق الوفاق الوطني، بل تحوّلت من عسكرية إلى إقصائية إلى مالية اقتصادية وها هي اليوم تبحث عن شكل جديد.
وفي آخر تجلّيات الانقسام الحاد، لغة التخوين وتصوير فوز أحدهم وكأنّه اجتياح العدو للأراضي اللبنانية أو انكسار لطائفة بأمّها وأبيها، أو انتزاع صك ملكية من دون وجه حق ووهبه لغير مستحق. قائد القوات اللبنانية سمير جعجع رد على كلام منقول عن بري وفيه أنه يمكن تأجيل الجلسة إذا طلب البطريرك الماروني بشارة الراعي ذلك وأنه لم يعد بوارد الدعوة إلى حوار بعد ترشيحه سليمان فرنجية بحيث أصبح طرفاً ولم يعد حكماً. وتوجه جعجع عبر تويتر إلى بري بالقول: دولة الرئيس نبيه بري، الحوار لا يكون بأن يقوم فريق بعينه في اختيار مرشّح على ذوقه ودعوة كلّ الآخرين للحوار لانتخابه. من جهة ثانية، نحن بصدد انتخابات رئاسية وليس تفاهمات عشائرية.
وكان تكتّل الجمهورية القوية عقد اجتماعه الدوري أمس برئاسة جعجع وأكد "أوّلاً، على ضرورة أن تكون جلسة 14 الجاري، الجلسة النهائية التي تُفضي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتحميل كل مَن يُفقِد النصاب مسؤولية استمرار الشغور وانعكاساته على البلد على الصعيدين المالي والسياسي". وجدّد التكتّل تأكيد قراره السابق "التصويت للمرشّح أزعور في جلسة 14 الجاري، كما يدعو نواب المعارضة جميعهم، خصوصًا الذين لم يتّخذوا موقفًا حتى الساعة، إلى التصرُّف بحكمة ومسؤوليّة لإنجاز هذا الاستحقاق في هذه الجلسة بالذات".
وعلى صعيد نوّاب المعارضة أعلنت كل من بولا يعقوبيان ونجاة صليبا تبنّي ترشيح أزعور. وكان سبقهما إلى ذلك عدد آخر من النواب منهم مارك ضو الذي أكد خلال حوار تلفزيوني أمس الأول أنه سيعطي صوته لأزعور أيضاً.
باسيل: الذي لا يلتزم بقرار التيار يكون قد خرج
كذلك، أطلّ باسيل في كلمة متلفزة عقب انتهاء اجتماع تكتل لبنان القوي معللاً أسباب دعم التيار الوطني الحر لأزعور، قائلاً: " كان من بين الأسماء المقبولة من التيار لكنه ليس المرشح الأفضل بالنسبة لنا"، ورافضاً في الوقت نفسه " نعتنا بالخونة بمجرد اننا اختلفنا بموضوع الرئاسة".
وأضاف باسيل عن مسألة الرهان على تمرد بعض أعضاء تكتله: "الحقيقة أنّ الذي لا يلتزم بقرار التيار يكون قد خرج عن وحدة التيار وقوته وهيبته، وهذا ما سوف يرتب اجراءات بحسب نظامنا الداخلي، وأنا لا ارى ذلك حاصلاً بعد الذي سمعته من الزملاء النواب لأنني أراهن على تياريتهم واخلاقهم والتزامهم الذي هو اقوى من أيّ أنو آخر".
وشدد على أنّ " تفاهم مار مخايل لم يسقط، لكنه ليس بخير لذا وصفناه أنّه واقف على رجل واحدة"، خاتماً: " إن جلسة الغد ليست نهاية العلاقات والتفاهمات، بل هي بداية مسار للحل، وليس من مصلحة أحد تطيير الجلسة قبل انعقادها، او افتعال مشكلة في بدايتها كفتح النقاش على مواضيع مثل ميثاقية الجلسة، أو التلاعب بالأوراق والأصوات. دعوا النتيجة الفعلية تظهر لنبني عليها مستقبلاً حالاً بالحوار وليس بالفرض، ودعوا اللعبة تتم بروح ديموقراطية لبنانية، ومهما اختلفنا سنعود للتفاهم وبناء المستقبل والوطن معاً".
في المقابل، ترأس بري اجتماعا لكتلة "التنمية والتحرير"، حيث جرى البحث بالاستحقاق الرئاسي وجلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة اليوم، كما جرى البحث بالعديد من الملفات الاخرى.
وأكدت الكتلة رفض ما اعتبرته "محاولات البعض تحويل الإستحقاق الدستوري الرئاسي الى متراس لإستحضار مصطلحات العزل والتخوين"، محذرةً من "مخاطر محاولات البعض اليائسة لتحويل هذا الإستحقاق الدستوري والديموقراطي والبرلماني إلى محطة للتخندق خلف محاور الإنقسام المذهبي والطائفي البغيضين من خلال إحياء مصطلحات العزل لهذا المكون أو التخوين لمكون آخر"، ودعت "جميع القوى السياسية والكتل البرلمانية والزملاء النواب والإعلام بوجوب التحلّي بالمسؤولية الوطنية في مقاربة هذا الإستحقاق وسواه من الاستحقاقات الاخرى".