ظهرت "بولت" على السّاحة اللبنانية وفي بيروت تحديداً وهي عبارة عن تطبيق يُمكّن المقيمين في العاصمة وضواحيها استخدام هواتفهم المحمولة لطلب تاكسي (سيارة/موتو) في ثوانٍ معدودات
مع توالي مسلسل الأزمات التي رافقت حراك 17 تشرين الأول 2019، راح غالبية الشعب اللبناني يُفتش عن بدائل معيشية في كل الاتجاهات أملاً بالخروج من الأزمة بأقلّ خسائر ممكنة. ولأنّ هذا الشعب مُجترحٌ نهمٌ للحلول والبدائل، اختار من بين ما يعوز في تنقّله اليومي بديلاً عن السيرفيس والتاكسي التقليدية وحتى التنقّل بسيّارته الخاصّة، وقرّر النزول عن عرش رفاهيته قليلاً لمجاراة الواقع، إيماناً منه بأنّ الأزمة لن تطول كثيراً، فظهر "التوك توك" و"الموتو تاكسي" وغيرها من خدمات التنقل الشعبية في دول العالم الثالث.
وبالتوازي مع تدنّي قيمة "الرواتب" في القطاعين العام والخاص والمترافقة مع نِسب جنونية من التضخم والانكماش الإقتصاديين، باتت بدائل النّقل في بلد لا "نقل عام" فيه، ملاذاً للرّاغبين بالتنقّل من جهة، وللباحثين عن مدخولٍ ثانٍ لزيادة مداخيلهم من جهة ثانية (غالبية العاملين فيها من موظفي القطاع العام).
وفي تموز 2020 وعلى غرار آلاف المدن في مختلف دول العالم، ظهرت "بولت" على السّاحة اللبنانية وفي بيروت تحديداً وهي عبارة عن تطبيق يُمكّن المقيمين في العاصمة وضواحيها باستخدام هواتفهم المحمولة لطلب تاكسي (سيارة/موتو) في ثوانٍ معدودات، فما على الراغب فعله سوى فتح التطبيق وتحديد موقعه بشكل تلقائي، ثم الوجهة التي يقصدها وبعدها تظهر كلفة التوصيل وأقرب السائقين إلى الموقع مع بعض بيانات السائق، بالإضافة إلى تحديد الكلفة المتوجّب دفعها والوقت الذي يحتاجه "المشوار".
موتو بايك الأشهر بين خدمات بولت: انخفاض في الكلفة والسرعة في التوصيل
سهولة استخدام التطبيق وانخفاض تكلفة الرحلة والسرعة في تلبية الطلبات، كلها عوامل صبّت في اتجاه انتشار التطبيق بين غالبية موظفي القطاعين العام والخاص، الذين قرروا بمجملهم الاستغناء عن السيرفيس العادي لارتفاع الأسعار وتفاوتها بين "شوفير" وآخر، إذ يحدد التطبيق السّعر قبل الموافقة على "التوصيلة". وعامل آخر لا يقل شأناً عن باقي الدوافع هي الزحمة الخانقة التي تشهدها شوارع بيروت المتهالكة بعض الشيء في ساعات الذروة (دوام الموظفين والمدارس).
فمن الطبيعي أن يفضّل الموظف براتب شهري لا يتجاوز الـ 25 مليون ليرة، الركوب على دراجة نارية (بولت موتو) ليصل ويعود من عمله بـ 300 ألف ليرة بدلاً من مليون ليرة (500 ألف ليرة ذهاباً و500 إياباً) مثلاً، وهذا حال حارس أحد الابنية وسط العاصمة.
بضغطة زر تصبح موظفاً ضمن فريق بولت!
في المقابل، توجّه عدد كبير من موظفي القطاع العام الذين يملكون الدرجات النارية (عناصر أسلاك عسكرية بغالبيتهم)، إلى التسجيل كسائقين عبر المنصّة علَّها تكون "البحصة" التي تسند خابية مصاريفهم والتزماتهم الشهرية التي تفاقمت بفعل ارتفاع سعر صرف الدولار من جهة، وتدنّي قيمة رواتبهم ومعها قدراتهم الشرائية من جهة ثانية. وفي حين أكدت الشركة في تموز 2020 التزامها عدم فرض أي رسوم على السائقين لمدة ستة أشهر، فإنها ورغم انقضاء أكثر من سنتين و5 أشهر على ذلك لم تفرض أي ليرة على السائقين.ويمكنك ان كنت تملك دراجة نارية أن تسجل للعمل عبر "بولت" من خلال ابراز بعض الأوراق الثبوتية (أوراق ملكية الدراجة النارية وبطاقة الهوية ورخصة قيادة ورقم حساب بنكي وبعد الأمور الاجراءات البسيطة وبعدها بضغطة زر تصبح موظفاً ضمن فريق بولت).
يأتي ذلك كلّه، في ظلّ غياب أي أفق للحلول في قطاع النقل رغم استلام وزارة النقل والأشغال العامّة هبة فرنسية من 50 باصاً، إلّا أنّها ركنت في عهدة مصلحة "سكك الحديد والنقل المشترك" لصعوبات مالية ولوجستية، منها ما خرج إلى العلن ومنها ما يزال مبهماً حتى هذه اللحظة.