في يومنا هذا أصبحوا قلّة من يتذكّرون الرجل ويستعيدون تاريخه، على الرغم من أن قلّة في تاريخ لبنان كانوا زاهدين بالسلطة مثله. كان اسمه وانجازاته مادة لمؤلفات عدّة أهمها ما كتبه الكاتب نقولا ناصيف تحت عنوان "جمهورية فؤاد شهاب" الصادر عن دار النهار. يروي الكتاب الكثير من الوقائع التاريخية ويتوقف عند أهمّ المحطات والتحدّيات التي عرفها الرئيس شهاب، ويتحدث عن لبنان من خلالها.
كم هو محزن أن نستذكر رحيل الرئيس اللواء فؤاد شهاب في مثل هذا اليوم من العام 1973، في وقت تغدو فيه البلاد دون المؤسسات التي بدأت تتبلور وتتشكّل في عهده. ويحلو للبعض القول إن كان من مؤسسات في لبنان، فشهاب هو الذي وضع حجر الأساس لها، ولكن أين دولة المؤسسات أو مؤسسات الدولة في يومنا هذا؟
أول قائد للجيش اللبناني بعد الاستقلال، وأول قائد يصل إلى سدّة الرئاسة بفعل توافق دولي إقليمي ومحلي، بفعل انقسام محلي جعل من مسألة التوافق الداخلي على انتخاب رئيس مسألة شبه مستحيلة، وما أشبه اليوم بالأمس. تبدو المقارنات مفيدة جداً في وقت يبحث الخارج في موضوع الرئاسة مع طرح اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون وينافسه سليمان فرنجية الحفيد، أمّا سليمان فرنجية الجدّ فكان منافسا للشهابية المتمثلة بالياس سركيس. فهل يفوز الحفيد اليوم على قائد الجيش، أم قائد الجيش على الحفيد؟
في يومنا هذا أصبحوا قلّة من يتذكّرون الرجل ويستعيدون تاريخه، على الرغم من أن قلّة في تاريخ لبنان كانوا زاهدين بالسلطة مثله. كان اسمه وانجازاته مادة لمؤلفات عدّة أهمها ما كتبه الكاتب نقولا ناصيف تحت عنوان "جمهورية فؤاد شهاب" الصادر عن دار النهار. يروي الكتاب الكثير من الوقائع التاريخية ويتوقف عند أهمّ المحطات والتحدّيات التي عرفها الرئيس شهاب، ويتحدث عن لبنان من خلالها.
لا يغيب عن المقالات التي تناولت مسيرة شهاب جملة "شو بيقول الكتاب"، في إشارة إلى التزامه بالدستور كسبيل لممارسة الحكم حين تلوح بوادر خلاف أو اختلاف. كم هو غريب الحديث عن الدستور اليوم وهو الذي تحوّل بعد اتفاق الطائف إلى نصوص غير واضحة المعالم، حين يختلف اثنان حوله يقال أنّ المداولات في عهدة رئيس المجلس النيابي الراحل حسين الحسيني، ولكن من يملك الوصول إليها وفكّ أحجياتها؟، تلك هي المشكلة.
وعند الحديث عمّا أنجزه "الحكم الشهابي" كما أسماه خصومه ومن دون إغفال القضايا السياسية والأمنية والحروب والانقلابات التي حلّت بالمنطقة، يمكن التوقف عند بعض الأمثلة والنماذج والتي لا زالت فاعلة حتى يومنا هذا وأهمها: إنشاء مصرف لبنان المركزي وتدشين بنائه، المجلس الوطني للبحوث العلمية، المشروع الأخضر، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تعاونية موظفي الدولة، مصلحة الإنعاش الاجتماعي، معرض طرابلس الدولي، مجلس تنفيذ المشاريع الكبرى، مكتب الفاكهة، مكتب القمح،هيئة التفتيش المركزي، ومجلس الخدمة المدنية.
كما عرف العهد الشهابي بوضع العديد من القوانين ومنها: وضع قانون النقد والتسليف، قانون التنظيم المدني الشامل لكل لبنان، قانون تنظيم التعليم العالي، ويضاف إلى هذه القوانين الكثير من الإنجازات في مجالات مختلفة.
هو عهد رجل قدّم استقالته وعاد عنها ليكمل عهده، هو الذي رفض تمديد ولايته الرئاسية، هو الذي رفض تعديل الدستور للسماح له بالترشح مجدداً، وغادر القصر الجمهوري عائداً إلى منزله.
يستحق الرجل في ذكرى رحيله استذكاره واستذكار إنجازاته رغم كل الملمّات. رغم مرور نصف قرن على رحيله، لا يزال اسمه حاضراً حين يُحكى عن دولة أو مؤسسة أو إنماء، لا يزال اسمه حاضراً حين يُحكى عن دولة قوية وأمن مستتب.
ربما من الظلم أن نقارن زعماء اليوم برجالات الأمس وتحديداً رجالات الاستقلال، أمثال فؤاد شهاب ورياض الصلح، مع كل التغيرات التي طرأت وعلى كل الصعد، مع تغيير المقاربات والمفاهيم، مع كل هذا التطور وثورة المعلومات والانترنت وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي. لكن من الضروري أن يستلهم من هم في السلطة اليوم من نهج من مروا وتركوا بصمة في تاريخنا، فلنتعلم من نجاحاتهم ومن أخطائهم.
الماضي..... دروس وعبر، لعلّنا نبني وطناً أفضل لنا ولأبنائنا وأحفادنا من بعدنا.