علي شكر

الأقرب إلى الواقع هو الأقرب إلى النجاح والقلب معاً، لا بل يأخذ حصّة الأسد من انتباه المُشاهد حتى وإن كان موجعاً. وهذا ما حصل فعلياً في مشهد من مشاهد مسلسل "النار بالنار"، الذي يتناول جانباً من أزمة لبنانية - سورية تمتد لسنوات طويلة، وتتمثل بالتواجد السوري عسكرياً في لبنان منذ العام 1976 وحتى العام 2005، و"مدنياً" (نازحون) منذ بدء الحرب السورية عام 2011 وحتى يومنا هذا.

https://www.youtube.com/watch?v=_-C7qT58NmE

خلال الساعات القليلة الفائتة، انتشر مشهد مقتطع من الحلقة الخامسة بشكل كبير جداً عبر مواقع التواصل الإجتماعي، والذي جسد بطولته كل من الممثل اللبناني جورج خباز والممثلة السورية كاريس بشار، حيث تناول سجالاً دار بينهما على خلفية تعليق خباز (الجانب اللبناني) لافتة تحذر السوريين من التجوّل بعد الساعة الثامنة مساءً في أحد أحياء بيروت، ما أدى إلى استفزاز بشار، لتقول: "مين الحمار يلي حطها هَي"؟

سؤال بشار كان كفيلاً باستفزاز كل مشاهد لبناني، إلا أنَّ ردّ خباز وضع المشهد على سكته "العنصرية" الصحيحة، قائلاً: "انتو جايين هيك وقحين ما عندكن جنس الحيا، إلك عين تحكي؟ ماضيكن معنا بشع وحاضركن على ابشع، انا مَحَلك بحط راسي بالأرض". لترد بشار: "أول شي مو نحنا اجيناكم بكيفنا انتو اللي بعتو ورانا، وتاني شي لولانا كنتو هبّرتوا بعض".

https://twitter.com/Mariam__967/status/1640685500024471556

المشهد لخصَّ الأزمة وعرضها من زوايتَي الرؤية السورية واللبنانية، ووضعها في ميزان لا ترجح كفَّته لجهة دون أخرى، ساحباً في الوقت نفسه أي ذريعة لاتهامات أو أحكام مستقبلية، لأن من يلعب الأدوار هم المعنيّون بالأزمة تحديداً.

فالتواجد السوري العسكري في لبنان والذي امتد لنحو 3 عقود زمنية (1976-2005)، ترك في نفوس غالبية اللبنانيين الذي عايشوا تلك الحقبة ندوباً تشبه "بشاعة" أفعال "المستعمرين" من فرض نفوذ وخوّات وغيرها، فيما لم يكن التعاطي اللبناني مع النازح السوري بعد فترة (بعد أربع أو خمس سنوات) يرقى لأن يكون "إنسانياً"، ففرض حظر التجول واستغلال النازحين في عمليات البيع والشراء والإيجار نظراً للمساعدات الكبيرة التي كان يتلقاها النازح من "الأمم".

 في غضون ذلك، أثنى المشاهدون على أداء كل من خباز وبشار من جهة، وعلى النّصّ من جهة ثانية معتبرين أنّه وضع "الإصبع على الجرح" وفق تعبيرهم.

وتدور قصة المسلسل حول مدرّسة سورية هربت من وطنها إلى لبنان بسبب الحرب، لتجد نفسها وحيدة ومن دون أوراق ثبوتية في مدينة لا تعرفها أبداً. والمسلسل الذي يحمل عنوان: النار بالنار، من بطولة: عابد فهد، كاريس بشار، جورج خباز، زينة مكي، طوني عيسى، طارق تميم.

https://twitter.com/ShahidVOD/status/1640798411682205708

ويواجه لبنان اليوم أزمة متفرّعة من قضية النزوح، إذ تمتنع الجهات الدولية عن إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، لا بل تعمل على تثبيتهم في لبنان رغم انتهاء الحرب السورية، من أجل تحقيق أهداف سياسية طويلة المدى، وذلك بحسب وجهة نظر لبنانية تتسع وتزداد يوماً بعد يوم مع انفتاح الدول العربية على سوريا بعد طول خصام، إن لم نقل طول عداء.

يُذكر، أن الجيش السوري شكل أكبر قوة عسكرية ضمن قوات الردع العربية التي تشكلت في العام 1976 وكانت تضم عدة دول، وبعد انسحاب الدول المشاركة بقيت سوريا وحدها في لبنان في العام 1979، وفيما انتهت مهمتها كقوات ردع عربية عام 1982 اثر  الاجتياح الاسرائيلي، عادت في منتصف الثمانينيات كقوات سورية وبقيت حتى العام 2005 عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري.