حسم الأستراليّ أوسكار بياستري سيطرة الماكلارين على بطولة العالم للفورمولا وان مع إحرازه ليل أمس الأحد جائزة البحرين الكبرى أمام البريطانيّ جورج راسل سائق المرسيدس الّذي حلّ ثانيًا وزميله لاندو نوريس الّذي أحتلّ المركز الثالث في سباق أضاءته ليله حلبة صخير وتابعه الملايين حول العالم.
وجاء غران بري البحرين ليسبق بأسبوع واحد جائزة المملكة العربيّة السعوديّة الّتي سيستضيفها تحت الأضواء أيضًا كورنيش جدّة، وهو يعتبر أحد أجمل جولات بطولة الفورمولا وان.
المنطقة العربيّة الّتي كانت الرياضة الميكانيكيّة الأغلى في العالم غائبة عنها لنحو أكثر من نصف قرن، أصبحت الركيزة الأساسيّة في استمرار هذه الرياضة وتطوّرها لأسباب عدّة أبرزها يعود إلى عام 2004 عندما منع الاتّحاد الأوروبيّ ومن بعده كندا وأستراليا ومن ثمّ الولايات المتّحدة الأميركيّة إعلانات شركات التبغ لسباقاتها وفرقها ورعايتها لها.
وقد جاء هذا القرار ليحرم رياضة الفورمولا وان وحلباتها وأسواقها من نحو 500 مليون دولار في الموسم، حيث كانت شركة فيليب موريس (مارلبورو) تعتبر الراعي الأساسيّ لها ولفريق الفيراري، وكذلك شركات أخرى كـ"روثمانز" و"كانت" ولاكي سترايك" أو شركات الكحول كـ"جوني واكر" وغيرها...
وكان على الاتّحاد الدوليّ للسيّارات "فيا" البحث عن أسواق جديدة، فكانت المنطقة الآسيويّة وفي شكل خاصّ الدول الخليجيّة هي أفضل بديل، وكانت البداية مع جائزة البحرين الّتي انطلقت في عام 2004 على حلبة صخير، لتتبعها بعد سنوات قليلة دولة الإمارات العربيّة المتّحدة مع جائزة أبو ظبي على حلبة ياس مارينا في عام 2009 وبميزانيّة ضخمة جدًّا وصلت إلى 40 مليار دولار، حيث أنشأت فيها دولة أبو ظبي ما يعرف بجزيرة "ياس مارينا" والّتي حوّلت العاصمة الإماراتيّة إلى نقطة استقطاب للسيّاح من مختلف أنحاء العالم وخلقت حركة اقتصاديّة وسياحيّة كبرى خلال سباقات الفورمولا وغيرها من الرياضات الميكانيكيّة على مدار السنة في الحلبة الإماراتيّة.
وفي عام 2021، وضمن رؤية المملكة العربيّة السعوديّة 2030، وضعت مدينة جدّة حلبة كورنيش جدّة كجولة ليليّة لسباقات بطولة العالم في الفورمولا وان، فخلقت منعطفًا جديدًا للرياضة الميكانيكيّة مع دخول "أرامكو" كراعٍ أساسيّ لها ولفرقها ومعها العديد من الشركات العالميّة، ممّا خلق حركة اقتصاديّة وسياحيّة كبيرة في المملكة وشكّل نقلة نوعيّة في سياسة المملكة في جعل مدنها مضيفة لكلّ الأحداث الرياضيّة العالميّة الكبرى، بما فيها كأس العالم لكرة القدم في العام 2034 .
ولم تكن قطر بعيدة عن الفورمولا وان، إذ دخلت في العام نفسه مضيفة لإحدى جولات بطولة العالم، حيث تستضيف حلبة لوسيل منذ عام 2021 وفي كلّ موسم أحد أبرز سباقات جولاتها وتدخل معها رعاة جديدة، فعادت الفورمولا وان إلى قمّة الرياضات صاحبة أكبر الميزانيّات في العالم، حيث إنّ معدّل تكلفة أقلّ سيّارة ضمن فرقها تبلغ 16 مليون دولار كما تصل تكاليف تطوير سيّارة السباقات بين فرق الصدارة إلى 52 مليون دولار في الموسم، بما فيها تكاليف فرقها الهندسيّة والميكانيكيّة، ويصل راتب أبرز سائقيها بطل العالم ماكس فيرستابن إلى 60 مليون دولار أميركيّ، إضافة إلى 15 مليون دولار كبدل رعاية ومكافآت.
ويدرس الاتّحاد الدوليّ للسيّارات "فيا" ومعه القيّمون على تسويق الفورمولا وان التوسّع العالميّ لزيادة عدد جولات سباقات الفورمولا وان في العالم إلى أكثر من 24 جولة في رزنامة الموسم لتشمل أسواق جديدة مع إضافة كوريا الجنوبيّة في الموسم المقبل وإمكانيّة إضافة الهند، علمًا أنّ بطولة العالم تشمل أيضًا جولات في كلّ من الصين واليابان وسنغفورة، حيث قد تصبح القارّة الصفراء صاحبة الحصّة الأكبر من سباقاتها بعدما كان مسرح سباقاتها لعقود طويلة القارّة الأوروبيّة.
إشارة إلى أنّ العاصمة اللبنانيّة بيروت كادت أن تكون في بداية الألفيّة الثالثة أوّل دولة عربيّة تستضيف سباق للفورمولا وان عندما طرح بطل سباقات الراليات السابق بيلي كرم خارطة طريق تبنّاها الرئيس الراحل رفيق الحريري لاستضافة العاصمة بيروت إحدى جولات بطولة العالم داخل شوارعها كما سباق إمارة موناكو.