أدت الانتخابات الفيدرالية الألمانية التي أجريت في 23 فبراير 2025 إلى تغيير كبير في المشهد السياسي للبلاد. أصبح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU)، بقيادة فريدريش ميرتس، أكبر حزب، فأصبح رئيسه في موقع متقدّم لتولّي منصب المستشار وتشكيل الحكومة المقبلة. ومع ذلك، لم يحصل أي حزب على الأغلبية، وهذا ما يضع الجميع أمام مفاوضات معقدة لتشكيل تحالفات.

نتائج الانتخابات

جدول 1: نتائج الانتخابات الفيدرالية الألمانية في 23/2/2025



نظرة عامة على نتائج الانتخابات

حصل حزب CDU، إلى جانب حليفه البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي (CSU)، على أكبر حصة من الأصوات، وهوما وضع ميرتس في موقف قوي ليكون المستشار المقبل. وقد حصل تحالف CDU/CSU على حوالي 28.5% من الأصوات.

حقّق حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) زيادة كبيرة في شعبيته، محتلاً المرتبة الثانية مع حوالي 20.8% من الأصوات. هذا يمثل زيادة كبيرة مقارنة بالانتخابات السابقة. وهذا يعكس تزايد عدم الرضا عن الأحزاب التقليدية وقلقاً بشأن سياسة الهجرة ونتائجها.

عانى الحزب الديمقراطي الاجتماعي (SPD)، بقيادة المستشار الخارج أولاف شولتز، من أسوأ نتيجة له منذ الحرب العالمية الثانية، بعدما حصل على نحو 16.4% من الأصوات. هذا التراجع يبرز التحديات التي تواجهها الأحزاب اليسارية التقليدية في ألمانيا.

كانت المشاركة في التصويت عالية بشكل استثنائي فتجاوزت 83%، وهي الأعلى منذ إعادة توحيد ألمانيا في عام 1990. وهذا يشير إلى زيادة في المشاركة العامة وعمق الانقسام.

وقع الانتخابات السياسي على ألمانيا

يحتاج تحالفCDU/CSU إلى تشكيل ائتلاف للحكم. أي أن عليه إجراء مفاوضات مع أحزاب صغيرة مثل حزب الخضر أو الحزب الديمقراطي الحر (FDP) . هذا التفاوض قد يكون معقدا بسبب التنوع في المشهد السياسي وضرورة معالجة قضايا ملحة مثل الهجرة والسياسة الاقتصادية.

أفرزت نتائج الانتخابات زعامة جديدة على رأس السلطة. ويعتبَر فريدريش ميرتس في وضع جيد ليكون المستشار المقبل. والانتقال من شولتز إلى ميرتس يعني تغييراً في السياسات التي ستجنح طبيعيا إلى أن تكون أكثر تشددا، وهذا ما سيؤثّر حتما في مجالات مثل الهجرة وتغير المناخ.

على الرغم من المكاسب الكبيرة التي حققها جزب البديل من أجل ألمانيا، يبقى حزب AfD معزولا عن محادثات الائتلاف بسبب موقفه المتشدد جدا من قضايا مثل الهجرة وعضوية الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، يمكن أن تؤثر زيادة وجوده في البرلمان على المناقشات السياسية، لا سيما تلك المتعلقة بالهجرة والهوية الوطنية.

تأثير نتائج الانتخابات في أوروبا

دور ألمانيا في الاتحاد الأوروبي حاسم، ويمكن أن تؤثر الأغلبية المحافِظة الجديدة في السياسات الأوروبية ككل. وقد يبلغ الأمر بحكومة ألمانية أكثر تشددا حدّ المطالبة بتطبيق إصلاحات داخل الاتحاد الأوروبي. وهذه الإصلاحات قد تشمل الاقتصاد والأمن.

ومن القضايا التي ستتأثر قضية الأمن في أوكرانيا وسيادة الدولة على أراضيها وتحرير ما هو محتلٌ منها.

سيناريوهات ائتلاف محتملة

إذا احتفظ الائتلاف الحاكم الآن بمقاعد كافية، فقد يجدّد الائتلاف للانتخابات المقبلة. إلا أنّ على أطراف الائتلاف تسوية الاختلافات في سياساتهم مثل الاستمرار في سياسة مالية محافظة مقابل الإنفاق على الانتقال إلى السياسات الخضراء.

ويمكن أيضا CDU/CSU أن يتمكن الحزب الفائز بأكبر عدد من المقاعد أن يشكل تحالفا مع الخضر وFDP . جرت محاولة لتركيب هذا الائتلاف في عام 2017 ولكنها فشلت.

ويمكن أيضا تشكيل ائتلاف عريض يضم CDU/CSU-SPD . يعتبر هذا الخيار غير شعبي تاريخياً بسبب إرهاق الناخبين من سياسة "الوضع الراهن"، وبالتالي يظل خياراً للطوارئ.