في مطلع تشرين الثاني الماضي، وجّه حاكم بنك فرنسا، فرانسوا فيليروي دو غالو (François Villeroy de Galhau)، تحذيرًا قائلًا: "إدارة ترامب قد تعني تصاعد الحمائية، وإلى ارتفاع التضخم، على الأقل في الولايات المتحدة، وربما إلى تباطؤ النمو الاقتصادي عالميًا." لكن هل يمكن أن تؤدي عودة دونالد ترامب إلى السلطة فعلًا إلى موجة تضخم عالمية؟

ثلاثة عوامل رئيسية تؤجج التضخم

ترتكز هذه الرؤية الاقتصادية على ثلاثة عوامل أساسية، كل واحد منها منفردًا يحمل في طياته عناصر تضخمية.

1. الرسوم الجمركية والتصعيد التجاري

أولى الخطوات التي قد يتخذها ترامب هي فرض رسوم جمركية ضخمة على الواردات. وقد تصل هذه الرسوم إلى 20% على المنتجات المستوردة من جميع الدول، بل وحتى 60% على المنتجات المستوردة من الصين. وعلى الرغم من أن بعض الاقتصاديين يشكّكون في تنفيذ هذه التهديدات بالكامل، فإنها تشكّل في الواقع ورقة ضغط للحصول على تنازلات في قضايا أخرى.

على سبيل المثال، بدأ المكسيك في تشديد إجراءات مكافحة الهجرة غير الشرعية نحو الولايات المتحدة لتجنب فرض رسوم جمركية قاسية عليه.

2. قيود الهجرة وتأثيرها على سوق العمل

العامل التضخمي الثاني يتعلق بتشديد سياسات الهجرة. فالولايات المتحدة تعاني نقصًا حادًا في اليد العاملة، أي أن تقليل عدد المهاجرين سيؤدي إلى نقص في العمالة، وبالتالي ارتفاع الأجور لتعويض هذا العجز مؤديًا بدوره إلى زيادة تكلفة الإنتاج، مما يسبب بارتفاع الأسعار في السوق.

3. التخفيضات الضريبية وعجز الميزانية

يخطط ترامب أيضًا لخفض الضرائب، خصوصًا على الشركات، وهو ما قد يخفف جزئيًا من تأثير ارتفاع الأجور على التكاليف الإنتاجية.

لكن بعض التخفيضات الضريبية، خصوصًا خفض ضريبة الشركات من 21% إلى 15%، قد تزيد من العجز في الميزانية الفيدرالية، مما يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة، وهو عامل تضخمي إضافي.

تأثير "ترامب" على الاقتصاد العالمي

وفقًا للعديد من الخبراء، إذا نفّذ ترامب جميع وعوده الاقتصادية، فقد يرتفع معدّل التضخم في الولايات المتحدة إلى ما بين 6% و9% في السنة الأولى من ولايته.

ولكن هل ستقتصر هذه الموجة التضخمية على الولايات المتحدة فقط، أم أنها ستمتدّ إلى باقي دول العالم؟

في أوروبا، قد يؤدي فرض رسوم جمركية جديدة إلى تباطؤ الاقتصاد الفرنسي، الذي كان من المتوقع أن ينمو بنسبة 0.9% في عام 2025. وألمانيا، التي تعاني حاليًا من الركود الاقتصادي، قد تواجه صعوبات أكبر للخروج منه في ظل سياسات ترامب المالية الصارمة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن أي ارتفاع في أسعار الفائدة الأميركية سيكون له تأثير مباشر على الاقتصادات العالمية، وخاصة في أوروبا.

العالم يترقب بقلق... والصين تستعد للمواجهة

عودة ترامب إلى البيت الأبيض تثير حالة من القلق والتساؤلات حول مستقبل الاقتصاد العالمي، فتستعد الصين بالفعل لهذه التغيرات، إذ تدرك أن المواجهة الاقتصادية