للمرّة الأولى منذ عقدين يمكن القول إنّ التغيير أصبح واقعًا في رياضة التنس وإنّ بطولاتها وألقابها لم تعد حكرًا على أسماء لا يتعدّى تعدادها أصابع اليد الواحدة.

فبعدما كانت البطولات الكبرى في رياضة كرة المضرب ودورات الـ"غراند سلام" حكرًا على أساطيرها الثلاثة السويسريّ روجيه فيديرير والإسبانيّ رافاييل نادال والصربيّ نوفاك ديوكوفيش مع بعض الاستثناءات من هنا أو هناك، انطلق الصيف الماضي من العاصمة البريطانيّة لندن التغيير، حين سحق الإسبانيّ كارلوس ألكاراز كلّ المشاركين في بطولة ويمبلدون بمن فيهم الصربيّ ديوكوفيش وأحرز لقبها وفرض نفسه قوّة جارفة في عالم التنس.

لكنّ ألكاراز لم يكن الداخل الوحيد، بل كان عنوان انطلاق مرحلة جديدة، إذ أطلّ معه سريعًا الإيطاليّ يانيك سينر خاطفًا لقب دورة الولايات المتّحدة المفتوحة للتنس ومعها المركز الأوّل في التصنيف العالميّ.

ومع دخول يانيك سينر وكارلوس ألكاراز، تبدّلت خارطة طريق التنس ودخل جيل جديد على خطّ اللعبة، من بينهم اسمان لبنانيّان هما هادي حبيب المقيم والمحترف في الولايات المتّحدة الأميركيّة وبنجامن حسن المقيم والمحترف في العاصمة الألمانيّة برلين.

فقد لفت هذا الثنائيّ الأنظار كلّها في دورة الألعاب الأولمبيّة الصيفيّة في باريس، عندما قدّم هادي حبيب مواجهة رائعة أمام الإسبانيّ ألكاراز، وأطاح مواطنه بنجامن حسن بالأميركيّ يوبانكس المصنّف قم 29، ومن ثمّ أهدرا انتصارًا كان في متناول اليد على الفريق الأستراليّ في مسابقة الزوجي خلال ألعاب باريس والّتي أحرز فيها هذه الثنائيّ الأستراليّ ذهبيّة المسابقة.

كلّ ذلك وضع الثنائيّ اللبنانيّ ضمن حسابات ترتيب المصنّفين في العالم، حيث جاء مشوار هادي حبيب الناجح في أستراليا إلى الدور الثاني، وكانت لديه كلّ الإمكانات لتخطّي أيضًا الفرنسيّ هوغو هومبير الّذي تفوّق على اللبنانيّ بفارق التركيز وعدم الاستعجال في حسم النقاط فقط.

أمّا أمّ المفاجآت في التنس والّتي ستقلب الأمور رأسًا على عقب هو لاعب الـ18 عامًا فقط البرازيليّ جواو فونسيكا الّذي أصبح حديث كلّ متتبّعي الرياضة والتنس في العالم والّذي كان مجهولًا مع بداية عام 2024، إذ إنّه لم يكن معروفًا سوى في ناديه في البرازيل وكان ترتيبه العالميّ 766، ليقفز في ظرف أقلّ من عام إلى المركز 145 على صعيد التريب العالميّ ويحرز في طريقه كلّ البطولات الّتي شارك فيها قبل أن يفرض إيقاعه في نهاية عام 2024 عندما سحق كلّ نجوم التنس تحت الـ21 عامًا، فخطف أنظار نجوم التنس وفي مقدّمتهم كارلوس ألكاراز ورافاييل نادال ويانيك سينر والأميركيّة كوكو غوف الّتي قالت بعد فوزها اليوم في أستراليا: "إنّني أراقب هذا اللاعب وأنا معجبة بأدائه الرائع، فهو لاعب لديه كلّ الإمكانات ليكون اللاعب الأفضل في العالم في القريب العاجل".

ففي أستراليا، الحدث هو البرازيليّ جواو فونسيكا الّذي اجتاز التصفيات بسهولة، وأسقط المصنّف 6 في العالم أندريه روبليف بنتيجة ساحقة 3-0. فونسيكا الّذي يتمتّع بإرسال صاروخيّ تصل سرعته إلى 230 كلم في الساعة ولديه أسلوب لعب ساحر في كلّ المراكز، خرج من المسابقة بعد ظهر الخميس بعد مباراة ماراتونيّة استمرّت لنحو خمس ساعات مع النجم الإيطاليّ لورنزو سونيغو وانتهت لمصلحة اللاعب الإيطاليّ بنتيجة 3-2 .

ومع أنّ جواو فونسيكا غادر أولى دورات الـ"غراند سلام" في أستراليا سارقًا إعجاب محبّي التنس فهو سيكون ابتداء من دورة رولان غاروس الفرنسيّة وفي عمر الـ18 عامًا الرقم الصعب الّذي قد يدخل سريعًا نادي الكبار. ولم َلا؟ قد يكون يومًا ما اللاعب الّذي قد يتخطّى الأرقام القياسيّة لكلّ من السويسريّ روجيه فيديرير والإسبانيّ رافاييل نادال أو الصربيّ نوفاك ديوكوفيش... وإِنّ غدًا لناظره قريب.