سيشهد موسم 2024/2025 عودة فريق ريال مدريد الإسبانيّ إلى مستوى الأرض.

فالنادي الملكيّ الأشهر والأعرق في كرة القدم على كامل الكرة الأرضيّة فقد بريقه وعاد سريعًا إلى مستويات الفرق الأخرى، ولم يعد بالتالي الـ"غالاكتيكوس" أي الآتي من كوكب آخر.

وشاء القدر أن يكون تهاوي الفريق الملكيّ على يد خصمه اللدود برشلونة الّذي رسم رقمًا قياسيًّا له بتسجيله أربعة أهداف على الأقلّ في مبارتين متتاليتين من الكلاسيكو، وذلك للمرّة الأولى في مختلف لقاءاتهما بعد فوزه عليه في ذهاب الـ"ليغا" في مدريد 4-0 وفي نهائيّ السوبر 5-2.

وقد جاء السقوط المدوّي للريال في نهائيّ كأس السوبر قبل أمس بنتيجة 2-5 أمام الفريق الكاتالونيّ الّذي خاض الشوط الثاني بعشرة لاعبين بعد طرد حارس مرماه، ليضع كلّ مستقبل الريال على المحكّ، إذ تنتظره أيّام عصيبة في الفترة المقبلة القريبة جدًّا.

فنتائج الريال هذا الموسم لا تبشّر بالخير، إذ إنّه وقبل خسارته أوّل ألقاب عام 2025، كان قد خسر صدارة الليغا لمصلحة ابن مدينته أتلتيكو مدريد ويواجه بشكل كبير خطر الخروج من الدور الأوّل (دور المجموعات) في دوري الأبطال الأوروبّيّ، وهو يحمل الرقم القياسيّ بعدد ألقابه مع 15 لقبًا.

فهل كلّ ما أشرنا اليه أعلاه يأتي بالصدفة؟ طبعًا لا، وذلك لأسباب عدّة.

ريال مدريد وقع بالمصيدة الّتي كان سبقه إليها فريق باريس سان جيرمان الفرنسيّ، عندما قرّر مع نهاية مونديال قطر 2022 تحويل ملعب الـ"بارك دي برينس" إلى حديقة نجوم اللعبة، فتعاقد في التشكيلة نفسها مع كلّ من ليونيل ميسي ونيمار وسيرجيو راموس، إلى جانب كيليان مبابي ليغنّي كلّ على ليلاه ويسقط حلم باريس ومن خلفها قطر في إحراز اللقب الأوروبّيّ وينفرط سريعًا عقد النجوم.

وها هو فريق ريال مدريد هذا الموسم أمام السيناريو نفسه، إذ إنّه جمع معًا في خطّ الهجوم كلّ من البرازيليّ فينيسيوس جونيور صاحب الطباع الصعبة جدًّا وقائد منتخب الديوك كيليان مبابي وقائد منتخب الأسود الثلاثة الإنكليزيّ جود بيلينغهام، ليفقد الريال ما كان يتغنّى به لسنوات طويلة وهو التجانس والانسجام التامّ داخل تشكيلته وأروقة إدارته وجهازه الفنّيّ، منذ أن سيطر على كرة القدم في نهاية التسعينيّات، عندما كوّن ما عُرِف بالقوّة الضاربة الّتي أطلق عليها اسم "غالاكتيكوس"، وذلك مع زين الدين زيدان ورونالدو البرازيليّ وديفيد بيكهام ولويس فيغو وروبرتو كارلوس.

كيليان مبابي الّذي كانت لديه الحرّيّة للقيام بما يحلو له على أرض الملعب مع فريقه السابق الباريسيّ أو مع منتخب فرنسا وجد نفسه مكبّلًا مع فريقه الجديد ريال مدريد ويحدّد له المدرّب الإيطاليّ كارلو أنشيلوتي مهمّة واضحة. ففي قاموس أنشيلوتي، يتقدّم ترابط الخطوط والتنظيم المبرمج داخل أرض الملعب على كلّ شيء آخر، وقد انعكس ذلك ضياعًا عند اللاعب الفرنسيّ الّذي فقد بريقه تمامًا.

أضف إلى ذلك، أنّ الفريق الملكيّ فقد هذا الموسم ملهمه ومحرّك ألعابه الأوّل والأخير الألماني طوني كروس الّذي قرّر نهاية الموسم الماضي إعلان اعتزاله بعد أداء رائع جدًّا قاد خلاله الماكينة المدريديّة لأكثر من عِقد كامل.

وخسر فريق ريال مدريد هذا الموسم بداعي الإصابة جهود قائده داني كارفخال الّذي سيغيب عن الملاعب حتّى نهاية الموسم. ويعتبر كارفخال ركيزة خطوطه الدفاعيّة وصلة الوصل بين كلّ المراكز على أرض الملعب وصاحب الخبرة والمستوى الثابت وقد كان في تصرّف الفريق الملكيّ منذ انضمامه إليه كلاعب ناشئ في عام 2013.

يبقى أنّ معدّل أعمار ركائز الفريق الملكيّ في بعض الخطوط أصبح عاليًا جدًّا (لوكا مودريش 39 عامًا ولوكاس فاسكيز 34 عامًا وأنطونيو روديغر 32 عامًا وفرلان ماندي 30 عامًا) مقارنة بفريق برشلونة الّذي شكّل قوّة ضاربة من الجيل الناشئ في إسبانيا مع لاعبين حتّى دون الـ22 عامًا، وفي مقدّمتهم لامين يامال 17 عامًا، وغافي 20 عامًا وبيدري 22 عامًا .

ما هو أكيد أنّ العصر الذهبيّ لريال مدريد بقيادة كارلو أنشيلوتي أصبح حكمًا منتهيًا وعلى رئيس النادي التاريخيّ فلورنتينو بيريز العمل على إطلاق ورشة التغيير سريعًا... وإلّا فإنّ الريال لن يعود لا حاضرًا ولا في القريب العاجل "بعبعًا" لكرة القدم في أوروبّا والعالم.