إنّ النقاشات التي تُفتح حولَ مواقف الفنانين اللبنانيين تجاه العدوان الصّهيوني على لبنان وكيفية التعبير عنها، تُعدُ أقلَ أهمية بالنّسبة للمهتمين بشؤون السّياسة، لكنها لا تنفصلُ عنها وعن دور الفنان كمؤثّرٍ في مجتمعهِ.
لم يسعفْ التّوقيت الفنانة اللبنانية نجوى كرم، ولا اختيار الأُغنية في حفلِ زفافٍ أحيته بالرياض، فقدّمت أُغنية تحتلُ حيّزاً كبيراً في وجدان اللبنانيين، لفيروز، وهي "دقوا المهابيج". غنّتها بصيغتها الأصليّة، ثمّ غيّرت الكلمات لتجامل السعوديين بالقول "خلّي الهوا سعودي" (بدل من جنوبي). الأمر فتحَ جبهة ضدَ نجوى، ممن لا يؤيدون المواقف السّياسيّة للمملكة بالدرجة الأُولى، وانتقدوا المساس بأُغنية من التراث اللبناني في هذا التّوقيت بالذات، كأنّها تضع "جنوبي" و"سعودي" في ميزانٍ واحدٍ!
نجوى كرم في حفل زفاف الآميرة دعد آل سعود في الرياض غنت أغنية فيروز وغيرت كلماتها
— SAUDI PINTREST (@Saudiipinterest) November 24, 2024
" دقوا المهابيج خلوا الهوى سعودي"?? pic.twitter.com/MwNKlr151Q
— hibaaaa?? (@Hibaaaaleb) November 23, 2024
النقاش مفتوح حولَ نجوى قبل ذلك، لأنّ شعارها الشّخصي أرزة لبنان، والأرزة شعار العلم اللبناني، وهي الفنانة الشعبيّة الوحيدة التي ترفع شعار الأُغنية اللبنانية فقط، فهل التراث لهجة فقط؟!
وبعيداً عن لغة التّخوين والتشكيك بوطنية نجوى من البعض، تُسأل اليوم عن موقفها مما يحصل في لبنان، خاصة وأنّها منفصلة عنهُ على صفحات التواصل الاجتماعي، وإن كانت ملتزمة بالتعاقد مع MBC، فغيرها من الفنانين أيضاً لديه التزامات كثيرة ولم يظهر بهذا المستوى الواضح من الانسلاخ!
لو كانَ لنجوى مواقف واضحة من العدوان الصهيوني على لبنان لكانت "جنوبي" و"سعودي" كبعضهما من فمها اللبناني، لكنّها تظهر بصورة الفنان الذي يتجه لجمهور الخليج ويهتم بما يرضيه ولا يفعل ما يغضبه، بدل من أن تكون وجهتها الأُولى لبنان في هذا التّوقيت الاستثنائي من تاريخ البلد.
لدى نجوى القدرة الكبيرة على التّعبير بطريقة "ما تزعّل فيها حدا"، لكن يبدو أنّ كل ما يتم الحديث فيه تضعهُ بخانة التخوين ومحاربة النجاح، لذا لا تتنازل للتبرير أو لتصويب الموقف، وهذا ما يحيلنا إلى مسألة أُخرى وهي مدى تواضع الفنان في وجه الانتقادات التي قد يواجهها.
مرّة أُخرى، فإنّ نجوى هي مَن منحت نفسها هالة "صوت لبنان" ورافعة اسمه، لذا تنال حصة الأسد من الانتقادات، وعليها تحمّل مسؤولية ذلك، فصحيح أنّ مَن ينقل البندقية من يد إلى يد يكسب بحسب التّوقيت والمصالح الآنيّة، لكن في المقابل يخسر، كما تخسر نجوى الآن الكثيرين ممن راهنوا على أن تكون أكثر صلابةً، واعتقدوا ربّما مخطئين أنّها الأُولى في تأييد ودعم الجيش والمقاومة في وجهِ العدوان الصّهيوني.