تم التفاوض على معاهدة ميركوسور لأكثر من 20 عامًا، وهي تتجاوز بكثير المسائل الزراعية. هذه الاتفاقية التجارية الحرة مع البرازيل، باراغواي، بوليفيا، أوروغواي، والأرجنتين تمثل سوقًا محتملاً يبلغ 270 مليون مستهلك في أميركا الجنوبية. تهدف الاتفاقية إلى حرية حركة السلع والخدمات ورؤوس الأموال.
على الرّغم من معارضة فرنسا وإيطاليا رسميًا، فإنّ معاهدة ميركوسور تقدّم مزايا تجارية. من الجانب الأوروبي، يتعلّق الأمر بتصدير "الصناعات بالكامل، مثل السيارات"، كما أشار أحد الخبراء. على الرّغم من أنّ الصناعة الفرنسية لم تعد تمثّل سوى حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى مشابه لمستوى اليونان، فإنّ قطاع السيارات يعاني في جميع أنحاء أوروبا، وكذلك قطاع مورّدي السيارات. يمكن للاتحاد الأوروبي أيضًا الحصول على تخفيضات أو إلغاء للرسوم الجمركية على المنتجات الغذائية مثل الجبن والمشروبات الكحولية، بما في ذلك النبيذ. ومع ذلك، فإنّ مربّي الأبقار والأغنام والمزارعين الفرنسيين سيعانون من هذا الأمر، لأنّه يزيد الضغط على المهن التي تعاني من البيروقراطية والدعم المالي الذي يبقي بعض جوانب الزراعة على قيد الحياة بشكل اصطناعي.
من هذا المنظور، تبرز مسألة السيادة الغذائية والصحة العامة مع المنتجين في أميركا الجنوبية الذين لا يلتزمون دائمًا بالمعايير الصحية المفروضة على المزارعين الأوروبيين. تسمح هذه البلدان في أميركا الجنوبية بممارسات مثل استغلال الحيوانات، واستخدام المضادات الحيوية، وزراعة الذرة المعدلة وراثيًا، وإزالة الغابات. لذلك، سيكون البصمة الكربونية لهذه المنتجات المستوردة المنقولة كبيرة. أين هم المدافعون عن البيئة في فرنسا الذين يحاربون تغير المناخ؟ غائبون! وأين هم الخضر الألمان مع راديكاليتهم الأيديولوجية؟ غائبون كذلك!
انتخاب دونالد ترامب وتهديده بفرض رسوم جمركية على بعض المنتجات الأوروبية، بما في ذلك المنتجات الفرنسية، قد يبطئ من الصادرات الفرنسية في وقت تعاني فيه الميزانية التجارية بالفعل من عجز هيكلي. علاوة على ذلك، فإنّ الحرب التجارية مع الصين التي اندلعت بسبب الضرائب المفروضة على السيارات الكهربائية الصينية قد يكون لها تأثيرات انكماشية كبيرة على التجارة الأوروبية، وبالتالي الفرنسية. على سبيل المثال، سيواجه كونياك منطقة شارنت، الذي يُصدر غالبًا، عوائق جمركية من بكين.
من هذا المنظور، قد تكون معاهدة ميركوسور متنفسًا لمصدّري السلع الصناعية والخدمات في فرنسا، حيث تُعتبر فرنسا واحدة من الرواد في أوروبا. هل سينتج عن قمة مجموعة العشرين في ريو توقيعًا أوروبيًا مشتركًا على هذه المعاهدة؟ بعد ضم إيطاليا إلى قضيتها، هل ستنجح فرنسا في إقناع بولندا والنمسا وهولندا؟ إذا نجح الأمر، يمكن حظر المعاهدة وتحقيق انتصار دبلوماسي وداخلي لإيمانويل ماكرون.
في الوقت نفسه، سيستكمل الرئيس الصيني شي جين بينغ، الموجود في قمة العشرين في ريو دي جانيرو، جولته بزيارة دولة إلى برازيليا. ومن الجدير بالذكر أنّه منذ عام 2010، تعدّ الصين الشريك التجاري الأول للبرازيل، حيث وصل حجم التجارة الثنائية إلى حوالي 190 مليار دولار في عام 2023.