لا يمكن التعامل مع قضيتي الممثلتين السوريتين يارا صبري وسمر كوكش بطريقةٍ منفصلةٍ عن الإطارِ السّياسي، فيارا في مقابلة بودكاست مع الإعلامي محمد قيس على قناة المشهد تصعدُ التراند حالياً بعد أن قالت إنّ مساعدتها للناس بعدَ الحراك السّوري من خلال الأدوية والملابس ودعم ملف المعتقلين، أمر لا ينفصل عن السّياسة. كذلك فإنّ سمر كوكش التي سُجنت في سوريا بتهمة "دعم الإرهاب"، لحوالي ثلاث سنوات بين العامين 2013 و2017، قضيتها في لب السّياسة.
الممثلتان تتهمهما الجهات الأمنية السّورية بـ "دعم الإرهاب"، مع أنّ ما فعلتاه بحسب تصريحاتهما، أقل بكثير وأبسط بكثير من هذه التّهمة، لا بل لا مقارنة بينه وبين التّهمة الكبيرة.
تقولُ يارا صبري إنّ الممثل يتمتع بامتيازات ويعيشُ في برجه العاجي، لذا لم يكن لديها أي مصلحة في أن تدعم الحراك السّوري ومطالب النّاس في المراحل الأولى للثورة، سوى أنها مؤمنة بهذه القيم، لتدحض أي اتّهام بالتموُّل من الخارج. بينما سمر كوكش التي تُعد أقل شهرة ونجومية من "صبري"، فإنّها جمعت التبرعات لشراء الملابس والأدوية، وكذلك لا تعرف شيئاً ربطا بالسّلاح.
في المنظومة السّوريّة الحاليّة، الأفضل للممثّل تماماً التزام الحياد، شيء قاهر ومُغضب لدى شريحة كبيرة من النّاس، لكنّ الحياد أقل وطأةً من اتهام التخوين، والتعرّض للترهيب والتّهديد الدّائم من أطرافٍ متعدّدة.
لم تكفر يارا صبري حين دعمت الثّورة وطالبت بإطلاق المعتقلين، وكذلك سمر كوكش، وكلتاهما تتمتعان بهامشٍ من الصدقٍ في التعبير حين تتحدّثان في السّياسة والقضايا الإنسانيّة، وموقفهما واضح بعيداً عن مقارنته بمواقف أصالة وجمال سليمان ومكسيم خليل وغيرهم من الفنانين السّوريين المعارضين، لأنّ لكل شخص الحق بالتعبير كما يريد.
لكن ما يتّضح من اللقاء الأخير ليارا صبري، أنّها متشوّقة للعودة إلى الدراما لتعويض سنوات الغياب، حين دفعت ثمن عدم امتلاك جواز السفر السّوري نتيجة التضييق، وكذلك لأنّها هاجرت إلى كندا للحصول على جنسية ثانية، كي تصبح حرةً في التنقّل. رأينا مؤخراً عودتها في المسلسل المعرّب "العميل"، لتضمن استمرار مسيرة فنيّة، تخللتها رحلة نضال إنساني، منحتها مكانةً متقدّمةً بينَ بناتِ جيلها.
أمّا سمر كوكش فهي مقيمة في أوروبا حالياً وعملها يقتصر على المسرح تقريباً، بعدما كانت لسنواتٍ طويلة قبل الثورة، بعيدة عن الشاشة وتكتفي بمشاركاتها في الدوبلاج.
ويوجد ممثلين وممثلات كثر في سوريا، ممن يُصنّفون تحت خانة "المؤيد" (مع أنّ لا أحد قد يعرف حقيقة مواقفهم)، يرحّبون بعودة كل الممثلين إلى سوريا وينادون بمزيدٍ من التنوّع والتقبّل للآخر في سوريا التي طحنتها الحرب منذُ أكثر من 13 عاماً.