تُعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة حدثًا محوريًا لا يقتصر تأثيره على السياسة فحسب، بل يمتد إلى مختلف المجالات، بما في ذلك الفن والثقافة.
الفنانون الأميركيون، مثلهم مثل أي فئة أخرى من المجتمع، لهم آراء قوية حول السياسة الوطنية، ويُظهر العديد منهم تأييدًا أو معارضةً للمرشحين الرئاسيين بناءً على قناعاتهم السّياسيّة والأيديولوجية. في السنوات الأخيرة، كان لكَمَلا هاريس، نائبة الرئيس الحالي، ودونالد ترامب، الرئيس السابق، حضورًا قويا في الحوارات السياسية والفنية. بينما يظهر الفنانون مواقفَ متبابينة تجاه كل منهما.
عشية الاستحقاق
عشية الاستحقاق الرئاسي اليوم بين المرشّحة الديمقراطية كَمَلا هاريس والجمهوري دونالد ترامب، كيف انقسمت آراء الفنانين الأميركيين؟!
كَمَلا هاريس: دعم من الفنانيين الليبراليين
كَمَلا هاريس، نائبة الرئيس الحالية وأول امرأة من أصل أفريقي وآسيوي تتولى هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة، تتمتع بشعبية كبيرة بين الفنانين الذين يتبنون مواقف ليبرالية أو تقدمية. تؤمن العديد من الشخصيات الفنية بأنها تمثل تغييرًا إيجابيًا في السياسة الأميركية وتدافع عن قضايا حقوق الإنسان والمساواة.
من أبرز المؤيدين لها نجد العديد من الفنانين والمشاهير الذين ينتمون إلى التيار الليبرالي. فعلى سبيل المثال، كانت هاريس محور دعم لعدد من الشخصيات الفنية البارزة مثل المغنية بيونسيه، التي قدمت دعمًا علنيًا لحملتها الانتخابية. كما أنّ الممثلين والمخرجين مثل تايلر بيري وروبرت داوني جونيور كانوا من بين الداعمين الرئيسيين لترشيح هاريس في انتخابات 2020. هؤلاء الفنانون يعتبرون هاريس رمزًا للعدالة الاجتماعية والمساواة، ويرون في حملتها التزامًا بالقيم التي تهم المجتمع الأميركي بشكل عام.
يبرز الدعم الفني الكبير لكامالا هاريس من خلال الفعاليات والأنشطة التوعوية التي قام بها الفنانون في مختلف أنحاء الولايات المتحدة. فالفنانون مثل كيندريك لامار وتشارليز ثيرون نظموا حملات للتشجيع على التصويت وتعزيز دور المرأة والأقليات في السياسة. كما قدمت هاريس العديد من الوعود بالإصلاحات السياسية التي تلقى استحسانًا في الأوساط الفنية، مثل تحسين الرعاية الصحية وزيادة فرص التعليم والتّصدي لتغير المناخ.
دونالد ترامب: تأييد من فنانين محافظين
على الجانب الآخر، لا يزال دونالد ترامب يحتفظ بدعم قوي من مجموعة من الفنانين الذين يتبنون مواقفَ محافظةً. بينما يعتقد الكثيرون أن ترامب هو شخصية مثيرة للجدل، فإن العديد من الفنانين الذين ينتمون إلى التيار اليميني أو الذين يدعمون سياسة "أميركا أولًا" يعتبرون أن رئاسته قد خدمت مصالحهم الشخصية أو السياسية.
أحد أبرز هؤلاء الفنانين هو المغني توباك شاكور، الذي أعرب عن دعمه الصريح لترامب في أكثر من مناسبة. بالإضافة إلى ذلك، نجد أن العديد من الفنانين في مجالات مثل الرياضة والموسيقى الشعبية، الذين يمتلكون جمهورًا كبيرًا في الوسط المحافظ، قد أبدوا تأييدًا لترامب خلال حملته الانتخابية. على سبيل المثال، كان هناك دعم علني من قبل نجوم موسيقى الريف مثل توبي كيث وبلوندي.
موقف الفنانين المؤيدين لترامب ينبع غالبًا من موقفهم المؤيد للأسواق الحرة ورفض التدخل الحكومي في الأمور الاقتصادية. يرى هؤلاء الفنانون أن ترامب، بتقديمه سياسات ضريبية لصالح الشركات وفتح المجال أمام الاستثمار، قد ساعد في دعم الاقتصاد الأميركي وخلق فرص عمل جديدة.
من جهة أخرى، العديد من الفنانين ينظرون إلى ترامب بشكل سلبي، حيث يعتبرونه مصدراً للإنقسام في المجتمع الأميركي، وبسبب تصريحاته المثيرة للجدل وتصرفاته المتناقضة، كان هناك الكثير من المعارضة له في أوساط الفن والثقافة.
التباين الكبير بين التأييد والرفض
ما يميز المواقف الفنية تجاه كَمَلا هاريس ودونالد ترامب هو التباين الكبير بين التأييد والرفض. من جانب، هنالك دعم قوي لهاريس من قبل الفنانين الذين يرون في شخصيتها انعكاسًا للقيم الليبرالية والتقدمية التي تهمهم، بينما على الجانب الآخر، يتمسك الفنانون الذين يتبنون وجهات نظر محافظة بدعمهم لترامب، معتقدين أن سياساته تؤدي إلى تحسّن الأوضاع الاقتصادية وتدعيم الأمن القومي.
هذا التباين في الآراء يعكس واقعًا أوسع في المجتمع الأميركي، حيث تمثل الفن والثقافة أداة تأثير قوية في الانتخابات والسياسات العامة، على عكس الدّول العربيّة، التي إمّا ينأى فيها الفنانون عن أنفسهم أو يتبنون الاتجاه الأقوى السّائد في أغلب الأحيان!