يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ أعنف وأوسع هجوم له منذ 8 تشرين الأول الماضي، مستهدفًا مناطق الجنوب اللبناني حتى حدود صيدا، المدخل الرئيسي للجنوب، ومنطقة الضاحية الجنوبية، بالإضافة إلى عدد من المناطق الأخرى في أعالي كسروان (ميروبا)، جرود جبيل (الصوانة، راسستا، المعيصرة)، والشوف (السعديات، الجية)، البقاع الغربي (سحمر، يحمر، لبايا وقليا وغيرها) وبعلبك... وقد أسفرت حملات القصف الوحشية منذ الاثنين 23-9-2024 عن استشهاد أكثر من 600 شخص، من بينهم نحو 50 طفلاً و42 امرأة، وإصابة نحو 2,000 بجروح، حسب مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة.
وفي ظلّ هذا التصعيد، شهدت مدينتا بيروت وصيدا موجات نزوح كثيفة من الجنوب، فتحوّلت مدارس عدة إلى مراكز إيواء للعائلات النازحة، وسارعت البلديات والجمعيات المحلية إلى تقديم المساعدات الضرورية.
وبحسب معلومات صحافية، بلغ عدد النازحين المسجّلين رسمياً في المدارس حتى ليل الأربعاء 43 ألفاً في حصيلة غير نهائية. فيما خرج نحو 100 ألف نازحٍ من قرى الجنوب والبقاع، بعد اشتداد الغارات الإسرائيلية، وتوسّع رقعة العدوان في اليومين الماضيين. وتوزّع النازحون على 311 مدرسة، منها 28 مدرسة في بيروت، و122 في جبل لبنان، و29 في الجنوب (قضاء صيدا)، و34 في البقاع، و18 في الشمال، و15 في بعلبك - الهرمل، و26 في عكار. أمّا مدارس قضاء عاليه (من الشويفات حتى عين دارة) فبلغت قدرتها الاستيعابية الحد الأقصى.
بحسب معلومات صحافية، بلغ عدد النازحين المسجّلين رسمياً في المدارس حتى ليل الأربعاء 43 ألفاً في حصيلة غير نهائية...
في سياق متصل، أصدرت وزارة التربية والتعليم العالي تعميماً طلبت فيه من جميع المسؤولين عن المدارس والثانويات الرسمية فتح المباني لاستقبال النازحين، ووضعها بتصرف لجنة الطوارئ المركزية بالتنسيق مع خليّة الأزمة في وزارة التربية والتعليم العالي.
أمّا العام الدراسي في المدارس الرسمية، فلم ينطلق بعد، وكان من المفترض أن يبدأ التدريس في 20 أيلول الجاري، لكنّه عُلّق بعدما باتت غالبية هذه المدارس ملجأ للنازحين، بالإضافة إلى عدد محدود من المدارس الخاصة. وهذا عامل يضغط على العملية التربوية والتعليمية.
يُذكر أن بعض المدارس الخاصة في أكثر من منطقة، سبق أن افتتحت موسمها الدراسي وقد أعلمت التلامذة والأهل بإمكان اللجوء الى التعليم عن بعد، وأرسلت تعاميم إليهم تفيد بأنّ "كلّ الخيارات مفتوحة، وأنّ كادرها التعليمي والتربوي في حال من الجهوزية التامّة لاعتماد الأونلاين".
أما وزير التربية والتعليم في حكومة تصريف الأعمال، عباس الحلبي، فينطلق من قاعدة أساسية هي "عدم توقف العملية التعليمية بأيّ شكل من الأشكال، وإن مؤقّتاً"، وعلى هذا الأساس، تبدو العودة الى "الأونلاين" من أبرز الخيارات المطروحة والملحّة، وإن بحذر. فالوزير غير راض تماماً عن هذا الطرح. إلّا أنّه يجب درس هذا الخيار بعناية من حيث تأمين المستلزمات للطلاب النازحين في المدارس، وضمان شبكة انترنت جيدة إلى حد ما، في ظلّ التشويش الحاصل على شبكة الاتصالات في لبنان. وفي جميع الأحوال، أكّد الوزير تأجيل انطلاق العام الدراسي في المدارس الرسمية، آملاً أن لا ندخل في واقع تكون فيه المدارس الخاصة عاملةً، أمّا الرسمية فمتوقفة.
كذلك أكد رئيس لجنة الطوارئ الحكومية فى لبنان ناصر ياسين أنّ اللجنة اتخذت قراراً قضى بفتح 90 مدرسة رسمية وزعت عليها 10 آلاف فرشة وعدداً مماثلاً من البطانيات والوسادات.
وأضاف ياسين "يتطلّب الأمر بعض الوقت لجمع ما سُجّل من أسماء وأعداد من مختلف لجان إدارة الأزمة في المحافظات"، مشيراً إلى أنّ الأولوية لتسجيل العائلات وتأمين إقامتها، علماً أنّ مدارس صيدا وبيروت استقبلت العدد الأكبر من النازحين، ومن المتوقع أن تبلغ قدرتها الاستيعابية القصوى (بين 300 و400 نازح في المدرسة الواحدة) بسرعة. وثمّة توجّه إلى تجهيز المدارس تباعاً بحسب الحاجة.
وتقرّر في الاجتماع الذي عُقد على مستوى ممثلين عن الوزارات المعنية بخطة الطوارئ، وعدد من الضباط والهيئات الحكومية ومنظمات الإغاثة الدولية التابعة للأمم المتحدة، تفعيل غرف عمليات الطوارئ في المحافظات التي نزح منها الأهالي وتلك التي سيلجأون إليها، بهدف تنسيق العمل الذي سيشترك فيه الصليب الأحمر وفق الخطة الموضوعة، فيما ستتولى مخابرات الجيش الشق الأمني من حيث ضبط الأوضاع في مناطق النزوح، ونشر عناصر من قوى الأمن الداخلي في محيط المدارس التي ستُفتح للإيواء.
وكان من المفترض أنّ يضع برنامج الأغذية العالمي آليةً لإيصال المساعدات الغذائية والوجبات الساخنة بدءاً من أمس.
ويضاف إلى ما تقدّم سلسلة من التحديات التي تواجه المدارس، وعلى رأسها التجهيزات، لأنّ عدداً كبيراً منها يعاني نقصاً في الكهرباء، والمياه، فيما معظمها غير مجهز بتاتاً لاستقبال النازحين. فلا فرش، ولا أغطية، ولا مياه، ولا مواد غذائية. وناشد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي المواطنين مساعدة الأهالي في المدارس، من خلال توفير حليب للأطفال ولوازم أخرى وفرش وأدوية. فالنقص كبير، وخصوصاً الفرش، بعدما ارتفع الضغط على المصانع التي أصبحت عاجزة عن تأمين الطلب، في حين لجأ قسم منها إلى رفع سعر الفرشة من 8 دولارات إلى قرابة الـ20، وهذا ما جعل عدداً كبيراً من الأهالي وأطفالهم ينامون على الأرض.