فرنسا لديها رئيس وزراء جديد، ميشيل بارنييه، رجل يتمتع بسيرة ذاتية طويلة ومثيرة للإعجاب. بعد خمسين يومًا من التردد وضياع ماكرون السياسي، انتهت الأزمة السياسية في فرنسا ظاهريًا. ولكن هل انتهت حقًا؟ ليس تمامًا. إيمانويل ماكرون في وضع سياسي غير مستقر. زعيمة اليمين الوطني، مارين لوبان، تمت استشارتها مباشرة من رئيس دولة يائس. كيف استطاعت الأغلبية الرئاسية أن تلعب ورقة "الجبهة الجمهورية" (أي شيء إلا التجمع الوطني) لتجد نفسها مضطرة لاستشارة مارين لوبان، التي أصبحت "صانعة الملوك" في السياسة الفرنسية؟ الماكرونية في مأزق. منذ حلّ الجمعية الوطنية الفرنسية، لم يحصل أيّ حزب على أغلبية نسبية. يبدو أنّ فرنسا تنزلق نحو نظام مشابه للجمهورية الثالثة أو الرابعة، حيث كانت الحكومات تسقط بعد بضعة أشهر. وبارنييه الآن في مواجهة هذا الواقع.
فرنسا تغرق في أزمة سياسية. هل سيتمكن ميشيل بارنييه من إيجاد الحلول المالية الضرورية في بلد يعاني من تدهور في المالية العامة؟
لن تكون فقط مسألة تشكيل حكومته القادمة كابوسًا، بل هو أيضًا تحت مراقبة مارين لوبان، التي حصل حزبها على ما يقارب 11 مليون صوت في الانتخابات التشريعية الأخيرة. لذلك، بارنييه يرقص على حافة بركان سياسي، مستهدفًا ليس فقط من قبل اليمين الوطني، بل أيضًا من قبل اليسار. اليسار الذي لم يتمكن من الاتفاق على اسم لرئاسة الحكومة، والآن يحتج في الشوارع تحت شعار أن الانتخابات التشريعية سُرقت منه.
في هذه الأثناء، يحاول ماكرون كسب الوقت. الانتخابات الرئاسية المقبلة ليست قبل 2027، ووفقًا للدستور، لا يمكنه حلّ الجمعية الوطنية مرة أخرى قبل مرور عام. هل سيستمر حتى ذلك الحين؟ إذا سقطت عدة حكومات، ما هي خياراته سوى الاستقالة؟ سيناريو غير قابل للتصوّر لشخص مثل ماكرون، الذي يرى السلطة بشكل هرمي عمودي يتربّع هو على قمّته.
فرنسا تغرق في أزمة سياسية. هل سيتمكن ميشيل بارنييه من إيجاد الحلول المالية الضرورية في بلد يعاني من تدهور في المالية العامة؟ ملف الهجرة أيضًا على الطاولة، وكذلك ملف القوة الشرائية والأمن. وهناك أيضًا مسألة النسبة التمثيلية في الانتخابات البرلمانية.
مهما كان ما سيحدث، فإن الماكرونية لن تستمر بعد نهاية ولاية صاحبها. فرنسا بحاجة إلى التحرك بسرعة. أزمتها السياسية تعطّل أوروبا بأكملها، وفي الوقت نفسه، ألمانيا تعاني من ركود اقتصادي.