على الرغم من الظروف الصعبة جدًّا الّتي يمرّ بها لبنان، وعلى الرغم من المخاوف الكبيرة من أن تشهد الساحة اللبنانيّة تطوّرات خطيرة بسبب التوتّرات الكبيرة في المنطقة، إلّا أنّ إصرار متابعة الحياة في لبنان تبقى أقوى من كلّ التهديدات. هذا ما أكّدته رياضة المحرّكات اللبنانيّة في تثبيتها إقامة رالي لبنان الدوليّ ولو أنّه هذا الموسم لن يكون ضمن رزنامة بطولة راليات الشرق الأوسط بسبب الظروف غير الطبيعيّة في لبنان والمنطقة والّتي أدّت إلى اعتذار السائقين العرب والدوليّين من المشاركة في نسخة السباق لهذا العام.
وسيحمل سباق هذا الموسم في نسخته الـ46 من رالي لبنان الدوليّ (رالي الجبل سابقًا) والّذي سيجري في 30 و31 آب الجاري و1 أيلول المقبل. ويندرج السباق في إطار الجولة الثالثة من بطولة لبنان للراليات للعام الجاريّ.
وتبلغ المسافة الإجماليّة للرالي 636.10 كلم منها 199.82 كلم مراحل خاصّة مقسّمة على 11 مرحلة للسرعة في أربع أقضية هي المتن وكسروان وجبيل والبترون.
ويفتتح السباق عند الساعة الخامسة من مساء الجمعة االمقبل في 30 آب الجاري بمرحلة استعراضيّة للسرعة لمسافة نحو 3 كيلومترات مسرحها النادي اللبناني للسيّارات والسياحة في الكسليك. وسيشهد اليوم الثاني ستّ مراحل خاصّة للسرعة على مسافة 130 كلم في جبيل والبترون، فيما يشهد اليوم الثالث والأخير 4 مراحل خاصّة للسرعة على مسافة 68 كلم في مناطق أعالي المتن على أن يقام حفل التتويج عند الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر الأحد 1 أيلول المقبل في مقرّ النادي المنظّم.
وتعود إطلالة رالي لبنان الأولى إلى صيف عام 1951، بسباق عرف آنذاك بإسم "دورة لبنان" مع مسار يقارب الـ500 كيلومتر وانتهاء السباق في ساحة مدينة عاليه. وبالتالي، يعتبر هذا الحدث أوّل رالي للسيّارات يقام بشكل رسميّ في منطقة الشرق الأوسط.
وبعد أربعة أعوام على النسخة الأولى، تمّ تنظيم النسخة الثانية من الحدث ذاته في عام 1955 مع نقطة النهاية في ميدان سباق الخيل في العاصمة اللبنانيّة بيروت.
وتعود جذور رالي لبنان الدولي، وهو أيقونة راليات الشرق الأوسط، إلى عام 1968 تحت مسمّى "رالي الجبل" عندما وقف النادي اللبناني للسيّارات والسياحة خلف فكرة تنظيم الرالي، وشهدت نسخته الأولى مشاركة 57 فريقًا من بينها 14 فريقًا أجنبيًّا، خاضت منافسات لمسافة 1100 كيلومتر عبر المناطق اللبنانيّة وانتهى بفوز الراحل جان باسيلي مؤسّس مجلّة "سبور أوتو" وأنطوان سليم وفايز صهيون على متن "رينو 10". واستمرّ تنظيم السباق حتّى عام 1975 عندما اتّخذ الناديّ اللبنانيّ للسيّارات والسياحة الإجراءات والتحضيرات كافّة لإقامة الرالي كحدث دوليّ وتسجيله في سجلّات الاتّحاد الدوليّ للسيّارات الّذي اعترف به وأقرّه، إلّا أنّ الأحداث الأمنيّة حالت دون إقامته ليغيب كلّيًّا حتّى عام 1979.
وبعد أربعة أعوام من الانقطاع، عاد هدير السيّارات إلى الطرقات اللبنانيّة وانتهت نسخة عام 1979 بفوز جورج ضومط وملّاحه سمير شيخاني على متن "أودي 80 أل أس". واعتبر عام 1980 نقلة نوعيّة في تاريخ هذا الرالي مع عودة الأسماء الكبيرة إلى المنافسات وكان الفائز به ألبير بسول وملّاحه جيرار صونال خلف مقود "رينو 17 غورديني".
وفي حقبة الثمانينات وفي ظلّ الحرب وأصوات المدافع، غاب الرالي في أعوام 1982 و1983 و1989 ومن ثمّ 1990، ومنذ ذاك لم يغب سوى مرّتين وكان ذلك في عام 2005 بسبب اغتيال رئيس مجلس الوزراء الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005 وفي عام 2020 بسبب انتشار جائحة كورونا .
ومنذ عام 2002، هيمن أبناء وطن الأرز على العتبة الأولى لمنصّة التتويج أحرز خلالها روجيه فغالي اللقب 16 مرّة (رقم قياسيّ)، مقابل فوز جان بيار نصرالله وملّاحه يوسف باسيل في عام 2002 ونيكولا أميوني وملّاحه شادي بيروتي في عام 2014 وتامر غندور وملّاحه سليم جليلاتي في عام 2016. ومنذ 5 سنوات، أحرز القطريّ ناصر صالح العطيّة اللقب وهو لقبه الأوّل في رالي وطن الأرز ثمّ احرز اللقب مرّة ثانية في عام 2022.
وبعد غيابه في عام 2020 بسبب جائحة كورونا، عاد رالي لبنان في عام 2021، ليحرز لقبه روجيه فغالي. ولقد قرّر النادي المنظّم إقامة "كورال رالي لبنان" في عام 2024 ضمن الجولة الثالثة من بطولة لبنان للراليات على الرغم من الأوضاع الأمنيّة الّتي يعيشها لبنان ومنطقة الشرق الأوسط على أن يقفل باب التسجيل الاثنين المقبل في 26 آب الجاري.