اختتمت عاصمة الأضواء باريس الألعاب الأولمبّيّة الـ33 الّتي خطفت أنظار العالم على مدى 16 نهارًا وليلًا، والّتي شارك فيها 10500 رياضيّ ورياضيّة و406 دول و32 رياضة مع استبعاد روسيا و بيلّاروسيا بسبب حرب أوكرانيا والاكتفاء بمشاركة رمزيّة تحت العلم الأولمبّيّ.
وبعد انطلاق الألعاب الأولمبّيّة الّتي شهدت للمرّة الأولى خروج حفل الافتتاح من أرض الملعب إلى خارجه على امتداد نهر السين واجتيازه لمعالم العاصمة، وما تبعه من انتقادات صارخة عالميًّا نظرًا للإساءات الدينيّة المسيحيّة كما المجتمعيّة، استطاعت العاصمة الفرنسيّة اختتام النسخة الـ33 من دون أيّ حادث أو تهديد أمنيّ في ظل نجاح تنظيميّ لافت.
أمّا العلامة الفارقة في تلك الألعاب، فكان من خلال تبادل السيطرة الأميركيّة والصينيّة بشكل كبير على ألعابها فأنهت الولايات المتّحدة الأميركيّة تلك الألعاب بتربّعها على المركز الأوّل بصدارة ترتيب الميداليّات مع 40 ميداليّة ذهبيّة تمامًا كما التنّين الصينيّ الّذي تمكّن من معادلة سيطرة "بلاد العمّ سام" بـ40 ذهبيّة مقابل تفوّق الولايات المتّحدة الأميركيّة بمجموع تلك الميداليّات في مختلف الألوان مع 126 ميداليّة.
وبعد منافسة شرسة جدًّا، تمكّنت الولايات المتّحدة الأميركيّة من الاحتفاظ بذهبيّة الرياضة الّتي صنعتها وهي كرة السلّة، وذلك فقط من خلال سحر قنّاصها ستيفن كيري الّذي أنقذ بلاده في نصف نهائيّ كان واضح الاتّجاه نحو عملاق صربيا نيكولا يوكيش ورفاقه، فسرق كيري منهم انتصارًا مؤكّدًا في النصف النهائيّ قبل أن يعمل الساحر كيري على حسم تفوّق الولايات المتّحدة الأميركيّة في النهائيّ أمام فرنسا تحت أنظار رئيسها إيمانويل ماكرون، مع مفارقة أنّ المنظّمين اختاروا بدلًا من ستيفن كيري الملك ليبرون جايمس لتتويجه "أم في بي" مسابقة كرة السلّة.
من ناحية الدولة المنظّمة، فقد قدّم الفرنسيّون النتيجة الأفضل في تاريخ مشاركتهم في الألعاب الأولمبّيّة وحصدوا المركز الخامس المتقدّم في صدارة الميداليّات مع 16 ذهبيّة، و26 فضّيّة و22 برونزيّة بمجموع غير مسبوق لهم مع 64 ميداليّة بزيادة 31 ميداليّة عمّا حقّقوه خلال ألعاب طوكيو. حيث كان مجموع الفرنسيّين 33 ميداليّة من مختلف الألوان.
قدّم الفرنسيّون النتيجة الأفضل في تاريخ مشاركتهم في الألعاب الأولمبّيّة وحصدوا المركز الخامس المتقدّم في صدارة الميداليّات مع 16 ذهبيّة...
وقد أصبحت لفرنسا خلال تلك الألعاب ظاهرة رياضيّة في مسابقة السباحة وهي ليون مارشان الّذي كان له شرف إطفاء الشعلة الأولمبّيّة ليل أمس الأحد بعدما زرع الفرح في قلوب الديوك بتحقيقه إنجازًا تاريخيًّا له ولفرنسا بإحرازه أربع ذهبيّات في أولمبياد بلاده.
يبقى أنّ اليابان كما أستراليا أكّدتا أنّهما أصبحتا الدولتين الأبرز في عالم الألعاب الأولمبّيّة خلف الولايات المتّحدة الأميركيّة والصين بسيطرتهما على المركزين الثالث والرابع مع 20 ذهبيّة لليابان و18 لأستراليا الرقم الصعب في مسابقات السباحة.
من الناحية العربيّة، حوّلت كلّ من البحرين والجزائر مشاركة الـ22 دولة عربيّة في ألعاب باريس إلى مشاركة تاريخيّة، حيث وصل وللمرّة الأولى مجموع الميداليّات الذهبيّة العربيّة إلى 7 ميداليّات ذهبيّة (بعدما كان مجموع الذهبيّات الأعلى هو 5 حقّقها العرب في أولمبياد طوكيو الـ2021) .
يمكن القول إنّ الدول العربيّة الـ22 الّتي شاركت في ألعاب باريس 2024 والـ406 رياضيّين الّذين مثّلوا الأمل العربيّ على مدى 16 يومًا من الألعاب، يمكنهم توجيه الشكر والامتنان إلى البحرين ومعها رباعيّ عرب القارّة الإفريقيّة الجزائر وتونس والمغرب ومصر الّذين حوّلوا معًا تلك المشاركة إلى تاريخيّة.
فالبحرين حصدت ذهبيّتين بواسطة وينفريد يافي عدّاءة الـ3 آلاف متر موانع ومواطنها أحمد تاج الدين الّذي نال ذهبيّة المصارعة الحرّة، واحتلّت المركز الأوّل في ترتيب الميداليّات بين البلاد العربيّة المشاركة مع مجموع 2 ذهب، وفضّيّة وبرونزيّة والمركز الـ33 في الترتيب العام.
كذلك، أتت مشاركة الجزائر بنتائج مميّزة فكانت الأفضل ترتيبًا عربيًّا خلف البحرين مع ذهبيّتين مميّزتين من الناحية التقنيّة كما المعنويّة وكانت حديث الإعلام، حيث افتتحت كايليا نمّور بعمر الـ17 سنة لون الذهب عند العرب في أولمبياد باريس وأعطت ذهبيّة هي الأولى لهم في رياضة الجمباز .
أمّا مواطنتها إيمان خليف فتحدّت التنمّر والاتّهامات وخطفت ذهبيّة الملاكمة.
وكان لكلّ من مصر وتونس والمغرب موعدهم مع ميداليّة ذهبيّة وحيدة من خلال فوز اللاعب المصريّ أحمد الجندي بذهبيّة الخماسيّ الحديث والتونسيّ فراس القطوسي بذهبيّة التايكواندو والمغربيّ سفيان البقابي بذهبيّة 3 آلاف متر موانع .
أمّا بالنسبة إلى مشاركة لبنان فقد برهنت ليتيسيا عون أنّ بلد الارز في استطاعته إذا تحضّر بشكل جدّيّ وبعيدًا عن المحاصصات والتجاذبات أن يحرز ميداليّة في الألعاب بعدما تأهّلت البطلة الأولمبّيّة إلى نصف نهائيّ مسابقة التايكواندو، والأداء البطوليّ لبنجامن حسن في منافسة التنس بإسقاطه المصنّف 22 في العالم ومنافسته للمصنّف العاشر عالميًّا، بينما في المقابل لم تكن مشاركة الرامية راي باسيل على قدر التوقّعات والآمال بينما جاءت المشاركات الأخرى بعيدة عن أيّ منافسة.