في المدة الأخيرة، تعرّضت شركتا "مايكروسوفت" و"كراوود سترايك" (شركة أمن سيبراني أميركية) لعطل تقني كبير أدّى إلى تداعيات واسعة على مستوى العالم. هاتان العملاقتان في مجال التكنولوجيا والأمن السيبراني توفّران خدمات حيوية لملايين الشركات والمؤسسات في أنحاء العالم. وعليه، تجاوز تأثير هذا العطل الحدود التقنية وصولاً إلى جوانب اقتصادية وأمنية بالغة الأهمية.

تفاصيل العطل

تعرّضت مايكروسوفت لمشكلة تقنية في خدمة الحوسبة السحابية Azure، التي تعدّ من أكبر خدمات السحابة وأهمها على مستوى العالم. هذا العطب أدّى إلى تعطّل العديد من التطبيقات والخدمات التي تعتمد على Azure، بما في ذلك خدمات البريد الإلكتروني، وقواعد البيانات، وتطبيقات الأعمال الحيوية.

كذلك واجهت كراوود سترايك عطلًا في منصّتها للأمن السيبراني، فأثّر ذلك على قدرتها على حماية الأنظمة ضدّ الهجمات الإلكترونية. هذا العطل تسبب في ثغرات أمنية محتملة للعديد من الشركات التي تعتمد على حلول كراوود سترايك لحماية بياناتها ومعلوماتها الحساسة.

الخسائر المالية

كبّد الخلل الفنّي الذي ضرب العالم، والذي يعتبر الأكبر في تاريخ البشرية، الكثير من المؤسسات والشركات خسائر فادحة. فقد فقدت شركتا "مايكروسوفت" و"كراودسترايك" المسؤولتان عن العطل الفنّي 33 مليار دولار من قيمتيهما السوقية في 7 ساعات، علماً أنّ قيمة شركة "كراودسترايك" تبلغ نحو 83 مليار دولار، ولدى الشركة - وفقاً لموقعها الإلكترونيّ - نحو 20 ألف مشترك في أنحاء العالم.

في المقابل، تتجاوز القيمة السوقية لشركة "مايكروسوفت" 3 تريليونات دولار. وبحسب بيان الشركة تضرّر عمل 8.5 ملايين جهاز يعمل وفق نظام التشغيل "ويندوز"، منذ اكتشاف العطل الفنّيّ.

على مقلب آخر، ألغيت أكثر من 4,400 رحلة جوية وأُجّلت 40 ألف رحلة أخرى، وأدّى العطل الفنّي إلى اضطرابات في عمل بورصات هونغ كونغ ولندن وطوكيو وغيرها.

كما تضعضعت ثقة العملاء في خدمات مايكروسوفت وكراوود سترايك، تضعضعاً قد يؤدي إلى خسارة بعض العملاء والبحث عن بدائل أكثر أماناً. ودفعت هذه الحادثة الشركات إلى إعادة تقييم إستراتيجياتها الأمنية والتثبّت من جاهزية خطط الطوارئ لمواجهة مثل هذه الأزمات.

ما العبر؟

سلّط هذا العطل الضوء على مدى هشاشة البنية التحتية التقنية والأهمية البالغة لاستمرار الخدمات السحابية والأمن السيبراني في العصر الرقمي. فقد بات من الضروري أن تعزز الشركات بنيتها التحتية وتطور حلولاً متقدمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأعطال وتقليل تأثيرها في العمليات الاقتصادية والأمنية.

في هذا الإطار، قال خبير التحوّل الرقمي رودي شوشاني لـ"الصفا نيوز": "في ظلّ التطوّر التكنولوجي الذي يجتاح العالم، ليس ثمة ضمانة مطلقة تحمي الشركات من الأعطال التقنية أو الخروق الأمنية، ولكن هناك بعض الخطوات التي يمكن الشركات اعتمادها لحماية نفسها ومنها:

- الاختبارات الأمنية الدورية للأجهزة من أجل التثبّت من أيّ عمليات تهريب للمعلومات.

- تحديث دائم للشبكة والبنى التحتية، والبرامج والأجهزة، لسدّ الثغرات حتى من جهة البائع.

- معرفة أنّ التحديث السريع ضروري، ولكن يجب أن نكون حذرين.

- يجب التدريب والتوعية واستخدام أنظمة أمان متعددة الطبقات لتوفير حماية شاملة ومختلفة.

- التشفير وهو العنصر الأساسي.

وماذا عن نسبة الأمان التي توفّرها الشركات؟ أجاب شوشاني: "99.9 في المئة هي نسبة الأمان التي يمكن توفيرها، ونسبة الـ0.1 في المئة المتبقية قد ينجم عنها 8 ساعات أعطال حدّاً أقصى. والأخطاء من السهل أن تطرأ، وقد تكون أخطاء بشرية أو تقنية غير متوقعة، ومتوقعة معاً. كما قد نشهد أعطالاً ناتجة من هجمات سيبرانية، من الصعب توقيفها، أو كوارث طبيعية قد تعطّل عمل الشبكة".

وما هي الأساليب التي يمكن الشركات اللجوء إليها لحماية معلوماتها؟ ردّ شوشاني: "وضع نسخة احتياطية لكلّ الداتا، ومن المفضّل أن تكون هذه النسخة مشفّرة، فضلاً عن وضع خطط هدفها التعافي من الكوارث وحالات الطوارئ، واستخدام أدوات مراقبة متطوّرة يمكنها أن تعطينا تحليلاً وكشفاً مبكراً للتهديدات والمخاطر التي قد تطرأ على الأجهزة أو الشبكة. وأخيراً، يجب تفعيل التعاون بين المؤسسات مع تفعيل الصيانة الدورية".

أمّا العِبر التي أخذتها الشركات من الحادثة، فهي "ضرورة وجود فريق استجابة في الأزمات داخل الشركة وفي البلد، وتحسين الحوكمة وتجربة الUPDATE، وتفعيل التعاون بين شركات المعلومات والأمن السيبراني".

إنّ التكنولوجيا أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية وأعمالنا، وبالتالي فإنّ هذه الحوادث تذكّرنا بأهمية الاستثمار في الحلول الأمنية والاحترازية لضمان استمرار الأعمال وحماية البيانات من التحديات التقنية المتزايدة.