لم يكن مستغرباً إرجاء جلسة الحكومة بحجّة عدم اكتمال النصاب. منذ ساعات الصباح الأولى برزت عقبات كثيرة كان أهمّها عدم وجود رغبة لدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تمرير تأجيل التسريح وتحمّل تبعاته. وكان إعلان وزير الدفاع موريس سليم باستعداده الطّعن في قرار رئيس الحكومة واعتبار أيّ قرار يصدر عنه مخالفاً للدستور كفيلًا بدفعه إلى عدم تمرير الجلسة. وما حصل شكّل عنصر مفاجأة لكلّ الأفرقاء بما فيهم الثنائي الشيعي على ما تقول مصادره التي تؤكّد أنّ فريقاً داخل الحكومة هدّد بمعارضته تعيين رئيس الاركان وهو تيار المردة، ما عقّد المسألة وبات متعذّراً تأمين نصاب جلسة التعيين. لكنّ مصادر سياسية مغايرة قالت أنّ رفض المردة ليس إلّا المخرج الذي طلبه الثنائي لفرط الجلسة.
سبق تأجيل جلسة مجلس الوزراء وحديث وزير الدفاع تغريدة ناريّة لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عبر حسابه على منصّة "إكس": قال فيها "عم اتفرّج عليهم وابتسم: حدا همّه يغيظني، وحدا بدّو يرضيني. حدا بيعرف انّه معي حق، بس ما لازم اربح! وحدا بيعرف انه ما لازم اخسر، بس ما بيسوى هلقدّ اربح! انا بكلّ الاحوال ربحت، واقلّه ربحت حالي؛ بتقدروا تفكّروا بالبلد ومصلحته وتنسوني؟ وتحكّموا ضميركم بدل ما يتحكّم فيكم حقدكم؟ يا وزراء، كيف ممكن تقبلوا رئيس حكومة بيتخطى الدستور والقانون سوا ويسلب صلاحيّة وزير ويمارسها قدّامكم؟ بكرا بيجي دوركم".
وأضاف: "ويا دولة رئيس حكومة، كيف ممكن تضرب هيك ضربة قاضية للطائف وبعدين تبكي عليه؟ ما هيدي روحه! ويا نواب، كيف ممكن تضربوا مبدأ شمولية التشريع وتشرّعوا لصالح شخص وبعدين تحكوا عن دولة القانون والمؤسسات؟! ويا دولة رئيس مجلس النواب كيف ممكن تقبل بهيك تشريع وانت بتعرف انّه اختصاص الحكومة وضربة كبيرة لفصل المؤسسات؟ وانتو كلّكم بتعرفوا انه بكل الأحوال، لا فراغ في الجيش، ولا خوف على وحدته، ولن يكون الاّ مسيحي على رأسه. المشكلة مش هون، المشكلة هي نكاية بالداخل وطاعة للخارج. فأنا اسامح يلّي بدّو يغيظني واحرّر يلّي بدّو يرضيني... اعملوا شو ما بدّكم، بس اعملوا ضميركم ومصلحة بلدكم! وما حدا يبتزني او يغريني او يهدّدني، انا ما بعمل الّا قناعتي وضميري".
وجاءت التغريدة في وقت سرت فيه معلومات صباحية تشير إلى تغيير كبير في المجريات المتوقّعة وتلك المتّفق عليها، بحيث تراجع الثنائي عن الموافقة على تعيين رئيس أركان ما أغضب الرئيس السابق للحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط وأنذر بفتح باب المواجهة مع باسيل، خاصّة وأنّ أمراً كهذا أوحى بوجود اتفاق بين بري وميقاتي. في وقت كانت قالت فيه مصادر حكومية لـ"الصفا نيوز" أنّ مصير قيادة الجيش قد لا يطرح على جلسة اليوم، وهي استبقت جلسة مجلس النواب بالقول أنّ الأمر يتوقّف على رئيس الحكومة ما يعني أن لا شيء محسوم حكومياً، ما أكّد أنّ الموضوع لا يزال قيد سباق حكومي نيابي عنوانه التهرّب من المسؤوليات.
وقالت مصادر سياسية أنّ تغريدة باسيل كانت الدافع لتطيير الجلسة بعدما كان المقصود من كلامه تحذيراً إلى الحليف في حال قبول تأجيل التسريح، ما أوجب تطيير الجلسة من دون أن يستبعد أن يسري على جلسة مجلس النواب ما سبق وحصل مع الجلسة الحكومية بحيث يتعذّر انعقادها لفقدان النصب.
خلط أوراق جديدة عرّابته الحكومة، فهل يكمل مجلس النواب المسار بالانقلاب على الاتفاق مع القوات وتطير الجلسة. كلّ شيء متوقّع وحصول ذلك يعني أنّ التمديد أو تأجيل التسريح صارا في خبر كان.