قد يكون هناك الكثير من القطاعات التي أعادت تنظيم نفسها بعد الأزمة الكبيرة التي واجهت لبنان في السنوات الماضية، إلّا أنّ قطاع بيع السيارات لا يزال يواجه عوائق عدّة تحول دون عودته إلى الطريق الصحيح.
تتفاوت نسبة المبيع بين معرضٍ للسيارات وآخر، إلّا أنّ النّسب لا تزال منخفضةً جداً، وتوقّف المصارف عن إعطاء القروض له التأثير الأكبر على نسبة المبيع، ناهيك عن الرواتب التي انخفضت بشكل كبير أيضاً، نتيجة انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي.
ايلي القوبا وهو صاحب أحد أكبر معارض السيارات في لبنان وعضو نقابة مستوردي السيارات المستعملة يقول في حديث عبر "الصفا نيوز" أن نسبة مبيع السيارات تراجع إلى الـ 5% من العدد الإجمالي الذي كان يباع قبل العام 2019، وهي الآن في أدنى مستوياتها نتيجة عوامل عدة."
ويضيف القوبا: "في بداية الأزمة كانت بعض المعارض تقبل المبيع مقابل الشيك المصرفي، وهذا الأمر توقّف منذ أشهر عدّة ناهيك عن المقتدرين الذين سارعوا إلى شراء السيارات قبل ارتفاع الدولار الجمركي. في المقابل ارتفع سعر الدولار الجمركي من 8000 إلى 15000 واليوم إلى 85500 ليرة لبنانية ما انعكس على أسعار السيارات التي ارتفعت بدورها بشكل جنوني وأدّت إلى ترسيخ الجمود".
ويكشف القوبا أ"نّ قرار رفع تسعيرة الدولار الجمركي استدعى تواصلاً مع هيئة إدارة الجمارك ولكن لا نتيجة حتى الآن شارحاً أنّ السيارة التي كان سعرها في الخارج تسعة آلاف دولار كان جمركها ألف دولار أميركي اليوم عاد جمركها ليرتفع إلى 6000 دولار أميركي".
مؤكّداً أنّ القطاع في حال انهيار دائم ولا آمال لدى أصحاب المعارض بحلول قريبة.
مبيع السيارات الفاخرة لايزال نشطاً إلى حدٍ ما
الصورة القاتمة التي تحدّث عنها القوبا أفضل بقليل لدى رنا الشامي وهي مديرة قسم المحاسبة في إحدى شركات بيع السيارات المستعملة.
الفرق بين الشامي والقوبا أنّ السيارات في المعرض الذي تعمل به هي لأصحاب الدخل المرتفع او للطبقة المقتدرة. وتقول الشامي "إنّ نسبة البيع انخفضت إلى الثّلث."
وتضيف الشامي "إنّ مبيع السيارات الفاخرة الذي لايزال نشطاً إلى حدٍ ما، حدّ من الخسائر التي لحقت في مبيع السّيارات الصغيرة". وإذ أكّدت أن لا حلّ للمواطنين راهناً إلّا بالدّفع نقدًا، كشفت عن وجود بعض المعارض التي تقبل بالتقسيط عبر سندات لعدد محدود من زبائنها التي تعرفها مسبقًا.
وتشير الشامي إلى أنّه وبعد ارتفاع سعر الدولار الجمركي أصبح الاعتماد راهناً على السّوق المحلّي أكثر من الاستيراد خصوصاً أنّ السّيارات الكبيرة والتي تستهلك الكثير من الوقود انخفض سعرها بشكل كبير في لبنان فيما لا تزال أسعارها مرتفعةً في الخارج.
الوضع ليس أفضل حالًا في صالات بيع السيارات غير المستعملة فالجمرك يطال تلك السيارات حتماً ولا حلّ لدى زبائنها إلّا بتأمين الدولارات نقدًا.
زياد القويق أحد وكلاء مبيع السيارات أشار إلى أنّ ذروة مبيع السيارات بعد الـ 2019 كان مع بدء الحديث عن رفع الدّولار الجمركي إلّا أنّ القطاع دخل مرحلة الرّكود من جديد.
وإذا كان المواطن يستسهل في السابق شراء سيارةٍ بالتقسيط من خلال دفعة أولى وتقسيط المبلغ المتبقّي عبر المصرف، فإنّ ذلك أصبح مستحيلًا الآن".
ويضيف القويق "والأسوأ هو توقّف العمل في إدارة هيئة السّير لتصبح عملية تسجيل السيارات مستحيلة، فإذا كانت بعض الشركات ترغب برهن السّيارات مقابل التساهل بالدفع فهذا غير ممكن ".
وعن إمكان الدّفع عبر السندات المسبقة الدفع قال قويق "إنّ الوضع في لبنان لا يسمح الدخول بمثل هذه المجازفات".
لا بوادر توحي راهنًا بإمكان إعادة تفعيل القروض بشكل عام
الخبير المالي والاقتصادي والمستشار المصرفي نسيب غبريل يؤكّد عبر "الصفا نيوز" أن لا بوادر توحي راهنًا بإمكان إعادة تفعيل القروض بشكل عام.
ويعتبر غبريل "أنّ لدى المصارف الرّغبة في إقراض القطاع الخاص، لكنّ المشكلة تكمن في سبل جباية هذه القروض، والخوف هو من العودة إلى المشاكل القضائية التي كانت قائمة سابقاً حول طريقة استيفائها، أي وضع شيك مصرفي لدى كاتب العدل أو قيمة السّند باللبناني على أساس سعر الـ 1500 ليرة."
مشيرًا إلى ّأنّ عودة تفعيل القروض المصرفية يتطلّب قانوناً يحمي المصارف ويجيز لها استيفاء القروض حصراً بالعملة التي دفعت بها".
إذًا لا حلّ راهنا لقطاع السيارات وأصبحت السيارات على الطرقات إمّا من الطراز الرفيع أو "سارحة والرب راعيها" والأسوأ أن لا معاينات ميكانيكية تلزم المواطن الحفاظ على "صحة" سيارته بالحدّ الأدنى.