إنّ متابعة المشوار الفنّي لأيمن زيدان تأخذنا ليقينٍ تامٍ بأنّنا أمام ممثلٍ كبيرٍ صاحب قدرات كبيرة، فمن أحبَّ الدراما السّوريّة شاهدَ في حقبةِ التسعينيّات ثنائياته مع المخرج الرّاحل هشام شربتجي في مسلسلَي "يوميّات مدير عام" و"جميل وهناء" (المسلسلان كتابة زياد الريّس) بالإضافة إلى أعمالٍ أُخرى أبرزها "بطلٌ من هذا الزّمان" (كتابة ممدوح حمادة) وغيرها.


في المسلسلات الكوميديّة أدرك زيدان حرفة رسم الابتسامة على وجوه المشاهدين، ولم يكن أقل حرفيّة في أدوار التراجيديا، لكنّ للكوميديا وقعها الخاص في مشواره.

إنّ بطل "أُخوة التّراب" الحاصل على "الشّهادة رقم 1" من الدّفعة الأولى في المعهد العالي للفنون المسرحيّة، قلبَ القدرُ حياتَهُ في العام 2011 بعدما خطفَ الموتُ ابنه نوّار الذي رحل بمرضِ السّرطان، ومنذُ ذلك الحين تغيّرت حياة أيمن زيدان رأساً على عقب.

أيمن زيدان وابنه نوّار أثناء تقديمهما برنامج "لقاء الأجيال"

يقولُ زيدان في مقابلاته إنّ رحيل نجله نوّار كان قاسياً عليه بالإضافة إلى "وجع الحرب السوريّة" في نفس العام فانقلبت صفحات الفرح وأدوار الكوميديا إلى حزنٍ قاتم وسوادٍ يخلو من الضوء. يرفعُ أيمن زيدان تهمةَ التّشاؤم عن نفسه ويعتبر ما يكتبه في فيسبوك "خواطر حقيقيّة" تعبّر عن تجربته في الحياة، فمن يتابعه يُثقَل بكميّة الهموم التي لا تنتهي سطورُها.


أيمن وشادي زيدان في "زقاق الجن"

تعاقدَ "أبو حازم" مع دورِ نشرٍ اهتمّت بنشرِ كتاباته وقدّم نفسه كمخرجٍ لهُ بصمتهُ الخاصّة، وحين شاهدناه في مسلسل "زقاق الجن" في رمضان 2023 (كتابة محمد العاص وإخراج تامر إسحاق) شَهدْنا على براعةِ رجلٍ مرّت عليه تجارب خمّرت إحساسهُ فشدّنا في أداءٍ متفرّدٍ، لكن تصوير "زقاق الجن" انتهى بموت شقيقه شادي، زار الموت عائلة زيدان مرةً أُخرى!


يستمرُ أيمن زيدان بالغوص في صفحاتِ الحزنِ، ويحلمُ أن يكون غجريّاً في عالمٍ ملوّنٍ دونما عن عالمٍ حقيقي هو فيه "الغجري الحزين"، فقد كتبَ في فيسبوك:

"كم أحلمُ أن أكون غجرياً يجرُّ عربته في عالم ملوّن… لا قوانين ولا ضوابط تلجم رغبة روحه بالانعتاق.... سهوب على المدى المفتوح… توق محموم لعناق القمر... إحساس عارم بالرّحيل إلى هناك حين بدأ العالم بكتابة حروفه الأولى... إلى هناك حيث البدايات... بداية البدايات... قبل أن يتشكّل هذا الكون الأحمق بزيفه الذي يُرهقني… أحنُّ إلى جدران المغاور التي حَفرَ عليها الأوّلون خطوطهم الأولى... حلمٌ مجنون بإعادة تشكيل هذا العالم علّني أخلصه من كل هذا القبح".