ما يحصل ليس بحاجة إلى تحليل سياسي أو إقتصادي منطقي بل إلى تحليل نفسي إجتماعي يُسهب بشرح أصل تركيبة اللبنانيين الفكرية والذهنية.

على بعد أسبوع واحد فقط أو ما يقارب الـ168 ساعة من اليوم الإثنين وحتى فجر الإثنين المقبل، ساعات تضع البلاد والعباد على كفّ انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وساعات أقلّ منها بكثير قد تشهد استقالة استباقية لنوابه الأربعة، بعدما تقدموا بمطالب وصلاحيات تعجيزية إلى مجلس النواب من أجل أن يتحمّلوا مسؤولياتهم. فمن ذا الذي يُصدق أنّ بلداً يتجاوز عدد سكانه الـ 5 ملايين نسمة من المقيمين وأضعافاً من هذا العدد من المهاجرين لمعت أسماء كُثِرٍ منهم على مدى عقود في الدول التي يقيمون فيها، ونجحوا في ريادة الأعمال وتولّي أرفع المناصب من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ولا تجد بينهم بديلاً واحداً عن سلامة! مردّ ذلك كلّه ليس لنجاعة ما قدّم وابتكر الرجل من خطط مالية ونقدية حصد على اثرها الجوائز العالمية في صرف أموال المودعين على المنافع الشخصية والعامة، بل نظراً لحقل الألغام الذي زرعه على مدى أكثر من 32 عاماً، بعدما توغّل في كلّ تفصيل نقديّ ووضع قنبلة موقوتة يعجز خبراء النّقد والاقتصاد عن تفكيكها.


مع مغادرة سلامة مكتبه سيكون الدولار الواحد قد لامس الـ500 ألف ليرة

وبينما تشخص الأبصار نحو عدّاد الساعات، يضع فقراء لبنان أيديهم على قلوبهم وجيوبهم تخوفاً من الأسوأ، والمتمثّل بتفلّت سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار في السوق الموازية، حيث وصل التهويل إلى حدّ القول أنّه بمجرّد مغادرة سلامة مكتبه في مصرف لبنان سيكون الدولار الواحد قد لامس عتبة الـ500 ألف ليرة وأكثر، حيث لا منصة لصيرفة أي لا "مورفين" نقدي بعد نهاية الشّهر الحالي. أمّا أهل السلطة فكان انتباههم مُنصبّاً نحو عظة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، يوم أمس، علّّه ينبس بموقف واحد يبرّر لهم التّمديد للحاكم أو التعاقد معه من جديد أو حتّى الإيعاز بتعيين بديل منه، إلّا أنّ ذلك لم يحصل بالتزامن مع إجماع الأحزاب المسيحية الكبرى حتى اللحظة على ضرورة مغادرة الحاكم مركزه بغضّ النظر عن النتائج.

ومن الآن وحتى الإثنين المقبل تشهد السّاحة السياسية الداخلية مزيداً من الحراك المُتخبّط، حيث يعود غداً موفد الرئيس الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت حاملاً في جعبته ما لا يمكن التنبؤ به، خصوصاً بعد البيان الذي صدر الأسبوع الفائت عن اللجنة الخماسية التي انعقدت في الدوحة (الولايات المتحدة، فرنسا، السعودية، مصر، قطر) والتي أدخلت المبادرة الفرنسية غرفة الإنعاش، حيث الدلائل الأولى على ذلك تمثلت بغياب الدعوة إلى الحوار التى قامت على أساسه المبادرة واجتماع الدوحة، إذ انتهى بعموميات تشي بأن وقت الحلّ اللبناني لم يحن بعد.

حجوزات المطاعم والفنادق والملاهي الليلية والمهرجانات "فول"

مصادر مواكبة للأحداث، تُبدي كثيراً من الاستهجان لما يشهده لبنان من شماله إلى جنوبه، فنسبة لا يُستهان بها من اللبنانيين غير ابهة بخطورة ما ينتظر الجميع، إذ إنّ المطاعم والفنادق والملاهي الليلية والمهرجانات تعجّ بالمرتادين والحجوزات "فول"، وكأنّ لبنان بأحسن أحواله، وتلفت المصادر إلى أنّ ما يحصل ليس بحاجة إلى تحليل سياسي أو إقتصادي منطقي بل إلى تحليل نفسي إجتماعي يُسهب بشرح أصل تركيبة اللبنانيين الفكرية والذهنية، الذين أنزلتهم بضعة "سنتات" كضريبة كان من المفترض أن تضاف على خدمة "واتساب" ليل 19 تشرين الأول 2019، إلى الساحات والطرقات للتظاهر وتكسير المرافق العامّة والخاصّة واليوم لا تحرّك مشاعرهم الفوضى النقدية المحتملة حيث لا سلطة نقدية في بلد مأزوم القطاعات كافة.

ما حصل في العراق ليس الأسبوع الفائت ليس صدفة 

وتُعرب المصادر نفسها عن كثير من القلق حيال ما حصل نهاية الأسبوع الفائت لجهة إقدام لاجئ في السويد من أصل عربي (عراقي - مسيحي)، على تدنيس نسخة من القران الكريم واحراق صور بعض الرموز الدينية الشيعية البارزة في العراق وايران وما استتبعه من قرار اتّخذه رئيس جمهوريّة العراق عبداللطيف رشيد، بسحب المرسوم الجمهوريّ من البطريرك مار لويس روفائيل الأوّل ساكو، معتبرةً أنّ ما عجزت عن فعله داعش والتنظيمات الإرهابية طوال عقد من الزمن قد تنجح بفعله الفتنة الآتية برياح غربية.

وترى أن ما يحصل في المنطقة ليس صدفة بل ممنهج وتتخوّف منه على الواقع في لبنان ولاسيّما في ظلّ الانقسام الحاصل حول انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وهي الرئاسة المسيحية الوحيدة في العالم العربي.

الراعي: هوية لبنان ورسالته مهددتان

وتقاطع تخوف المصادر مع موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي عبّر عن ألمه حيال "القرار الذي اتّخذه رشيد، بسحب المرسوم الجمهوريّ من البطريرك روفائيل الأوّل ساكو، واصفاً الأمر بأنه "انتهاك لكرامته ولكرامة الكنيسة والمسيحيّين في العراق".

ومن جهة ثانية، أكَّد الراعي في عظة قداس الأحد، أنَّ "هوية لبنان ورسالته مهددتان بالتشويه والإنهيار بسبب عدم الإلتزام بمضمون الدستور وعدم تطبيق الطائف نصاً وروحاً".

وأشار الراعي إلى أن "مطالبتنا بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم هي لكي يحافظوا هم على هويتهم ورسالتهم في وطنهم من جهة ولكي لا يكونوا سبباً في تشويه هوية لبنان ورسالته من جهة أخرى"، فيما شكر "لجنة الدول الخمس على حمل هم لبنان ومستقبله أكثر من السلطات اللبنانية المستمرة بالهدم".

ميقاتي: انتهاك واضح للسيادة اللبنانية

من جهته، كرر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي موقف الحكومة اللبنانية من أزمة النازحين السوريين، مشدداً على أهمية إعادتهم إلى بلادهم من خلال خطة آمنة ومضمونة لجميع اللاجئين. وأنه يتوجب على المنظمات الدولية والجهات المانحة، عوضاً عن تمويل إقامتهم في لبنان، إعادة توجيه هذه الأموال لدفعها وبشروط للأفراد والأسر التي تقرر العودة إلى وطنها.

وقال ميقاتي خلال مشاركته في مؤتمر روما لمناقشة الهجرة عبر المتوسط: "للأسف، يبدو أن قرار برلمان الاتحاد الأوروبي الأخير يتغاضى عن التعقيدات والتحديات المتعددة الأوجه التي تواجه لبنان. فبدلاً من الاعتراف بمرونة بلادي وتحفيزها وبيقظة القوات المسلحة اللبنانية في مواجهة أزمة اللاجئين، نجد أنفسنا موضع لوم، أو بالأحرى معاقبين على حسن ضيافتنا وجهودنا. وبالتالي، أود أن أكرر خيبة أمل لبنان للقرار الأخير الذي أصدره برلمان الاتحاد الأوروبي. هذا القرار هو انتهاك واضح للسيادة اللبنانية ولا يأخذ في الاعتبار مخاوف وتطلعات اللبنانيين. إنَّ الضغط الذي تفرضه هذه الأزمة علينا والتداعيات الشديدة للوجود الطويل الأجل للنازحين السوريين في لبنان يُزعزع استقرار النسيج الاجتماعي في البلاد ويشكل تهديداً مباشراً على وجوده كنموذج للتنوع".

علي حسن خليل: لاستنفار وطني

في غضون ذلك، اعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل، أنه "اليوم وبعد كل الذي حصل مازلنا وبنفس المنطق ندعو الى حوار عام، حوار ثنائي، حوار جزئي، لانتاج حلول لما نحن قادمون عليه"، قائلاً: "سمعنا في اليومين الماضيين الى ما يمكن ان يجري من سيناريوهات مقلقة حول مصير الوضعين النقدي والمالي بعد 31 تموز، قلنا واليوم نجدد القول ان هذا الامر يستوجب اعلان استنفار وطني يبدأ بحكومة تصريف الأعمال والبدء بإدارة نقاش وورشة عمل حقيقية حول كيفية التعاطي مع المرحلة المقبلة بغضّ النظر عن الموقف الذي سيكون عليه وضع المصرف المركزي، بقاء نواب الحاكم او عدم بقائهم أو غيرها من الأمور، نحن أمام محطة تجعل من الجميع معنيين بشكل أو بآخر بكيف يمكن للأمور أن تتطور على المستوى النقدي لهذا، فلنترفع ونتواضع أمام بعضنا البعض ولنقدّم المصلحة العامة على ماعداها من مصالح".

فضل الله: البلد لا يحتمل أيّ تلاعب جديد

أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، أنّ "البلد لا يحتمل أيّ تلاعب جديد بسعر عملته الوطنية، فهناك قلق عند اللبنانيين، وهناك مسؤولية مباشرة تقع على عاتق الحكومة الحالية، وهي معنية باتخاذ كل الإجراءات الممكنة لحماية سلامة النقد، ومنع أيّ محاولة تلاعب بسعر الصّرف لأيّ سبب ومن أيّ أحد كان سواء كان جهة رسمية أو غير رسمية، لا سيما وأنّ البلد له فترة مستقرّ على سعر محدّد، وبدأنا نرى تهويلاً على الناس ومحاولات ضرب الطمأنينة القليلة التي شعروا بها في الفترة الماضية".

وتابع: "صحيح أن المعالجات للأزمات القائمة تحتاج إلى مؤسسات الدولة ورئيس للجمهورية وحكومة كاملة الصلاحيات، ولكن اليوم لدينا وضع، فهناك حكومة تصريف أعمال، وهناك مجلس نيابي ومؤسسات، ونحن من داخل هذه المؤسسات نعمل بكلّ الإمكانات المتوافرة من أجل التخفيف من الأزمة الحالية، لأنّ العلاج يحتاج إلى مؤسسات كاملة الصلاحيات".

ما حقيقة دمج التلامذة النازحين بالتلامذة اللبنانيين؟

من جهة ثانية، دفعت الأخبار المتداولة حول دمج التلامذة النازحين بالتلامذة اللبنانيين، بالمكتب الإعلامي لوزارة التربية والتعليم العالي، إلى إصدار البيان الآتي:

"يتم التداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بأخبار حول دمج التلامذة النازحين بالتلامذة اللبنانيين، وبصيَغ لدفع رواتب المعلمين من المنظمات الدولية بالدولار. ويتم التداول كذلك بكلام منسوب إلى وزير التربية حول العام الدراسي الجديد ودمج المعلمين اللبنانيين بمعلمين غير لبنانيين من سوريين وفلسطينيين وغير ذلك من الاخبار.

إنّ المكتب الإعلامي في وزارة التربية، ينفي نفياً قاطعاً صحّة هذه الأخبار وما يشبهها من معلومات مختلقة تهدف إلى التشويش والبلبلة، ويدعو المواطنين إلى عدم اعتماد أيّ خبر مجهول المصدر، بل متابعة التصاريح التي تصدر رسمياً فقط وبصورة مباشرة عن الوزير والوزارة وبواسطة مكتبها الإعلامي، والتي يتم نشرها عبر صفحة الوزارة وعبر وسائل الإعلام المعروفة والمواقع الإخبارية المعتمدة".

الطقس: ارتفاع إضافي بدرجات الحرارة

من جهة آخرى، توقعت دائرة التقديرات في مصلحة الأرصاد الجوية في المديرية العامة للطيران المدني أن يكون الطقس اليوم، غائماً جزئياً إلى قليل الغيوم مع ضباب على المرتفعات المتوسطة وارتفاع إضافي محدود بدرجات الحرارة والتي تبقى فوق معدلاتها الموسمية وبقاء نسبة الرطوبة المرتفعة على الساحل.

وحذرت مصلحة الأرصاد الجوية، من خطر اندلاع الحرائق في المناطق الحرجية ومن التعرض لأشعة الشمس المباشرة في ساعات الذروة، فيما نصحت اللبنانيين بالإكثار من شرب السوائل وارتداء الألبسة القطنية.