لبنان كما المنطقة على موعد مع التغيير، الذي من المفروض أن يحمل إلى الواجهة قيادات جديدة تُساهم في إعادة إعمار لبنان ووضعه على الخارطة الإقتصادية الإقليمية ضمن الأطر المرسومة.
منذ بضعة أشهر، كان العالم يتوقّع انهيار الدولار والتخلّي عنه كعملة عالمية. وذهب البعض أبعد من ذلك عبر التنبّؤ بنهاية الهيمنة الأميركية على العالم، وصعود نجم الثنائي العسكري الروسي – الإقتصادي الصيني الذي سيحكم العالم بعدل أكبر. لكن وكما يُقال، تجري الرّياح بما لا تشتهي السفن، روسيا اُستنزفت في الحرب الأوكرانية لدرجة أنّها أصبحت تلجأ لدول صغيرة لمدّها بالسلاح، كما والإستفادة من بعض مخلّفات مجموعة فاغنر! والصين تُعاود إحياء المفاوضات مع الأميركي لتحسين شروط التصدير والإستيراد الصيني من وإلى الصين ولو على حساب القضية التايوانية.
ربحت أميركا وخسر خصومها وهذا واقع الإقتصاد الأميركي الذي فرح خصومه بأنّ ديونه وصلت إلى سقف الـ 31 تريليون دولار أميركي، وبالتالي أصبحت تُشكّل عائقاً بالنّسبة له، أخذ بعدًا تصاعديًا جديدًا مع توقّعات بقفزات تفوق بضع تريليونات للناتج المحلّي الإجمالي، والذي ما هو إلّا نتاج الأبحاث والتطوير التي تقوم بها الشركات الأميركية على مدى السّنة وتُخصِّص بمباركة ومساعدة فيديرالية أرقامًا ضخمة لهذه الأبحاث. وإذا ما نظرنا إلى الشّركات الأميركية في السّوق، نرى أنّ حجم شركة واحدة أصبح يتخطّى حجم دولة!! مثال على ذلك، شركة آبل التي أصبحت قيمتها السوقية أكثر من ثلاث تريليونات دولار أميركي، وأصبحت تُناهز قيمة الاقتصاد الفرنسي الذي يبلغ حجمه الـ 3.5 تريليون دولار أميركي! وماذا نقول عن ميكروسوفت 2.53 تريليون دولار أميركي، وغوغل 1.53 تريليون دولار أميركي، وأمازون 1.34 تريليون دولار أميركي ونيفيديا 1.05 تريليون دولار أميركي وتيسلا 820 مليار دولار أميركي... وهو ما يُشكّل مجموع 10.27 تريليون دولار لستة شركات، أي ما يوازي 40% من الناتج المحلّي الإجمالي. وبالتالي فإنّ أيّ نموّ في حجم هذه الشركات سينعكس نموّاً في الاقتصاد الأميركي الذي من المتوقّع أن يقفز الـ 30 تريليون دولار أميركي هذا العام، خصوصًا مع المنتجات الجديدة التي قامت بها آبل كسماعة الرأس بتقنية الواقع المختلط ( VisionPro)، أو تلك التي قامت بها شركة ميتا – الشركة الأمّ لفايسبوك.
عمليّاً، الاقتصاد الأميركي أخذ أبعادًا جديدة من المتوقّع أن تُترجم ارتفاعاً في النّاتج المحلّي الإجمالي على عدّة سنوات، وهو ما قد يدفعه إلى زيادة حصّته في الاقتصاد العالمي من الرّبع حاليًا إلى أكثر من الثّلث في المرحلة المقبلة، وهو ما سيُعزّز الدولار الأميركي في الأسواق العالمية ليس فقط كعملة تبادل، بل أيضًا كسلاح إقتصادي لن تتأخّر الولايات المُتحدة الأميركية في شهره في وجه خصومها. الجدير ذكره أنّ الفضل في فرض الدولار الأميركي كعملة عالمية يعود إلى قوّة الإقتصاد الأميركي، وأيضًا إلى فرض المملكة العربية السعودية البترودولار كعملة تبادل.
ما هي التوقّعات على الصعيد العالمي؟
من الواضح أنّ الولايات المُتّحدة الأميركية لن تشهد عودة جو بايدن الذي أظهر ضعفًا في قدراته الجسدية. وأغلب الظنّ، دونالد ترامب غارق في أزماته القانونية التي من المتوقّع أن تمنعه من إكمال طريقه. وبالتالي، ترى أوساط سياسيّة أنّ قدوم جمهوري إلى البيت الأبيض (غير ترامب) هو الأكثر إحتمالاً، خصوصًا بعد عودة التوازن العالمي في العلاقات الدولية (المحور الأميركي – البريطاني)، والذي بدأ يُنقّي الساحة من بعض الشخصيات في بريطانيا (مثل بوريس جونسون) وفي الولايات المُتحدة الأميركية (مثل ترامب). ولم تقف القضية عند هذا الحد، حيث يعتبر بعض الخبراء أنّ ما يحصل في فرنسا هو عمل مخابراتي بإمتياز، ويُشكّل رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي طالب في تصريح له من الصين بكسر الأحادية القطبية لصالح عالم مُتعدّد الأقطاب. ويرى هؤلاء الخبراء أنّ رياح التغيير ستطال دولاً كثيرة منها إسبانيا وتركيا وفرنسا... وحتّى لبنان الذي سيشهد الكثير من التعديلات في مشهده السياسي الإقتصادي.
إسرائيل تُنفّذ ما تريده أميركا!
وعن التباعد الإسرائيلي – الأميركي الحالي خصوصًا حول الملفّ الإيراني، تقول الأوساط أنّ بنيامين نتنياهو لا يُقرّر، بل يُنفّذ ما هو مطلوب منه، وبالتالي ما يُصرّح به هي مزايدات إعلامية لأنّ الكلمة الأخيرة في هذا الملفّ هي للولايات المُتّحدة الأميركية. وإذا كانت الأمور خرجت عن السيطرة في عهد الرئيس باراك أوباما، إلّا أنّ الأمور ستعود إلى طبيعتها في المرحلة القادمة بحسب الأوساط المُطّلعة التي شدّدت على أنّ المصلحة الأميركية هي الأولوية، وأنّ الفساد لن يكون خاضعاّ ل "عفا الله عن ما مضى"، وبالتّالي فإنّ نتنياهو سيُعاود مواجهة القضاء في المرحلة المُقبلة.
سوريا ورياح التغيير
وتُضيف المصادر أنّ رياح التغيير ستطال سوريا بقرار من القيادة السورية، وأنّ أيّ قرار يخصّ إعادة إعمار سوريا واستخراج الغاز والنّفط من المنطقة الإقتصادية الخالصة، سيكون ضمن حلّ شامل على صعيد المنطقة ولن يكون فردياً. وبالتّالي فإنّ إعادة العلاقات بين سوريا ومُحيطها العربي، لن يؤثّر على مجرى الأمور.
رياح التغيير ستطال بلد الفساد!
وإذا كان البعض في لبنان يدّعي عدم "غطس يديه في المال العام"، تقول أوساط مُطلعة أنّ مُعظم من تولّوا مناصب سياسية في لبنان، عليهم ملفات وإثباتات تحتفظ بها السلطات المالية الأميركية والبريطانية، وستبدأ معالمها بالظهور مع سقوط بعض الرؤوس الكبيرة في لبنان. وعن سبب التّأخير في إظهار الأسماء في لبنان على الرغم من أنّ الإعلام يتداول بهذه الأسماء منذ فترة، تقول الأوساط، أنّ هناك قرار مفاضلة تأخذه السلطات الأميركية بين مصلحتها التكتية ومصلحتها الإستراتيجية، وأنّ صدمة ستحصل عند كشف الأسماء. لكنّ لبنان كما المنطقة على موعد مع التغيير، الذي من المفروض أن يحمل إلى الواجهة قيادات جديدة تُساهم في إعادة إعمار لبنان ووضعه على الخارطة الإقتصادية الإقليمية ضمن الأطر المرسومة..
لبنان كما المنطقة على موعد مع التغيير، الذي من المفروض أن يحمل إلى الواجهة قيادات جديدة تُساهم في إعادة إعمار لبنان ووضعه على الخارطة الإقتصادية الإقليمية ضمن الأطر المرسومة
إذا وفي الختام، لبنان كما المنطقة على موعد مع التغيير، الذي من المفروض أن يحمل إلى الواجهة قيادات جديدة تُساهم في إعادة إعمار لبنان ووضعه على الخارطة الإقتصادية الإقليمية ضمن الأطر المرسومة. هذا الأمر الذي رجّحت المصادر حصوله في فترة سنتين أو أكثر سيسبقه هزّة إقتصادية داخلية (ودائمًا بحسب الأوساط) التي توقّعت أن تكون هذه الهزّة موجعة على الشعب اللبناني.