استفاقت مدينة بشري أمس الأول السبت، على خبر مقتل الشاب هيثم طوق في محيط القرنة السوداء "برصاص القنص" من منطقة بقاعصفرين - قضاء الضنية والتي تشهد منذ زمن بعيد خلافاً بين المنطقتين. وبينما لم تنتهِ القصة عند هذا الحدّ، فقد سقط قتيل آخر من آل طوق يدعى مالك، وقد اتّهم أهل القتيل الثاني الجيش اللبناني بقتله، وذلك بعد إطلاق الأعيرة النارية لتفريق الأهالي الذين توجهوا إلى المنطقة من أجل ضبط الوضع خوفاً من اشتعال الفتنة بين المنطقتين.
خرَق حادث القرنة السوداء أعلى قمّة في لبنان وفي الشرق الأوسط (3088 متر فوق سطح البحر) هدوء عطلة نهاية الأسبوع المنسحب على الأجواء السياسية، وعلى الرغم من أنّه إشكال "عود على بدء" لأنّه ليس بجديد، إلّا أنّه كاد أن يتحوّل إلى "حرب" على أرض الواقع لولا العقلاء من الجانبين. أمّا على صعيد الواقع الإفتراضي فهي "حرب أهلية" بكل مفاعيلها، حيث وقف المتابعون أمامها مذهولين لجهة ما يُنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكأنّ ما مضى منذ الـ1975 وحتى الـ1991 لم يكن كافياً ليتعلّم اللبناني الدرس، وهو نفسه الذي دائماً ما يردّد مثلاً شعبياً "شبر من الأرض أفنى أهل الأرض".
خوف من أن تكون الحادثة بتدبير طابور خامس عمَد إلى إشعال فتنة إسلامية - مسيحية
استفاقت مدينة بشري أمس الأول السبت، على خبر مقتل الشاب هيثم طوق في محيط القرنة السوداء "برصاص القنص" من منطقة بقاعصفرين - قضاء الضنية والتي تشهد منذ زمن بعيد خلافاً بين المنطقتين. وبينما لم تنتهِ القصة عند هذا الحدّ، فقد سقط قتيل آخر من آل طوق يدعى مالك، وقد اتّهم أهل القتيل الثاني الجيش اللبناني بقتله، وذلك بعد إطلاق الأعيرة النارية لتفريق الأهالي الذين توجهوا إلى المنطقة من أجل ضبط الوضع خوفاً من اشتعال الفتنة بين المنطقتين. هذه الرواية الأولى التي يرويها أهالي القتيلين في بشري، أمّا الرواية الثانية التي تدحض كلّ ما سبق حول تدبير كمين من قبل أهالي بقاعصفرين لأهالي بشري الذين يتفقدون أراضيهم في محيط القرنة السوداء، ويعتبرون أن تقريري الطبّ الشرعي العسكري والمدني استبعدا الرواية الأولى، واضعين القضية بعهدة الجيش اللبناني والقضاء المختص لتبيان حقيقة ما حصل، ومعربين في الوقت نفسه عن تخوفهم من أن تكون الحادثة بتدبير طابور خامس عمد إلى إشعال فتنة اسلامية - مسيحية.
في غضون ذلك، وإلحاقاً بالبيان السابق الصادر عن قيادة الجيش اللبناني بتاريخ 1/7/2023 والمتعلق بمقتل مواطنَين في منطقة القرنة السوداء، دعت قيادة الجيش جميع اللبنانيين إلى التحلّي بالمسؤولية وضبط النفس والحرص على السلم الأهلي، وعدم الانجرار وراء الشائعات واستباق التحقيق.
كذلك، أكدت القيادة أنّ الوحدات العسكرية تواصل الانتشار وتنفيذ التدابير الأمنية في المنطقة، وأنّ الجيش يقوم بالتحقيق في الموضوع تحت إشراف المراجع القضائية المختصّة، وذلك انطلاقًا من واجبه الوطني.
وفي وقت سابق، كانت قد أشارت إلى أنه بتاريخ 1/7/2023، تعرّض أحد المواطنين لإطلاق نار في منطقة القرنة السوداء ما أدى إلى مقتله، كما قُتل لاحقًا مواطن آخر في المنطقة نفسها. وقد نفذ الجيش انتشاراً في المنطقة ويعمل على متابعة الموضوع لكشف ملابساته، كما أوقف عدداً من الأشخاص وضبط أسلحة حربية وكمية من الذخائر.
ولمّا كانت قيادة الجيش قد حذرت في بيان سابق بتاريخ 2023/6/12 المواطنين من الاقتراب من منطقة التدريب العسكرية في القرنة السوداء، تعيد التشديد على عدم اقتراب المواطنين كافة من هذه المنطقة تحت طائلة المسؤولية وحفاظاً على سلامتهم ومنعاً لوقوع حوادث مماثلة.
من جهته، لفت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي خلال عظة الأحد أمس، إلى أنّه يعوّل على الجيش اللبناني بفرض الأمن لمصلحة الجميع، متمنياً على أهالي بشرّي ضبط النفس حيال الحادثة المؤلمة التي شهدتها المنطقة.
كذلك، دعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان النائب فيصل كرامي، إلى "المساهمة في تهدئة الأمور وإلى الإصرار على استخدام لغة العقل وتحكيم الوجدان الوطني في هذه المسألة، خصوصاً أن هناك طابوراً خامساً يسعى إلى تسعير الفتنة والاصطياد بالماء العكر".
وبدوره، أجرى كرامي سلسلة اتصالات بفعاليات بشرّي مشدداً على أنَّ "فاجعة بشرّي أثبتت وعي اللبنانيين جميعهم، الذين رفضوا الفتنة واحتكموا للقضاء والمؤسسات"، قائلاً: "ننتظر التحقيقات لمعرفة مَن يقف خلف الجريمة لاتخاذ الموقف المناسب".
واعتبر كرامي أنَّ "الدولة اللبنانية لم تقم بواجباتها تجاه المزارعين والأهالي في المنطقة المتنازَع عليها في بشري وبقاعصفرين"، مطالباً بالإسراع في التحقيقات وكشف القضية ومحاسبة المذنبين.
تزامناً، أجرى رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالاً بكرامي دعاه فيه إلى "توخّي الحكمة في التعامل مع الحادثة الأليمة التي أودت بحياة الشاب هيثم طوق"، كما دعا من خلاله "أهالي بقاعصفرين والضنية إلى عدم الانجرار وراء الأحكام المسبقة والشائعات بانتظار جلاء الحقيقة الكاملة".
وتعهّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في اتصال مع النائبة ستريدا جعجع، أنّه سيتابع شخصياً مسار التحقيقات للتوصّل إلى توقيف المجرمين وسوقهم إلى العدالة.
إلى ذلك، شهدت مواقع التواصل الإجتماعي الكثير من التحريض من قبل الناشطين حيث أعادوا نشر مقاطع فيديو يظهر فيها نائب الضنية جهاد الصمد وهو يقول "بقاعصفرين التي تحضن القرنة السوداء رمز الضنية ورمز لبنان، أقول للقاصي والداني، والحاضر يعلم الغائب إذا الكعبة بتنزاح من محلّها، القرنة السوداء في حدا يزيحها من محلها"، وأقول هذا الكلام ليس من باب المزايدات بل من باب احقاق الحق ". تجدر الإشارة الى ان نزاعاً يقع بين منطقة بشري ومنطقة الضنّية على الارض التي شهدت عملية القنص، وكانت خلافات سابقة وقعت بين أهالي المنطقتين اللتين ينتمي اهلهما كلّ إلى طائفة، الأمر الذي يُخشى معه من تحول ما جرى الى مواجهة ذات بعد ديني طائفي.
وقد شهد الفيديو الكثير من التفاعل الذي يؤجج النعرات الطائفية، فيما عمد عدد آخر من الناشطين عبر تويتر إلى نشر صورهم بالأسلحة متوعدين بالثأر تحت عناوين طائفية، فضلاً عن نشر صور لصليب أصيب بطلقات نارية.
وفي وقت سابق، حُدّد قداس وجناز الشابين مالك وهيثم طوق اليوم، عند الخامسة عصراً في كنيسة السيدة في بشرّي، فيما أعلن اتحاد بلديات قضاء بشري الحداد وطلب من أصحاب المحال والمؤسسات التجارية والسياحية والتربوية الالتزام بالحداد والإقفال.