تُعيد مصادر مواكبة للحراك الرئاسي تخوّفها من الإنخراط القطري أكثر فأكثر بالأزمة اللبنانية وعودة الحديث عن دعمها لقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي لم تخفه يوماً، لا بل تنظر بكثير من الخشية من تحوّل ذلك إلى كباش سعودي - قطري جديد ينطلق من لبنان بعدما همدت نيران الساحة السورية، وهذا ما سيؤدي حتماً إلى تشعب الأزمة أكثر فأكثر وتكون أقل خسائره تأخر الحل.
في العمق، الأزمة الرئاسية تراوح مكانها والمرابطون على ضفتيها لا يزالون يتمترسون خلف خياراتهم، فإذا ما حُجبت الأسماء المدعومة للرئاسة من هذا الفريق أو ذاك، نرى أن خريطة طريق الرئيس المقبل لا تزال غير واضحة المعالم، أقلّه في المدى المنظور حيث أن استمزاج الآراء وتجميعها وتلخيصها من قبل الموفد الفرنسي إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان-ايف لودريان، لن يطعم اللبناني خبزاً رئاسياً صباح الغد، لأنّ "العجينة الرئاسية" لم تختمر في عواصم القرار حتى الساعة.
وستقتصر مهمة المبعوث الفرنسي لودريان على تدوين الآراء أولاً، ثم إطلاع خلية الأزمة المعنية بالملف اللبناني (برنار ايميه، وباتريك دوريل) على حصيلتها ثانياً. وبعدها يدور نقاش مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قبل اجتماع لجنة الدول الخمس في العاصمة الفرنسية. فالجانب الأول الداعم لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يتمسك اليوم بعدم معارضة السعودية للرجل، لا بل يعتبر أنّ مجرد الصمت هو علامة الرضى، بينما يعتبر الآخرون أن "تقاطعهم" حول اسم الوزير الأسبق جهاد أزعور قد حسّن موقعهم التفاوضي ولو "بالمفرق" ووضع بين ايديهم ورقة تُرمى على طاولة المفاوضات عندما "يجدّ الجدّ".
تزامناً، وقبل وصول لودريان إلى مطار رفيق الحريري الدولي، أعلن المكتب الاعلامي للسفارة الفرنسية، في بيان انه "لن يتم توزيع جدول لبرنامج زيارة لودريان إلى لبنان ولن يكون هناك أي مؤتمر صحافي له". وبينما كانت أولى لقاءات الموفد الفرنسي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، اكتفى الأخير بالقول: "اللقاء كان صريحاً وجيداً".
من جهتها، تُعيد مصادر مواكبة للحراك الرئاسي تخوّفها من الإنخراط القطري أكثر فأكثر بالأزمة اللبنانية وعودة الحديث عن دعمها لقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي لم تخفه يوماً، لا بل تنظر بكثير من الخشية من تحوّل ذلك إلى كباش سعودي - قطري جديد ينطلق من لبنان بعدما همدت نيران الساحة السورية، وهذا ما سيؤدي حتماً إلى تشعب الأزمة أكثر فأكثر وتكون أقل خسائره تأخر الحل.
وعلى الرغم من اطلاع الدوحة على الصعوبات التي تواجه عون للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى، بدءاً من التعديل الدستوري وصولاً إلى إقناع الأفرقاء "المسيحيين"به أولاً، تُشير المصادر إلى أنّ مطلع الشهر المقبل سيكشف مدى جدية هذا الدعم.
أما عن علاقة حزب الله بالتيار الوطني الحر، فعلى الرغم من كل ما شهدته العلاقة على مدى الأشهر والأسابيع القليلة الفائتة، إلا أنّ هناك شعرةً رفيعة دائماً ما تظهر عندما تكون التباينات "على المحك"، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال ما أدلى به رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في اطلالته الإعلامية الأخيرة، إذ توضح المصادر في هذا الصدد أن العلاقة على رغم تشنجاتها لم تدخل الدائرة الحمراء ولا زلت عناوينها الإستراتيجية محفوظة ومحط اجماع بين الفريقين، واذا ما سلّمنا بما يصدر عن التيار وبعض من يدور بفلكه من عقلانيين وحريصين على تفاهم مارمخايل، نجد أن كل الود لم يفسد بعد، وأن سُعاة الخير كُثُر لرأب الصدع الذي أحدثه تمسك الحزب بخيار فرنجية.
من جهة ثانية، يُقيم سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري، اليوم الخميس، عشاءً سنوياً على شرف السفراء العرب والدول الإسلامية والأوروبية في فندق فينيسيا في بيروت ، وما يميز العشاء هذا العام أن بخاري لم يتجاهل دعوة السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني والقائم بأعمال السفارة السورية، ما قد يخطف الأضواء من جولة الموفد الفرنسي لودريان.
امتعاض سعودي من حلفاء الأمس خصوصاً حول أداء السنوات القليلة الفائتة
يأتي ذلك كلّه في ظل كثرة الحديث عن امتعاض سعودي من حلفاء الأمس، خصوصاً حول أداء السنوات القليلة الفائتة أيام استعار الخلافات السعودية - السورية والسعودية - الايرانية وحلفائهما في لبنان، إذ إنَّ ما كان يُهمس في الغرف المغلقة بات على بعد خطوة من العلن تحت مسميات "تضليل المملكة بأخبار وتقارير كاذبة" حول حقيقة الواقع السياسي اللبناني.
وتربط المصادر كل هذه الأحاديث بسياسة المملكة الجديدة التي تنتهجها والتي حتماً ستؤدي إلى جردة حساب مع حلفائها السابقين كما يحصل في الداخل السعودي حيث يستبعد الديوان الملكي بعض الذين تولوا الشأن اللبناني على قاعدة "لو أن رؤاهم كانت ناجعة بما يكفي لما كانت نتيجتها الاستدارة الكبيرة في موقف الرياض، معتبرةً أن المرحلة القديمة انتهت ومعها تنتهي حتماً كل أدواتها.