دخلت المعركة الرئاسية مربعاً جديداً يفرض أسلوباً من نوع آخر لا يشبه كلّ ما مرّ على مدى الأشهر الـ8 الفائتة.
"إذا عُرف السبب بطُل العجب"، مقولة تفسّر شراسة هجوم الثنائي الوطني على قوى المعارضة وتحديداً التيار الوطني الحر الذي لبّى أخيراً طلب حليف الأمس (حزب الله)، بتسمية مرشّح لرئاسة الجمهورية، وحملت المعارضة إسمه للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قبل سفره إلى فرنسا. وبين توصيفَي "المناورة والمؤامرة"، لم تجد القوى الدّاعمة لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية أي تعابير أخرى، تصف بها توافق المعارضة المسيحية على اسم الوزير السابق جهاد أزعور.
دخلت المعركة الرئاسية مربعاً جديداً يفرض أسلوباً من نوع آخر لا يشبه كلّ ما مرّ على مدى الأشهر الـ8 الفائتة. بالنسبة لـ"الثنائي" بدا الإرباك واضحاً في أجواء عين التينة تحديداً، إذ خرج رئيس مجلس النواب نبيه بري من دائرة المتحمّس للدعوة إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في منتصف حزيران الحالي إلى "غير داعٍ لجلسة" في المدى المنظور، وأنّ السبب يعود لما قام به "الموارنة" من خلال الاتفاق على أزعور، وقد تزامن ذلك كله مع ما أوردته وسائل إعلام عربية عن نيّة أميركية بفرض عقوبات على برّي، فربما تجد "تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية" عنواناً مناسباً لتبرير ذلك، خصوصاً في المرحلة الحالية.
كذلك، لم تخلُ الأيام التي رافقت دعم الثنائي لفرنجية من بثّ أجواء تفيد باقتراب فرنجية من تحصيل الـ 65 صوتاً والتي تخوّله الوصول إلى كرسي بعبدا، في حال تأمّن نصاب الجلسة بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أمّا ما بات يشغل بال الموالاة اليوم ليس عدد الأصوات، إنما سقوط الخيارين على حد سواء، إذ أنّ ترشيح أزعور الذي لن يصل كما تُفيد جردة الأصوات، سيُسقِط حكماً نظيره فرنجية، حتى وان اقترب الاخير من الـ65 صوتاً، فمن خلال رضى قطبي الموارنة وتوافقهما تمرّ الرئاسة واسم الرئيس، وما كان يُراهن عليه سابقاً من تشتّت الكتل المسيحية من أجل تشريع رئاسة فرنجية بحفنة من الأصوات المارونية سقط، أقلّه من حيث الشكل، في حين تُجمع كل القوى السياسية على أنّ مرشّح التحدي حتّى وإن وصل، فستكون "جهنم" بانتظاره ولن يكون خياراً أمثل، لا بل سيواجه أضعاف ما واجه الرئيس السابق ميشال عون خلال سنوات عهده الأخيرة.
في غضون ذلك، أوساط مراقبة للأحداث الأخيرة المتعلّقة برئاسة الجمهورية تتساءل عمّن تفضل السعودية فعلاً لرئاسة الجمهورية أكثر، أزعور، فرنجية أم قائد الجيش العماد جوزيف عون؟ وهل الـ"لا فيتو" الذي رفعته المملكة شعاراً على لسان سفيرها في لبنان وليد البخاري سينسحب على المفاضلة بين أسماء المرشحين هذه؟
وتوضح الأوساط نفسها أنّ السيناريو الأكثر احتمالية حتّى هذه اللحظة، وبعد التطورات الأخيرة التي رافقت مطلع الاسبوع الحالي هي أن يُسقط ترشيح أزعور ترشيح فرنجية، ما يفسح المجال أمام خيار البحث عن ثالث، وعون على رأس اللائحة. وتشدّد الأوساط نفسها على أنّ التيار الوطني الحرّ لا يتبنّى أزعور بشكل نهائي، بل ترك الباب موارباً للبحث عن أسماء أخرى عندما لم يسمّه تكتل لبنان القوي خلال اجتماعه الأخير.
وتُرجح المصادر المتابعة أن يكون رئيس التيار الوطني جبران باسيل، قد نجح أخيراً في إيصال رسالة إلى الحزب، مفادها "أنا قادر"، ليس على إسقاط مرشحكم فقط، إنّما حين تريدون البحث عن اسم ثالث للرئاسة يكون البحث معي عبر أصلاء وليس وكلاء، وإلّا ذاك هو جعجع تفاهموا معه إن كنتم قادرين.
سلامة سجّل كل ما يعرف بالصوت والصورة لمدة 10 ساعات ونصف
من جهتها، أشارت أوساط مواكبة للتطورات الأخيرة على الساحة اللبنانية، إلى أنّ الأميركي دخل أكثر في تفاصيل البحث عن بديل لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي مثُل أمس أمام المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان، الذي استجوبه في ضوء مذكرة التوقيف الصادرة عن القضاء الألماني. وبينما غادر سلامة بعد انتهاء التحقيق، أصدر قبلان قراراً جديداً بمنعه من السفر تبعاً لمذكرة التوقيف الألمانية بعدما كان قد حجز في الاستجواب السابق جوازي سفره الديبلوماسي اللبناني والفرنسي.
وأشارت مصادر مطّلعة لـ"الصفا نيوز"، إلى أنّ سلامة بات أكثر استعداداً لكشف الكثير خلال أي تحقيق قد يفضي إلى توقيفه لاحقاً، كما أوضحت المصادر نفسها أن سلامة سجّل كل ما يعرف بالصوت والصورة لمدة 10 ساعات ونصف، للكشف عن توّرط رؤوس كبيرة بجرائم مالية، ربما تكون الأكبر في العصر الحديث في حال كُشفت، وذلك تحسّباً لما هو أسوأ.