الترجمة الفعلية والعملانية لاتفاق المعارضة على أزعور تكون في الأصوات التي سيحصدها الأخير خلال جلسة انتخاب الرئيس، والتي من المفترض أن يدعو رئيس المجلس النيابي نبيه بري إليها خلال شهر حزيران المقبل
يبدو أنّ مشهد الأزمة الكبرى المتمثلة بالفراغ في سدّة الرئاسة الأولى بات أكثر وضوحاً، أقلّه بالنسبة للثنائي الوطني حيث أجمع كل من حزب الله وحركة أمل، على أن ما تقوم به المعارضة، اليوم، والذي يشكّل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية قطبيها، مجرّد مناورة لإسقاط مرشحهما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وبينما شكر رئيس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الله على ما أسماه "الوصول إلى بعض التوافق حول شخصية الرئيس المقبل خلال عظة الأحد أمس، تتمدّد أزمات البلد لتطال طوابع طلبات ترشيح الطلاب للإمتحانات الرسمية.
اعتبر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، في تصريح أمس، أنَّ الأنباء المتداولة حول توصّل المعارضة للاتفاق على تبنّي ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، "مناورة ومواجهة لفرنجية"، أمّا النائب علي حسن خليل فقد رأى بأنّ في ذلك "نكد وتعطيل ومؤامرات داخلية".
في غضون ذلك، تشدّد أوساط مراقبة على أنّ الترجمة الفعلية والعملانية لاتفاق المعارضة على أزعور تكون في الأصوات التي سيحصدها الأخير خلال جلسة انتخاب الرئيس، والتي من المفترض أن يدعو رئيس المجلس النيابي نبيه بري إليها خلال شهر حزيران المقبل، مشيرةً إلى أنّ الإجماع على معارضة شخص فرنجية لا يكفي، بل الفعل يكون من خلال برنامج أزعور نفسه، حيث بات يعوّل بري وخلفه الداعمين لفرنجية المعلنين وغير المعلنين على عامل الوقت الذي حتماً سيخلق تململاً بين أوساط النواب المسيحيين، ما يسهل مهمّة خرق صفوف التكتلات وجذب عدد من النواب إلى صفّ فرنجية، وبذلك يكون التيار والقوات خسروا كل شيء بعد تأمين نصاب الجلسة المقبلة.
هل هناك من يفكّر بخيار حلّ المجلس النيابي؟
كذلك، تنظر الأوساط نفسها بعين الاستغراب لتصرّف رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، وكيف يمضي بكامل إرادته نحو نفس الخندق الذي لا يزال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع متمترس فيه، ما قد يشكّل رافعة للأخير ويلحق ضرراً كبيراً بالأول، ويتمثّل أقلّه بقطع آخر شعرة بينه وبين حزب الله، خصوصاً في ظلّ الحسابات الإقليمية العربية الجديدة وبعد انتصار المحور الذي كان باسيل في صلبه، وعندها سيسهل على جعجع مهمة النزول من على الشجرة التي صعد عليها طوال أكثر من عقدٍ من الزمن، أو حتى بقائه أعلاها داعياً الجميع إلى النظر على من هو إلى جانبه (باسيل).
وتلفت المصادر إلى أنّ التيار لم يحتفل حتى اللحظة بانتصار محوره ونجاعة خياره كما يجب، لا بل لم يستغلّ ذلك شعبياً وهو بأمسّ الحاجة إلى تمتين الراوبط مع قواعده وبيئته، وهو الأولى اليوم بحلّ كبريات الأزمات المتمثلة بعودة النازحين السوريين، سائلةً: هل هناك من يفكّر بخيار حلّ المجلس النيابي خصوصاً في ظلّ الانقسام العامودي الذي يشهده وعجزه عن الإتيان برئيس للجمهورية؟ ترى كيف سيخوض التيار استحقاقاً كهذا وهل يمكن الركون إلى هكذا خيار في ظل حكومة تصريف اعمال وفراغ يضرب مختلف المؤسسات والقطاعات؟
على صعيد الامتحانات الرسمية، أُفيد بأنّ وزارتي المال والتربية ستصدران بياناً مشتركاً يكون على شاكلة حلّ بشأن أزمة الطوابع المالية المتعلقة بطلبات ترشيح التلامذة للامتحانات الرسمية بعد الأزمة التي واجهها الطلاب والمدارس في هذا الإطار.
عظيمة نشوة الإنتصار على رياض سلامة، ولكن... ماذا بعد؟
على خط آخر، عظيمة نشوة الانتصاربصدور مذكرة التوقيف الدولية بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتحرك القضاء اللبناني بالاتجاه نفسه واستجواب سلامة ومصادرة جوازي سفره الفرنسي واللبناني، ولكن ماذا بعد؟ إذ ان القوى السياسية بمجملها "متعاطفة" كانت أم "شامتة" بسلامة فهي مطالبة بالبحث جدياً عن بديل من دون سلوك درب "المهوار" أكثر لما في ذلك من تأثير على الاقتصاد اللبناني ككل، بدءاً من أعظم الاجراءات النقدية التي تصدر عن المركزي ووصولاً إلى أصغر سلعة يستهلكها المواطن اللبناني من أي "دكان"، كما يجب على البدائل أن تشكل ركيزة للعبور نحو المرحلة المقبلة.
كذلك لا بدّ من التذكير بضرورة البدء بفتح ملفات شركاء رياض سلامة، وهم كثر. بينهم فاعلون وغير فاعلين في العديد من التكتلات النيابية والحركات السياسية، فالهندسات المالية ما كان ليكتب لها أن تنجح لولا "تسليكها" من الادارات العامة مروراً باللجان النيابية والوزارات وصولاً إلى توقيع الحاكم. فمن غير المقبول أن يعلّق كل ما فات على رجل واحد وأن يستهان بعقول اللبنانيين على قاعدة: هذا هو المجرم الوحيد فاصلبوه….
خيبة أمل ثوار 17 تشرين كبيرة
في المقابل، خيبة كبيرة تعتري "ثوار" الأمس الذين جهدوا طويلاً (منذ 17 تشرين الأول 2019 وحتى الانتخابات النيابية) لإيصال "التغييريين" إلى المجلس النيابي لتمثيلهم وتجسيد كل ما صدحت به حناجرهم في ساحات الاعتصامات، إذ أنّ مسلسل الفضائح متواصل بين النواب وتناقل الاتهامات والتسريبات "شغال" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقد وصل الحديث إلى تقاضيهم ودفعهم للرشى، مستخدمين بذلك أدنى الألفاظ السوقية حيث بات من السهل تجميع تعليقات الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ممن كانوا يوماً من أنصارهم وداعميهم واختصارها بمثل لبناني شهير "تزوجنا من أجل السترة وقد بتنا نترحّم على أيام الفضيحة".