بينما يقف لبنان على شط انتظار "حلوان الصلحة" العربية، تبدو الإجابة على السؤال المتعلق بالرئيس بحكم المعلومة لحلفاء سوريا، إلى حدّ استبدالهم السؤال بـ "متى يصبح الوزير السابق سيلمان فرنجية رئيساً"؟ وهنا لا بدّ من مواكبة تسارع الأحداث بشيء من الحكمة والرويّة
هو مطلع أسبوع جديد حيث عاد جميع الملوك والأمراء والرؤساء إلى مملكاتهم ودولهم بعد انتهاء فعاليات القمّة العربية، والتي أقلّ ما يُقال فيها إنها كانت تاريخية من حيث الشكل والحضور، أمّا المضامين فتبقى رهن الأيام المقبلة، فالجميع قادةً وشعوباً أيقنوا بأن ثمّة شيئاً قد تبدّل في المشهدين الإقليمي والعربي، ولا بدّ لذلك أن ينسحب على المشهد اللبناني فيُولد الرئيس من رحم تعابير الوئام والسلام العربي المشترك التي لَهِج بها البيان الختامي للقمة، ولكن أي رئيس؟
فبينما يقف لبنان على شط انتظار "حلوان الصلحة" العربية، تبدو الإجابة على السؤال المتعلق بالرئيس بحكم المعلومة لحلفاء سوريا، إلى حدّ استبدالهم السؤال بـ "متى يصبح الوزير السابق سيلمان فرنجية رئيساً"؟ وهنا لا بدّ من مواكبة تسارع الأحداث بشيء من الحكمة والرويّة، على اعتبار أنَّ العجلة المتداولة بين معاوني الطهاة الآن قد "تحرق الطبخة"، فملفات المنطقة على كثرتها معقدة وتحتاج إلى بعض الوقت رغم اندفاع الجميع نحوها.
يُمّعن البحث في دليل هاتفه عن رقم يعيد الحرارة إلى خطّ الشام أملاً بعودة الأيام الخوالي
أوساط مواكبة تقسّم حلفاء الرياض في لبنان إلى قسمين اثنين. أولٌ يعيش حالاً من الإنكار لكل ما يحصل من حوله، وثانٍ يُمّعن البحث في دليل هاتفه عن رقم يعيد الحرارة إلى خطّ الشام أملاً بعودة الأيام الخوالي، وبالحديث عن الحرارة يُراد للصيف المقبل أن تكون نسائمه عليلة على إعادة الإعمار والاستثمار، وبإصرار وإجماع الجميع وبلا أي مجهود، حيث الرؤية باتت أكثر من واضحة "صفر مشكلات"، وبالتالي فإنّ تخصيص جزء ممّا كان يُخصّص لميزانيات التسلّح لإدارة الصراعات في المنطقة كفيل بإعادة ما دُمّر إلى ما كان عليه وربما أفضل.
وتشير الأوساط نفسها إلى أنّ الاستقبال العربي للرئيس السوري بشار الأسد كما تفاعل الإعلام الخليجي مع الحدث، كل ذلك أربك حلفاء الرياض حدّ الصدمة، وهنا الأسئلة تفرض نفسها، ترى بأي عيّن شاهدوا حرارة المصافحة بين قُطبي صراع الأمس، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والأسد؟ وكيف رسمت مخيّلاتهم اللقاء الجانبي بين الأخير وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني؟ كاشفة بأنّ المملكة بدأت بكتابة تعاميم ترويضية منذ ما قبل القمّة وقد أودعت لدى السفير السعودي وليد البخاري لتوزيعها واعطاء هؤلاء مزيداً من الوقت لنقل بنادقهم من كتف إلى كتف.
سوريا وحلفاءها مطالبون بتشكيل غرفة عمليات لإدارة ما استجد لجهة "تعزيز العمل العربي المشترك" فمن غير المستبعد عودة الـ"س - س"
وتوضح أنّ سوريا وحلفاءها أيضاً مطالبون بتشكيل غرفة العمليات لإدارة ما استجد لجهة "تعزيز العمل العربي المشترك"، إذ لا تستبعد عودة الـ"س - س" ولكن بحلّة جديدة لا تشبه حلّتها القديمة حيث كان التواجد العسكري السوري على أرض لبنان، وترجح أن تكتفي هذه المرّة بموظف أكبر يكون بمثابة مفوض محظي من قبل الرياض ودمشق وعلى يديه ستحلّ كبائر الأزمات وصغائرها كالسحر.
وتكشف الأوساط، أنّه ومع فتح باب التوظيف واستقبال الطلبات، المتقدمون سيكونون كثر إلّا أنّ شخصية واحدة ستنطبق عليها كل المواصفات المطلوبة بدءاً من الإجماع حولها بناء على الدور الذي لعبته أيام الأزمة واثباتها حينها بأنها على قدر كافٍ من المسؤولية والفطنة بإداراة المفاوضات، وعلى من يريد معرفة أول حرف من اسمها عليه رصد طريق الشام - بيروت وكلما زادت الزيارات ارتفعت الحظوظ.
وبالعودة إلى الأحداث الداخلية، رئاسياً يبدو أن الحوار بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية وصل إلى حائط مسدود، اذ لا يندرج هذا الكلام في إطار المعلومات لأنّ قرائنه باتت كثيرة ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال تصاريح نواب الكتلتين وحسب ما بات واضحاً فالأزمة أزمة ثقة، وبينما تعجز القوات عن الوثوق بالتيار الوطني الحر وبرئيسه جبران باسيل، تعتبر بأنّه يريد من خلال الاتفاق معها، تحسين شروطه التفاوضية مع حليفه الأول حزب الله وبعدها يسهل البيع والشراء.
أما التيار فينظر للأمور بعين مختلفة كلياً ويضع ضمن سلّم أولوياته "ماذا يجب على الرئيس فعله" وليس اسم الرئيس ما عدا إسم فرنجية الذي يشكل له هاجساً يدمّر ما حققه خلال عهد الرئيس ميشال عون في هيكلية الدولة والقطاع العام.
اشكال صيدا وصل حدّ التكفير والتّحريض على سفك الدماء
على خطّ آخر، لم يعكّر صفوَة عطلة نهاية الأسبوع سوى الإشكال الذي حصل على رصيف المسبح الشعبي في مدينة صيدا على خلفية حادثة ارتداء امرأة "المايوه" على الشاطئ قبل أيام واعتراض بعض المشايخ على لباسها، فقررت مجموعة من النساء عقد مؤتمر صحافي في المكان تأييداً لحقّ المرأة في ممارسة حريتها بلباس المايوه، فيما اتخذت الفئة الأخرى تنظيم تحرّك مضاد رفضاً لهذا الواقع.
وبعد محاولات القوى الأمنية تفريق المتواجهين حصل هرج ومرج استمرّ لأكثر من ساعة ونصف الساعة، تخللها صدامات فردية وتدافع وحصول إصابات محدودة تم بعدها توقيف ثلاثة أشخاص، ما أفضى إلى انسحاب الطرفين وإخلاء المكان التزاماً بطلب الجهات الأمنية التي نجحت بإعادة الهدوء.
الحادثة لم تقتصر على ما حصل في صيدا، لا بل انتقلت الى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي حيث كانت المعارك أكثرة ضراوة، حيث وصلت إلى حدّ التكفير والتّحريض على سفك الدماء، وهنا تكمن خطورة الموضوع.