قدرت مؤسسة كهرباء لبنان حجم التعديات على الشبكة بـ36.71 في المئة خلال عام 2020، إذ انقسمت بين هدر فني وهدر غير فني، أما اليوم وبعد مرور 3 سنوات على آخر حملة، لا توجد أرقاماً واضحة تُظهر نسبة التعديات التي تتضاعف يوماً بعد يوم بفعل عوامل كثيرة.

وتُرجع المؤسسة في حديث لـ"الصفا نيوز"، أسباب التأخر في  إطلاق الحملات لأسباب عديدة، أهمها جائحة كورونا والأزمة الإقتصادية التي تزامنت معها، والتي قلّصت ساعات التغذية إلى ما دون الساعة يومياً، لافتةً إلى أنها بدأت بنزع التعديات إنطلاقاً من بيروت الإدارية والخطوط التابعة لمعملّيْ الليطاني والأولي وخطوط الخدمات العامة في المناطق اللبنانية كافة، مشيرةً إلى أن الحملّة تستكمل لاحقاً في دوائر جبل لبنان والجنوب والشمال والبقاع.

وأضافت: "الاكتفاء كمرحلة أولى في البداية، بالتغذية الكهربائية لمدة 3 إلى 4 ساعات يومياً لكافة مخارج التوزيع البالغة 800 مخرجاً "mv" حيث عدادات "m3" أي أنها ستُبقي التغذية الكهربائية على حالها وبعد ذلك يُصار إلى إرسال كتاب بشأنها إلى مديرية النقل من قبل رئيس فريق حملة نزع التعديات ومديرية التوزيع المعنية عبر المديرية العامة لطلب زيادة التغذية لتصبح من 8 الى 10 ساعات يومياً.

في المقابل، ستُبقي المؤسسة التغذية الكهربائية على حالها (من 3 ساعات إلى 4 ساعات يومياً) في المخارج الخاصة بمخيمات اللاجئين الفلسطينين والنازحين السوريين إلى حين تحديد آلية تسديد الفواتير المترتبة عليها.

ولفتت إلى أن القوى الأمنية ستواكب المؤسسة في نزع التعديات، مشيرةً إلى أنها ستقوم بقطع التيار الكهربائي عن المخارج التي تصبح خارج السيطرة بالكامل حتى يصار إلى تصحيح وضعها.

مصادر "الصفا نيوز"، أكَّدت أن عدداً كبيراً من المواطنين يتقدمون بطلبات إلى المؤسسة من أجل تقليص حجم العدادات وبالتالي تقليص رسوم العداد وبدل التأهيل، فيما يطالب أخرون بإيقافها نهائياً بسبب إنشائهم شبكة كهربائية خاصة (ألواح طاقة شمسية أو موتور).

وشددت المصادر على أن كل ذلك يؤدي إلى تخفيض الضغط عن الشبكة وتحقيق وفراً بالـ"كيلو واط/ ساعة وبالتالي زيادة في ساعات التغذية.

التعرفة ورسم العداد

وفق التسعيرة الجديدة لكهرباء لبنان فإن سعر الكيلواط/ساعة بلغ 0.10 دولار أميركي لأول 100 كيلواط/ساعة مستهلكة، وبعدها يسعر بـ 0.27 دولار للكيلواط/ساعة.

ويبلغ رسم الأمبير على كل عداد 0.21 دولار في حين يبلغ متوسط  حجم عدادات كهرباء لبنان 15 أمبير (ساعة الكهرباء)، أي ما يقارب الـ 3.15 دولار شهرياً يضاف إليها بدل التأهيل بـ 4.30 دولار و0.10 تضرب بأول 100 كيلواط/ساعة (300 كيلواط/ساعة استهلاك متوسط لعائلة متوسطة الدخل) كذلك يضاف إليها 200 تضرب بـ0.27 سنتاً لكل كيلواط/ساعة أي 54 دولار، فيصبح المجموع على الشكل الآتي: (3.15+4.30+10+54+ ضريبة على القيمة المضافة 11 في المئة اي ما يعادل الـ 7 دولارات أميركية) فيصبح إجمالي الفاتورة 78 تضرب وفق سعر منصة صيرفة بلس (سعر صرف الدولار عبر منصة صيرفة يضاف إليها 20 في المئة) والتي حدّدها أخيراً مصرف لبنان بـ 72200 ليرة لبنانية أمس.

هيومن رايتس ووتش

أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته أمس، بأن السلطات اللبنانية تقاعست عن ضمان الحق في الكهرباء بسبب سوء إدارتها للقطاع على مدى عقود.

وجاء في التقرير المؤلف من 113 صفحة بعنوان: "كأنك عم تقطع الحياة"، أنّ الكهرباء أساسيّة في كل مناحي الحياة تقريباً، وهي ضرورية للمشاركة في المجتمعات المعاصرة، وبالتالي فإنّ الحق المحميّ دولياً في مستوى معيشي لائق يشمل حقّ كل شخص، من دون تمييز، بالحصول على كهرباء كافية، وموثوقة، وآمنة، ومُتاحة بتكلفة معقولة.

وتوفر الحكومة حالياً الكهرباء فقط لمدّة تتراوح بين ساعة وثلاث ساعات في المتوسّط، بينما يسدّ الأشخاص القادرون على دفع تكاليف إضافية نقص التغذية الكهربائية بمولّدات خاصّة. فيما تعتمد الكهرباء التي يوفرها القطاع العام والمولّدات الخاصة على الوقود الأحفوري الملوِّث بشدة وذي التأثير الكبير على المناخ.

من جهة ثانية، كشف التقرير كيف أن أزمة الكهرباء فاقمت عدم المساواة في البلاد، وقلّصت بشكل حاد من قدرة الناس على التمتع بأبسط الحقوق الأساسية، ودفعتهم نحو مزيد من الفقر.

  

وتعاونت "هيومن رايتس ووتش" مع "مؤسسة البحوث والاستشارات"، لإجراء مسح شمل أكثر من 1200 أسرة. والذي كشف مدى مساهمة أزمة الكهرباء في توسيع الهوة الطبقية، ودفع الناس إلى الفقر، وعرقلة حصولهم على حقوقهم الأساسية، مثل الحق في الغذاء والماء والصحة، والتسبب في تلوث واسع للهواء والذي يؤثر على البيئة والصحة بشكل عام، فيما أوضحت 9 أسر من أصل 10، شملها المسح أنّ تكلفة الكهرباء أثرت على قدرتها على دفع تكاليف الخدمات الأساسيّة الأخرى.

وأشارت المنظمة في تقريرها، إلى أن الحصول على الكهرباء من مولّد خاص أو تجاري لسدّ الفجوة الحاصلة في كهرباء الدولة يعتمد على الدخل، إذ إنَّ 20 في المئة من الأسر اللبنانية هي الأكثر فقراً، وهناك أسرة من كل خمسة أسر لا تحصل على الكهرباء من مولّد.

إلى ذلك، تُنفق الأسر ذات الدخل المنخفض، حصّةً أكبر بكثير من دخلها على فواتير المولّدات مقارنة بالأسر الأكثر ثراءً، مما يفرض ضغوطاً على ميزانيات الأسر ويجعلها أكثر عرضة للتخلّف عن سداد النفقات الأساسية الأخرى.

وتوضح " هيومن رايتس ووتش" كيف أن الحكومة اللبنانية لم تستثمر في مصادر الطاقة المتجدّدة، رغم أنَّ موارد لبنان من الطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح يُمكن أن تزوّد البلاد بأضعاف حاجته من الطاقة. مشيرةً إلى أنه في 2019، بلغت حصّة مصادر الطاقة المتجدّدة من إجمالي إنتاج الكهرباء في لبنان 7.83 في المئة فقط، منها 0.73 في المئة فقط من الطاقة الشمسيّة و1.82 في المئة فقط من الطاقة الكهرومائيّة.

وأضافت: "انّ الانتقال السريع إلى مصادر الطاقة المتجددة سيساعد لبنان على توفير المزيد من المال وخلق المزيد من فرص العمل، وسيزيد من انقاذ الأرواح وسيخفّض من تلوث الهواء. وينبغي على السلطات أيضاً اتخاذ خطوات لإنشاء نظام حماية اجتماعية شامل يضمن منافع للناس طيلة حياتهم، مثل منح الأطفال وإعانات البطالة ومعاشات الشيخوخة.

كذلك، يتعيّن على المؤسسات المالية والدولية، مثل "صندوق النقد الدولي" و"البنك الدولي"، حض الحكومة اللبنانية على إصلاح قطاع الكهرباء بما يتماشى مع التزامات لبنان في مجال حقوق الإنسان، وضمان حصول الجميع بغضّ النظر عن وضعهم الاقتصادي والاجتماعي، على الكهرباء وقدرتهم على تحمل تكلفتها.

وختم التقرير: "يتعين على البنك الدولي الامتناع عن تمويل أي مشاريع طاقة جديدة تعتمد على الوقود الأحفوري، وتقديم الدعم الفني والمالي لتوسيع البنية التحتية للطاقة المتجددة بدلاً من ذلك".