راسل وزير المال يوسف الخليل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بكتابٍ يطلب فيه رفع الدولار الجمركي من 15000 ليرة لبنانية إلى 45000 ليرة، ليرد عليه الأخير بكتاب صادر عن مجلس الوزراء "لا مانع". بهذه البساطة وبـ"شحطة" قلم، استيقظ اللبنانيون اليوم، على دولار جمركي يساوي 3 أضعاف ما كان عليه.
وإذا ما توقفنا قليلاً عند الـ" لامانع"، نسأل: لا مانع على ماذا تحديداً؟ على أن تتهاوى قدرة اللبنانيين الشرائية ثلاث مرات؟ لا مانع أن يتقاضى القسم الأكبر من الموظفين رواتبهم على 15000 ليرة ويدفعون الضرائب على 45000 ليرة؟
يأتي ذلك كلّه بالتزامن مع بدء تسعير السلع والمواد الغذائية بالدولار الأميركي أو ما يوازيه بالعملة المحلية (صباح اليوم)، وعليك ألا تندهش عند دخولك السوبر ماركت إذا رأيت الشاشات العملاقة التي تفيدك بسعر الصرف في السوق الموازية لحظة بلحظة!
وتشير مصادر اقتصادية لـ"الصفا نيوز"، إلى أن موازنة عام 2022 التي أُقرت، منحت وزير المال الحق في تعديل الضرائب والرسوم واتخاذ القرار الذي يراه مُناسباً بهذا الخصوص. وعلى إثر ذلك قرّر رفع الدولار الجمركي مساء أمس إلى 45000 ليرة.
وقالت المصادر نفسها: "إنَّ موازنة 2023 مُعرقلة، وقد بدأنا بالصرف على القاعدة الإثني عشرية، وهذا سيؤدي حتماً إلى توسع في الإنفاق، فضلاً عن زيادة بدل النقل والأجور في القطاع العام تحت ضغط الإضرابات وشلّ القطاعات".
واعتبرت أنَّ التمويل كان يجب أن يقارب الـ 2200 مليار ليرة لبنانية بعد رفع الدولار الجمركي إلى 15000 ليرة، في حين أن كلفة الرواتب اليوم باتت تقارب الـ3300 مليار ليرة، لافتةً إلى أنه، وبعد زيادة بدل النقل والرواتب وغيرها ستبلغ نحو 6600 مليار ليرة إذا ما احتسبنا بدل النقل ما يوازي الـ5 ليترات بنزين يومياً.
وكشفت المصادر، أن الضرائب والرسوم سترتفع مع ارتفاع الدولار الجمركي بدءاً من الـ11 في المئة "TVA"، وستُحتسب وفق الـ45000 ليرة، موضحةً أننا ندور في حلقة مغلقة "ما يعطى باليد الأولى يؤخذ باليد الثانية" وهذا سيؤدي إلى مزيد من التضخم في الإقتصاد.
ورغم الوعود التي أطلقتها المرجعيات السياسية سابقاً حول ممانعتها زيادة الضرائب والرسوم على المواطنين إلّا أنّ ذلك لم يترجم عملياً، فالضرائب التي تسللت إلى جيوب المواطنين بتكتيكات مالية من أصحاب الشأن لم تلقَ حتى استنكاراً.
لقد باتت رائحة الجوع تملأ شوارع المدن الكبرى وأنين الفقراء ومحدودي الدخل يتزاحم في منشوراتهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي، إلى حد تكاد لا تصدق ما تسمع، فإحداهنَّ كانت أمنيتها الصباحية اليوم "يا ريت الهزة كانت أقوى، يا ريت بيجي تسونامي وما يضل بلد بكون أريح"، ترى إلى أي مرحلة من اليأس وصلت هذه السيدة لتقول هذا الكلام؟
ومع تزايد منسوب الإحباط المجتمعي، يكاد لا يفارق الوجدان ما لحّن وغنى الكبير "لطفي بوشناق" يوماً، "خذوا المناصب والمكاسب لكن خلولي الوطن".
في بلدنا أخذت المناصب والمكاسب، وحتى الوطن. فالغربة التي تجتاح كيان غالبية اللبنانيين اليوم وهم في ربوع الوطن باتت تلامس الـ"ذلّ".