داود ابراهيم

وصل الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري إلى بيروت مساء أمس آتياً من مقر إقامته "الطوعية" في دولة الإمارات العربية المتحدة، في زيارة تستمر لخمسة أيام عنوانها الرئيسي إحياء ذكرى اغتيال والده الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005.

ليس من مهرجان انتخابي في الذكرى، لن يخطب سعد الحريري بأنصار أبيه، لن يطلق الوعود، لن يتحدث عن الماضي ولا عن المستقبل، كزمن أو كحزب. سعد الحريري في بيروت بهدف زيارة الضريح لتلاوة الفاتحة عن روح والده. سينضم إليه كثر من مناصريه، سينتظرون دورهم لزيارة الضريح كما لمصافحة زعيمهم العائد إلى الوطن بعد اعتزاله العمل السياسي، أو تعليق عمله في الحياة السياسية كما سبق أن أعلن.

الحريري سيلتقي إلى قيادة تياره السياسي كلاً من الرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة، رغم أن هذا الأخير لم يلتزم بدعوة الحريري الإبن إلى مقاطعة الانتخابات النيابية. فيما ابتعد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن الصورة خصوصاً أنه لم يعد بحاجة لتجمع نادي رؤساء الحكومات السابقين بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون وما حصل بينهما من نزاع على موضوع الصلاحيات.

حركة الحريري خلال زيارته إلى بيروت ستكون محط متابعة محلياً وإقليمياً ودولياً، وهي تأتي متزامنة مع ما سيتبلّغه المسؤولون اللبنانيون عن خلاصات المؤتمر الخماسي الدولي الذي دعت إليه فرنسا لمتابعة التطورات اللبنانية لاسيما على صعيد انتخاب رئيس للجمهورية وما يتفرّع عنه من تكليف رئيس جديد لتشكيل حكومة العهد المقبل. ففيما نقلت مصادر متابعة عن تفضيل باريس لإعادة تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة، لم يرشح عن أي من الأطراف الأخرى المشاركة أي توجه أو تسمية، رغم أن الجميع يدرك أن المملكة العربية السعودية ورغم أنها لم تشارك بأية تسمية لرئاسة الحكومة إلّا أنه من المعروف رفضها لطرح إسم الحريري، أقلّه حتى الساعة.

على الصعيد المحلي يقول أحد المتابعين للمسرح السياسي في لبنان أن جميع المرشحين من الطائفة السنية للعب دور زعاماتي، والمحتملين منهم لتولّي منصب رئيس الحكومة سينشغلون بمراقبة النشاط الشعبي المصاحب لعودة الحريري وحجم حضور الحريري في الشارع خلال هذه الزيارة.

أما الطوائف الأخرى في لبنان فيختلف موقفها تبعاً لتموضعها السياسي. على الضفة المسيحية تبدو القوات اللبنانية في موقع الخصومة معها ومع مفاعيلها، أما التيار الوطني الحر فهو لا بد أنّه سيرصد هذه العودة من زاوية منافسة ميقاتي على الساحة السنية. درزياً يبدو أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط منشغل بترتيب أوراق الرئاستين بما لا يغضب السعوديين، ما يعني أن عودة الحريري قد تخلط الأوراق بشكل يعيد عقارب الساعة إلى الوراء بغير ما تشتهي السفن. على مقلب الثنائي الشيعي يبدو أن دعم ميقاتي هو الخيار المفضل حتى الساعة ومن أجله خاطر حزب الله بتحالفه مع التيار الوطني الحر.

سعد الحريري في لبنان، من دون شعارات الأمس ومن دون دعم خارجي، في رهان على استعراض الحاضنة الشعبية ولو بتخريجة "عفوية"، يراد منها أن تقول أنّه رغم البعد لا يزال حاضراً، رغم الاعتزال هو الأكثر حضوراً مقارنة بمنافسيه على الزعامة.

غداً سيزور الضريح، سيقرأ الفاتحة، لن يعتلي منبراً على منصة أقيمت للمناسبة، لن يلقي خطاباً حماسياً. بصمته سيقول أكثر، بابتعاده عن الإعلام سيرغب الإعلام بمعرفة ما يضمره وسيرصد ما ينقل عنه من أجواء وأصداء. تبقى الحكاية التي لم تكتمل عناصرها ولم تكشف كل خفاياها مثيرة للفضول أكثر من كل الحكايات الذي أسهب لاعبوها في رواية كل تفاصيلها.

كلام الحريري الأهم سيكون في البيان الذي لم ولن يُنشر.