ريتا ماريا سعد
"شعور الهزّة لا يفارقني"، هي جملة قد تتبع "الحمدلله على السلامة" مباشرةً، بعد الإطمئنان عن جميع من مرت عليهم الثواني الـ40 للهزة الأرضية التي ضربت لبنان فجر الإثنين الفائت، فالثواني التي لم تتعدَّ الدقيقة كانت كفيلة بأن تُخرج الناس إلى الشوراع بلباس النوم.
وما عزز الشعور بأنّ الهزة لم تقتصر على الثواني المذكورة هو ما تبعها من هزات وبدرجات متفاوتة وآخرها، ليل أمس، وبين من تهيأ له بأن ما يحصل مشهد من كابوس يراه خلال نومه، ومن أدرك الحقيقة فور الإستيقاظ، فقد تركت الهزة ندوبها العميقة في النفوس بدليل أن ما بعدها حتماً ليس كما قبلها على هذا الصعيد تحديداً.
أفادت دراسة علمية اطلع عليها موقع الصفا نيوز، بأن الآثار النفسية التي تترتب على الأشخاص عقب حصول الكوارث الطبيعية كبيرة وقد تتعدى ذلك نحو المجتمعات ونذكر الأكثر شيوعاً:
- الصدمة والتوتر: بالدرجة الأولى يمكن للزلازل أن تحدث صدمة وإجهاداً نفسياً كبيراً، لا سيما بالنسبة لأولائك الذين يفقدون أحباءهم ومنازلهم وممتلكاتهم.
- القلق والخوف: وهذا شعور ينتاب الأفراد الذين سبق لهم تجربة الزلازل ومن الممكن أن يستمر لفترة طويلة ويمكن أن تؤثر على الصحة العقلية للإنسان- .
- الاكتئاب: يمكن أن تؤدي الخسارة والصدمة التي تسببها الزلازل إلى الإكتئاب، لا سيما لدى الأفراد الذين فقدوا أحباءهم أو الذين عانوا من خسائر مالية أو مادية كبيرة
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): قد يصاب بعض الأفراد باضطراب ما بعد الصدمة بعد الزلزال، ما قد يتسبب في أعراض مستمرة مثل القلق والخوف والذكريات الماضية.
- تعاطي المواد المخدرة: يمكن أن تؤدي الزلازل أيضًا إلى زيادة معدلات تعاطي المخدرات أو الأدوية التي تحتوي المواد المخدرة، خصوصاً وأن الأفراد قد يتحولون إلى مدمنين.
- العزلة الاجتماعية: يمكن أن تؤدي الزلازل إلى عزلة اجتماعية، لا سيما بين الأفراد الذين فقدوا أحباءهم وكانت خسارتهم كبيرة.
و تشدد الدراسة على أهمية تقديم الدعم النفسي والمساعدة للأفراد والمجتمعات في أعقاب الزلازل من أجل تخفيف من هذه الآثار.
ومن جهتها، أكَّدت الطبيبة النفسية الدكتورة شارلين الهاشم ضاهر لـ"الصفا نيوز"، أنّه لا يمكن حالياً، الحديث عن التداعيات النفسية للهزة التي حصلت فجر الإثنين، كونه لم يمضِ أكثر من 3 أيام على الهزة الأولى، لافتةً إلى أن الشعب اللبناني لم يُصب مباشرةً بالزلزال بل شعر بارتداداته، كاشفةً أن خفقان القلب والخوف هي ردّ فعل طبيعي على ما حصل.
وقالت الهاشم: "في الشهر الأول يمكن للشخص أن يمر بحالٍ من التوتر الحاد، وفي حال استمر ذلك لأكثر من شهر، عندها نتحدث عن مرحلة "توتر ما بعد الهلع"، وفي الحالتين يجب مراجعة طبيب متخصص، من أجل تشخيص الحالة ووضع خطة علاجية مناسبة، أما حالياً فلا يمكننا معرفة ما إذا كان المريض بحاجة إلى علاج نفسي أو علاج بالأدوية أو الإثنين معاً.
وأوضحت أن ما بعد التوتر، يمكن للأشخاص أن يدخلوا مرحلة نوبات الإنهيار العصبي والخوف والقلق المستمر، وأن هذه الحال قد تنعكس سلباً على حياتهم اليومية وعلاقاتهم مع العائلة والأصدقاء وعندها لا بد من مراجعة الطبيب.
وأضافت الهاشم: "إنَّ الأكثر تأثراً هم من شهدوا الزلزال وشاهدوا الدمار بأمّ العين"، لافتةً إلى أن بعض اللبنانيين عادت بهم الذاكرة إلى ما تَبِع إنفجار 4 آب 2020، حيث ظنَّ بعض الذين شعروا بالهزة، أن انفجاراً جديداً قد وقع ولذلك هرعوا إلى الطرقات وانتابهم شعور الخوف من جديد.
على خط آخر، ورغم إجماع علماء الجيولوجيا على أنه لا يمكن لأحد أن يتوقع حصول الزلزال إلا أن ما انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أمس ينمّ عن كثير من التضليل، فقد تناقلت مواقع التواصل أخباراً تفيد عن حدوث زلزال في وقت محدد وبقوة محددة.