علي شكر
يبدو أن زمن الوقوف أمام رفوف السوبر ماركت و"التصفير" عند رؤية الأسعار بات على وشك الانتهاء، إذ أن المُقبل من الايام ينذر بما هو أسوأ والمتمثل بعدم إمكانية الوقوف حتى في المتاجر. كل ذلك ينسب للارتفاع الكبير الذي يشهده سعر صرف الدولار في السوق الموازية والذي تخطى حدود الـ60 الف ليرة لبنانية، بالتزامن مع الأحداث السيئة والمتسارعة على مستويات عدة.
الأمن الغذائي.. التهديد سيقترب من 2.26 مليون شخص
نشرت منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي ووزارة الزراعة نتائج دراسة التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي الحاد في لبنان، الذي أكَّد بأن نحو 2 مليون شخص في لبنان (1.29 مليون مقيم لبناني و700000 نازح ولاجئ) يعانون مشكلة انعدام الأمن الغذائي، مرجحةً أن يزداد العدد ويتفاقم الوضع في الأشهر القليلة المقبلة.
ووفق بيانات الدراسة فإن عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي سيزداد إلى ما يقارب الـ2.26 مليون شخص بحلول شهر نيسان المقبل (1.46 لبناني مقيم-800 الف نازح ولاجئ)،
كذلك، كشفت الدراسة أن منطقة عكار تشهد أعلى مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد بين اللبنانيين المقيمين، تليها مناطق بعبدا وبعلبك وطرابلس. ومن بين المناطق التي يقطنها النازحون السوريون، تُعد منطقة زحلة الأكثر انعداماً للأمن الغذائي الحاد.
شح الأمطار
في غضون ذلك، يعاني لبنان من قلة المتساقطات هذا العام، فطقس بيروت خلال الأيام العشر الاخيرة كان أشبه بأيام الربيع الدافئة، إذ تكمن المشكلة الأكبر بأن الأمطار التي تساقطت خلال الأشهر الفائتة مع بداية فصلي الخريف والشتاء كانت غزيرة خلال فترة زمنية قصيرة، أدت إلى "فيضانات" من دون أن تتمكن الأرض من امتصاصها كما هو مطلوب.
ووفق الموقع الرسمي لمصلحة الأرصاد الجوية اللبنانية والذي يُعد المصدر الرسمي الوحيد لكل المعلومات المتعلقة بالطقس في لبنان، فإن كمية المتساقطات في بيروت بلغت حتى هذه اللحظة 285.8 ملم بينما بلغت العام الفائت في مثل هذا الوقت من السنة 415.8 ملم، فيما يبلغ المعدل العام 499 ملم.
اقتصادياً
أكَّد الباحث الاقتصادي زياد ناصر الدين أن واقع الأمن الغذائي في لبنان متشعب بفعل تشعب الأزمات بدءاً من انهيار العملة وكبر حجم الاستيراد وصولاً إلى التضخم وحجم تأثيره على القدرة الشرائية للمواطن اللبناني.
وشدد ناصر الدين لـ" الصفا نيوز" على أهمية الربط بين الأمن الغذائي والوضع الاجتماعي لأي بلد، قائلاً: "إن أساسيات الأمن الغذائي تبدأ من القمح أي رغيف الخبز والحد الأدنى من الضروريات الأساسية كالدواء لا الاقتصاد الترفيهي، فضلاً عن البنى التحتية الأساسية".
ولفت ناصر الدين إلى أن التجار قاموا بتخزين المواد الأساسية للأمن الغذائي قبل رفع الدولار الجمركي بكمية تكفي لبنان لأكثر من سنة، موضحاً أن المشكلة لا تكمن بالخوف من فقدان السلع الاساسية، بل بتوفرها ولكن من دون القدرة على شرائها.
وكشف أن التهديد المقبل هو التضخم الإقتصادي وما يترافق معه من بطالة والتي ستؤدي حتماً إلى وضع 40 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، مشيراً إلى أن القدرة الشرائية تقلصت بنسبة 120 في المئة منذ بدء الأزمة عام 2019 وحتى اليوم.
وختم ناصر الدين: "العلاج الاقتصادي ممكن وانطلاقته تبدأ من الهدوء السياسي المتزامن مع خطة تعافي ورؤية اقتصادية واضحة من أجل استثمار النفط والغاز بطريقة مُجدية"..
بحصلي: استيراد مواد بجودة أقل
في غضون ذلك، دقّ نقيب مستوردي المواد الغذائية "هاني بحصلي" ناقوس الخطر، مؤكَّداً أن الأمن الغذائي للمواطن اللبناني في خطر وأن السبب يعود إلى الارتفاع الكبير والمستمر في سعر صرف الدولار والذي يسبب بدوره انخفاض القدرة الشرائية للمواطن.
وقال بحصلي لـ"الصفا نيوز": ان الأمن الغذائي يقوم على 3 ركائز أساسية:
1- وجود الغذاء
2-الوصول إلى الغذاء
3- صحة وسلامة الغذاء.
ولفت إلى أن وجود الغذاء مهمة اساسية من مهمات النقابة وهو متوفر لطالما توفّر "الفريش دولار"، أما الوصول إلى الغذاء والذي يعتبر صلب المشكلة فيكمن بقدرة المواطن من الحصول على ذلك. بينما صحة الغذاء من مهمة السلطات المختصة التي تهتم بسلامة ونوعية الغذاء.
وشدد بحصلي على ان تراجع القدرة الشرائية يؤثر على عملية بيع المنتجات ما يدفع بعض التجار إلى استيراد مواد أقل جودة، موضحاً أن ما يحصل اليوم يمكن تفاديه من خلال الاستقرار الاقتصادي وهذا يمر عبر الاستقرار السياسي من خلال انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تتولى مسؤولياتها.
أمنياً: الجوع قد يدفع إلى ارتكاب الجرائم
وبطريقة موجزة يصف مصدر أمني لـ"الصفا نيوز"، الأمن الغذائي بـ"حلقة" ضمن سلسلة المنظومة الأمنية ككل، والتي لا يمكن فصلها عن أخواتها ( حلقة الأمن الاجتماعي وغيرها...) لأن ذلك يحدث تهديداً أمنياً خطيراً.
وقال المصدر الأمني: "الجوع قد يدفع احدهم لارتكاب جريمة قتل من أجل إطعام أولاده"، مشدداً على أن ما نشهده اليوم كان قد حذّر منه منذ سنة ونصف السنة تقريباً.
وختم: "ما يحصل بمثابة النتيجة الطبيعية لغياب أي حل سياسي في ظل الفراغ الرئاسي وحكومة تصريف الأعمال وتدهور في الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية".