علي شكر

بدا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكثر ارتياحاً في منزله الجديد في الرابية، كونه تحرّر من "الزامات" رئاسة الجمهورية وفق تعبيره. عون الذي استقبلنا بابتسامة في مكتبته المتواضعة بعدما تجمّعنا حوله، مجموعة من الصحافيات والصحافيين، أعاد إلى أذهان زملائي الأكبر سناً وتحديداً من كان يتردد على الرابية قبل فترة الرئاسة "جنرال الرابية في الشكل والمضمون". وإذا ما أردنا تقسيم المحاور التي تحدث بها عون، فنستهلها بـ"الانهيار"، إذ شدد على أن كل ما نشهده اليوم هو ثمار السياسات المالية الريعية التي كانت ولا تزال مُتّبعة من قبل المنظومة الحاكمة، مستذكراً عبارته الشهيرة "رايحين على جهنّم"، قائلاً: "يوم قلت ذلك كنت أعني ما اقول وبنيت تصريحي حينها على وقائع تزامنت مع عدم تجاوب من قبل اركان المنظومة لاستدراك الوضع". وأوضح عون أن خطة "ماكنزي" الذي دفع لبنان لها شرطاً جزائياً يقارب الـ 150 الف دولار، بسبب عدم التزام المعنيين بشروطها، كانت كفيلة بالحد من تدهور الوضع والوصول إلى ما وصلنا إليه. وحذّر عون من أن "الفوضى" التي نشهدها اليوم على الساحة الداخلية اللبنانية تكاد تكون في بداياتها وأن الأيام المقبلة قد تحمل الكثير من الأحداث. من جهة ثانية، شدّد الجنرال، التسمية الأحب إلى نفسه، على أهمية استبدال حاكم المصرف المركزي، قائلاً: "على مدى سنوات العهد لطالما طالبت بتغيير الحاكم رياض سلامة إلا أن أحد أركان السلطة "عاداني" لهذا السبب". مضيفاً: "كان دائماً ما يطمئنني سلامة بأن "الليرة بخير" ولكن شفهياً وكلما طلبت منه مستندات رسمية حول مصرف لبنان كان يتملّص من الموضوع ولا يحضرها". وأشار عون إلى أن ملف ترسيم الحدود البحرية الذي جرى بين لبنان والولايات المتحدة الاميركية وليس بين لبنان والعدو الاسرائيلي، استغرق انجازه الـ3 اشهر تقريباً بعدما كان مسار "أخذ ورد" لـ9 سنوات متواصلة من دون أي نتيجة. وفي الشأن الرئاسي أجاب باختصار: "الله يوفق الجميع"، وعقب ذكر بعض الأسماء التي يتم تداولها حالياً على أنها " أسماء جدية أو مرشحين جدّيين للرئاسة"، كرر عون: "الله يوفق الجميع". أما عند طرح اسم يتم تبنيه من قبل اكثر من فريق سياسي، أجاب رافعاً يديه "إذا وصلَّ على بعبدا.. العوض بسلامتك"، ولم يشأ الرئيس عون الغوص بالاسماء أكثر مكتفياً بعبارة : "بيضلّ في أوادم ما بتخلى الدني". وظهر على وجه الجنرال الكثير من العتب وربما أكثر، عقب سؤاله عن العلاقة مع حزب الله خصوصاً في ما يتعلق بملفي دعم العهد وبناء الدولة، مفضّلاً عدم الاسترسال بهذا الحديث في هذه المرحلة تحديداً.

وعن التدقيق الجنائي الذي كان من أشرس المعارك التي خاضها عون خلال عهده، أضاف: "وصلني كتاب من فترة وجيزة من شركة "آلفاريز آند مرسال" يُفيد بأنها لا تتمكن من الحصول على المستندات المطلوبة من الجهات المعنية من أجل استكمال عمليات التدقيق المالية". وكانت الشركة قد اشتكت مراراً من عدم تعاون جهات رسمية عدة معها، ما فرّغ مهمتها من مضمونها. وعن إعادة تحريك ملف انفجار مرفأ بيروت، أوضح الرئيس عون أن تحريك الملف بهذه الطريقة وبهذا التوقيت يطرح الكثير من علامات الاستفهام الكبرى. أما عن إمكانية أن يتحول لبنان إلى دولة مدنية فردّ قائلاً: "ما تحلم" لأن كل الذين ينادون بالدولة المدنية لا يريدونها، سائلاً: "هل يستطيع احدهم تمرير قانون الأحوال الشخصية اليوم؟ معتبراً أن أحد سُبل الحل الممكن يبدأ من "اللا مركزية". وحين هممنا بالمغادرة طلبت من الرئيس عون اختصار سنوات عهده الـ6 بكلمة واحدة، أطرق قليلاً ثم أجاب: "صراع".