يحاول الجميع دائمًا العمل بجهد للحصول على التركيز المطلوب لإنجاز أي مهمة. وفي الكثير من الأحيان نشعر بأننا غير قادرين بتاتاً على التركيز.
نستعرض هنا خمسة طرق لتحسين قدرتِنا على التركيز.
الطريقة الأولى: اسمح لذهنك بالشرود
قد يبدو الأمر منافياً للمنطق، ولكن السماح لذهنك بالشرود قد يكون أحد أفضل الأساليب إن كنت تسعى لتحسين قدرتك على التركيز. هناك تصور متزايد في أوساط علماء النفس بأننا نقضي الكثير من الوقت في أحلام اليقظة - ما يقرب من 50 في المئة من الوقت وفقا لبعض التقديرات.
وقد حدا ذلك ببعض علماء النفس إلى تأييد فكرة أن شرود الذهن لا يمثل مشكلة كبيرة، وإنما هو جزء رئيسي من النظام نفسه الذي يمكن أن يساعد أدمغتنا على القيام بوظائفها.
يفرق عالم النفس في جامعة هارفارد بول سيلي، بين شرود الذهن المتعمد والعرضي، ويقول إن النوع العرضي فقط هو الذي له تأثير سلبي على المهام التي نريد القيام بها.
ويشير ذلك إلى أن ترك عقلك يشرد عمداً بين الفينة والأخرى قد يكون مفيداً.
ويقول سيلي: "فكر في شيء لا علاقة له بالمهمة التي تريد إنجازها، مثل حل مشكلة أخرى تدور في خلدك، ثم عد إلى مهمتك الأساسية".
الطريقة الثانية: قليلٌ من المرح
غالبا ما يُنظر إلى مقاطع الفيديو التي تعرض مواقف مضحكة للقطط على أنها قمةُ الإلهاء، إلا أن بعض علماء النفس يعتقدون أنها يمكن أن تساعد في الحقيقة على وضعنا في الحالة الذهنية الصحيحة للمضي قدماً في عملنا.
ويعود هذا إلى أن إبقاء التركيز على شيء ما أمر صعب، بغض النظر عن مدى حبك لعملك، ويتطلب قوةَ الإرادة. وحسب دراسة حديثة، فإن إحدى الطرق لتعزيز قوة الإرادة هي الضَحك.
ومن خلال التجارب، وُجد أن الناس الذين شاهدوا مقطع فيديو مضحك بذلوا جهدا أكبر من الأشخاص الذين شاهدوا مقطع فيديو يُعطي شعور الارتياح ولكنه ليس مضحكاً. وخلُصت الدراسة إلى أن الفكاهة تساهم في زيادة قوة الإرادة بشكل فعال بحيث يتعين على أماكن العمل أن تشجع ثقافةً أكثرَ "مرحاً".
الطريقة الثالثة: اجعل الأمر أكثرَ صعوبة
حتى تتمكن من التركيز بشكل صحيح يتعين عليك أن تتخلص من كل أنواع التشويش الخارجي، أليس كذلك؟ في الواقع، ووفقاً لإحدى نظريات الانتباه المؤثرة، العكس هو الصحيح.
توصلت نيللي لافي، عالمة نفس في كلية لندن الجامعية، إلى ما أطلقت عليه اسم "نظرية التحميل" في عام 1995. وتكمن الفكرة في أن هناك حداً لكمية المعلومات من العالم الخارجي التي يمكن لأدمغتنا معالجتها في أي وقت مرة واحدة، وعند امتلاء جميع أماكن المعالجة في الدماغ، فإن نظام الانتباه في الدماغ يتدخل لاتخاذ قرار بشأن ما يركز عليه تحديداً.
وتشير تجارب لافي إلى أنه قد يكون من الأفضل العمل في محيطات ليست مرتبة وصامتة، بل في محيطات فوضوية ومربكة. وتنجح هذه الطريقة لأنه عند إشغال جميع أماكن الإدراك الحسي، يتعين على الدماغ صب كل طاقاته للتركيز على المهمة الأكثر أهمية بعد غربلة مصادر الإلهاء بكل بساطة.
الطريقة الرابعة: التوقف عن العمل وأخذ استراحة
ثمة أدلة على أن التوقف عن العمل لبعض الوقت يساعدك على تحقيق قدر أكبر من الإنجاز بعد استئناف العمل. لكن التحدي يكمن في معرفة متى تأخذ الاستراحة ومدتها وماذا ستفعل بفترة التوقف عن العمل.
تشير بعض الدراسات التي أجريت في تسعينيات القرن الماضي إلى أنه نظراً للتغيرات الطبيعية في دورة الانتباه لدينا، لا يمكننا التركيز لأكثر من 90 دقيقة قبل الحاجة إلى استراحة لمدة 15 دقيقة.
الطريقة الخامسة: لا تعاند نفسك وتجبرها على التركيز
وفقا لدراسات أجراها جو ديغوتيس ومايك إسترمان في مختبر بوسطن للانتباه والتعلم في ماساتشوسيتس، من خلال تجارب تصوير الدماغ، فإن الاستراتيجية الأكثر نجاحاً للمحافظة على التركيز هي التركيز لفترة معينة من الوقت ثم أخذ استراحة قصيرة قبل العودة إلى التركيز مجدداً.
فالناس الذين حاولوا البقاء مركزين طوال الوقت ارتكبوا أخطاءً أكثر بشكل عام. ولذا، عندما تحتاج إلى التركيز لفترات طويلة، فإن الاستراحة القصيرة من وقت لآخر، تعني تركيزاً لفترة أطول.