دعويان قضائيتان في الولايات المتحدة تسلطان الضوء على الوضع القانوني لدور الملياردير إيلون ماسك كمستشار للرئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، باعتباره المدير الفعلي لـ"إدارة كفاءة الحكومة" (DOGE).. وسيكون على المحاكم الفيدرالية، وربما المحكمة العليا، أن تحسم قريبًا ما إذا كان دوره يتماشى مع ما نص عليه الدستور الأميركي في بند "التعيينات".
هل دور ماسك في الحكومة غير دستوري؟
يصف المنتقدون ماسك بأنه مسؤول غير منتخب وغير خاضع للمساءلة، لكنّه يمارس صلاحيات تنفيذية واسعة لا يمكنه ممارستها إذا لم يكن تعيينه مصادَقا عليه، وبالتالي فهو ينتهك الدستور.
أما ترامب، فيعتبر أن أغنى رجل في العالم هو مستشار موثوق ومساعد يتمتع بصلاحيات أداء دوره، وهو يقود حملة غير تقليديّة، ولكن قانونية تمامًا، لتقليص عدد وكالات الحكومة الفيدرالية.
هذا الوضع المعلّق يضع ماسك تحت مجهر المراقبة، إذ إن القرارات التي قد اتخذها في شأن وكالات فدرالية وأصولها وموظفيها وسياساتها قد تنقضها المحاكم. ويتفق الخبراء القانونيون والاقتصاديون على أن مصير هذه القضايا لا يزال غامضاً.
مشروع DOGE ودور ماسك
مشروع DOGE أنشأه ترامب بمرسوم رئاسي في أول يوم من عهده الثاني، أي في 20 كانون الثاني 2025، بهدف تقليص الإنفاق الفيدرالي وتحسين كفاءة الحكومة. وكان ماسك، بصفته المستشار الرئيسي، شخصية محورية في هذه المبادرة، إذ ساهم في توفير أكثر من مليار دولار عبر إلغاء عقود تتعلق بالتنوع والمساواة والشمول (DEI) ونفقات أخرى.
وقد تمكّن ماسك من الوصول إلى أنظمة حكومية حساسة، بما في ذلك نظام الدفع التابع لوزارة الخزانة، المسؤول عن معالجة شيكات الضمان الاجتماعي، واسترداد الضرائب، والرواتب الفيدرالية رغم معارضة المسؤولين عنها. وأثار هذا الأمر مخاوف بشأن أمن البيانات وإمكانية إساءة استخدام المعلومات الشخصية.
الجدل الدستوري حول تعيين ماسك
يرى ترامب، أن الدستور في بند التعيينات ينص على أن الرئيس يملك صلاحية تعيين مسؤولين فيدراليين، مثل السفراء وأعضاء الحكومة وقضاة المحكمة العليا، ولكن فقط "بمشورة وموافقة مجلس الشيوخ". وهذا يعني أن التعيينات في الفئات العليا وصاحبة المسؤوليات الكبيرة يحب أن تخضع لجلسات استماع وتصويت ومصادقة من مجلس الشيوخ.
كذلك، يتيح البند للرئيس تعيين "مسؤولين أقل درجة" من دون الحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ، ولكن فقط إذا أصدر الكونغرس قانونًا يجيز صراحة تلك التعيينات. ومع ذلك، أنشأ ترامب مشروع DOGE بموجب أمر تنفيذي، بدون مراجعة الكونغرس.
ويشير بعض خبراء القانون الدستوري إلى أن ماسك يخضع فقط وبشكل مباشر لترامب، بما يعني أنه يمارس سلطات واسعة لا تتماشى مع دوره كمستشار، بل تتطلب تأكيدًا من مجلس الشيوخ، كما هو الحال مع كبار المسؤولين التنفيذيين.
دفاع البيت الأبيض عن موقف ماسك
تصف الإدارة الأميركية ماسك بأنه "موظف حكومي خاص"، لا يتقاضى راتبًا، وهو وضع يتماشى مع قانون أقره الكونغرس عام 1962 يسمح بالتعيينات المؤقتة في السلطة التنفيذية لإنجاز مهمات محددة لمدة لا تتجاوز 130 يومًا.
المعارضون والقضايا القانونية
معارضو التحالف بين ترامب وماسك – والذين رفعوا الدعاوى القضائية – هم مجموعة تضم 14 مدعيا عاما لـ 14ولاية ونحو 30 فردًا، معظمهم من موظفي الحكومة الفيدرالية الذين همّشهم ماسك أو طردهم. ويعتبر هؤلاء أن ماسك تصرف كـ "مسؤول في الولايات المتحدة"، وهو دور يتجاوز صلاحيات موظف عادي. كما تركز الدعاوى على قرارات ماسك المتعلقة بميزانية الوكالات، وإدارة الأصول، والإجراءات الداخلية، والبيانات الحكومية الحساسة.
وكانت المحكمة العليا قد حددت في قرار أصدرته عام 1976 أن "مسؤول الولايات المتحدة" هو أي شخص يعيّنه الرئيس ويمارس "سلطة كبيرة بموجب قوانين الولايات المتحدة". وبعد أكثر من عقدين، أكد رأي قانوني لأحد القضاة المحافظين أن المسؤولين يجب أن يكونوا إما تلقوا مصادقة مجلس الشيوخ أو خاضعين لإشراف شخص صادق عليه هذا المجلس.
وفي مواجهة هذه الانتقادات، تستند إدارة ترامب إلى نظرية قانونية جديدة تزعم أن الرئيس يتمتع بسلطة شبه مطلقة في تعيين وإقالة من يشاء ضمن السلطة التنفيذية.
المجهول يحيط بمستقبل ماسك
في الوقت الحالي، لا تزال القضايا ضد ماسك في مراحلها الأولى، بينما تتصاعد التكهنات حول نفوذه الحقيقي داخل الإدارة الأميركية الجديدة. ومع ذلك، يبقى ماسك في منصبه حتى 4 تموز 2026، ما لم تصدر المحكمة العليا قرارًا بعكس ذلك.