يشهد سوق الذهب العالمي تحولات جذرية، حيث ارتفعت أسعار الأونصة إلى مستويات قياسية، متجاوزةً حاجز 2,884.8 دولار للأونصة، بزيادة 0.31%، فيما سجل الذهب في المعاملات الفورية سعر 2856.17 دولار للأونصة. هذا الارتفاع الملحوظ يعكس تضافر عدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية دفعت المستثمرين إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن. في هذا المقال، سنستعرض أبرز الأسباب وراء هذا الارتفاع، ونقدم آراء من مواقع إلكترونية متخصصة في أسعار الذهب والأسواق المالية، بالإضافة إلى توقعات أهم البنوك والخبراء. كما سنقدم تحليلًا مفصّلًا لأداء الذهب في عام 2024، ونختم بنصائح للمستثمرين حول جدوى الاستثمار في الذهب في الفترة الحالية، مع استشراف مستقبل الأسعار خلال عام 2025.
في حديثه لموقع "الصفا نيوز" يشرح أحمد عزام، محلل أول لأسواق المال في Equiti أن هناك أسباب عدّة ساهمت في ارتفاع سعر الذهب ويذكر منها:
التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية
أدت التوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة والصين، خاصةً فيما يتعلق بفرض الرسوم الجمركية المتبادلة، إلى زيادة عدم اليقين في الأسواق العالمية. فقد فرضت الصين رسومًا جمركية على بعض الواردات الأميركية ردًا على الرسوم الأميركية الجديدة، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. هذا التصعيد دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة، وكان الذهب الخيار الأمثل.
سياسات البنوك المركزية
قامت العديد من البنوك المركزية، خاصة في الأسواق الناشئة، بزيادة احتياطياتها من الذهب كوسيلة لتنويع احتياطياتها الأجنبية وتقليل الاعتماد على الدولار الأميركي. وفقًا لمجلس الذهب العالمي، استمرت البنوك المركزية في شراء الذهب بوتيرة قوية في عام 2024، حيث تجاوزت مشترياتها 1,000 طن للعام الثالث على التوالي.
توقعات أسعار الفائدة
توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الأخرى جعلت الذهب أكثر جاذبية. فمع انخفاض العوائد على الأصول الأخرى، يتجه المستثمرون نحو الذهب كأداة للتحوط ضد التضخم وانخفاض قيمة العملات.
ضعف الدولار الأميركي
على الرغم من ارتفاع مؤشر الدولار في بعض الفترات، إلا أن التوقعات طويلة الأجل تشير إلى ضعف محتمل في قيمة الدولار بسبب العجز المالي والتجاري المتزايد في الولايات المتحدة. هذا الضعف المحتمل يعزز جاذبية الذهب كأصل بديل.
آراء المواقع الإلكترونية المتخصصة
في سياق متصل أشارت صحيفة "ذا أستراليان" إلى أن الارتفاع السريع في أسعار الذهب فاجأ حتى أكثر المتفائلين، حيث تجاوزت الأسعار 2,886.62 دولار للأونصة. وأرجعت الصحيفة هذا الارتفاع إلى بحث المستثمرين عن ملاذ آمن في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية المتزايدة.
من جانبها، ذكرت وكالة "رويترز" أن البنوك العالمية الكبرى تتوقع استمرار ارتفاع أسعار الذهب خلال عام 2025، مع إمكانية وصوله إلى 3,000 دولار للأونصة. وأشارت الوكالة إلى أن سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التجارية العدوانية، بما في ذلك فرض رسوم جديدة على كندا والمكسيك والصين، أدت إلى اتخاذ هذه الدول إجراءات انتقامية، مما زاد من جاذبية الذهب كملاذ آمن.
توقعات البنوك والخبراء
بنك غولدمان ساكس
رفع بنك غولدمان ساكس توقعاته لسعر الذهب إلى 2,900 دولار للأونصة في أوائل عام 2025، مشيرًا إلى الانخفاضات السريعة في أسعار الفائدة قصيرة الأجل في الغرب والصين، بالإضافة إلى عمليات الشراء القوية من قبل البنوك المركزية. وأكد البنك توصيته بشراء الذهب على المدى الطويل نظرًا للدعم التدريجي الناجم عن انخفاض أسعار الفائدة عالميًا وارتفاع الطلب من البنوك المركزية.
سيتي بنك
تتوقع مجموعة سيتي أن تصل أسعار الذهب إلى مستوى قياسي يبلغ 3,000 دولار للأونصة في غضون ثلاثة أشهر، مع زيادة التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية التي أشعلها دونالد ترامب، مما يعزز الطلب على أصول الملاذ الآمن.
بنك يو بي إس
توقع بنك يو بي إس أن يصل سعر أونصة الذهب إلى 2,900 دولار بحلول نهاية عام 2025، مشيرًا إلى أن الذهب سيشهد فترة من الاستقرار بسبب قوة الدولار ومخاوف زيادة حجم الإنفاق المالي للحكومة الأميركية، قبل أن يبدأ المعدن الثمين في الارتفاع.
تحليل أداء الذهب في العام 2024
شهد عام 2024 ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الذهب، حيث ارتفعت بنسبة تقارب 30%، مدفوعة بالطلب المستمر من البنوك المركزية التي تسعى إلى تنويع احتياطاتها. كما ساهمت التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك الحروب في أوكرانيا وغزة، في زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن. بالإضافة إلى ذلك، أدت توقعات خفض أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى إلى تعزيز جاذبية الذهب كأداة للتحوط ضد التضخم.
توقعات أسعار الذهب في العام 2025
يتوقع العديد من المحللين استمرار الاتجاه التصاعدي لأسعار الذهب في عام 2025، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بعام 2024. ومن جهته أشار محلل أول لأسواق المال في Equiti إلى أن جميع التوقعات تقول بأن الأسعار قد تصل إلى حوالي 3,000 دولارًا للأونصة، أي بزيادة عالية عن المستويات الحالية".
ويشرح عزام أنّ من بين العوامل الداعمة لهذه التوقعات:
استمرار مشتريات البنوك المركزية: تواصل البنوك المركزية، خاصة في الأسواق الناشئة، زيادة احتياطاتها من الذهب كجزء من استراتيجية التنويع بعيدًا عن الدولار.
توقعات خفض أسعار الفائدة: من المتوقع أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة، مما يعزز جاذبية الذهب كأصل لا يدر عائدًا.
المخاوف الجيوسياسية: تستمر التوترات في مناطق مثل الشرق الأوسط وأوكرانيا، مما يدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الذهب.
في المحصّلة، نستنتج أنّه وسط كل التخبطات الاقتصادية التي تعصف بالعالم، يبقى الذهب أفضل استثمار، لذلك استثمروا أموالكم في الذهب.