هل تساءلت يومًا عن أصل الآيس كريم الذي لا يمكننا تخيل الصيف من دونه؟ قد تخبرك الأساطير أن الصينيين القدماء كانوا أول من ابتكر هذه الحلوى المثلجة، قبل أن يجلبها Marco Polo إلى إيطاليا، وCatherine de Medici إلى فرنسا، ثم Thomas Jefferson إلى أميركا. لكن الحقيقة أكثر تشويقًا وغموضًا ممّا قد يبدو.

بداية المذاق البارد

قبل آلاف السنين، كانت الحاجة للتبريد حاضرة في مختلف الثقافات. على ضفاف نهر الفرات في بلاد ما بين النهرين، شيّد النبلاء بيوتًا للجليد لتلطيف حرارة الصيف الحارقة. وفي أثينا القديمة، لم يكن الثلج مجرد وسيلة لتبريد النبيذ، بل كان يُباع في الشوارع كمنتج ثمين في القرن الخامس قبل الميلاد. أما الإمبراطور الروماني نيرون، فكان يرى في المشروبات المثلجة الممزوجة بالعسل رفاهية تليق بعصره.

وفي أقصى الشرق، خلال عهد سلالة تانغ في الصين، برزت فكرة مبتكرة لمشروب مصنوع من لبن الجاموس المثلّج الممزوج بالكافور، وهو ما يظهر أن شغفَ التبريد لم يكن حكرًا على حضارة واحدة، بل كان رغبة عالمية يشترك فيها الجميعع.

التقنية التي غيّرت قواعد اللعبة

وحدث التقدم الحقيقي عندما اكتُشف أن خلط الجليد بالملح يخلق تفاعلًا كيميائيًا طاردًا للحرارة، بما يسمح بتجميد السوائل بسرعة. هذه التقنية، التي عرفها العرب منذ القرن الثالث عشر، مهدت الطريق لظهور الحلويات المثلجة التي نعرفها اليوم. وبفضل التحريك المستمر، أصبحت الحلوى المثلجة أكثر نعومة وأسهل للأكل.

"الجيلاتي" الإيطالي: قصة النجاح الأوروبية

ومع انتقال المثلجات إلى أوروبا، أبدعت إيطاليا في تطوير الوصفات. في أوائل القرن السابع عشر، بدأت تظهر المثلجات المائية (الشربت)، وكانت تحضر في المآدب الكبرى في باريس وفلورنسا ونابولي. حتى الملك تشارلز الثاني استمتع بـ"طبق من الآيس كريم" عام 1671، وفقًا لوثائق ذلك العصر. وفي عام 1694، نشر أنطونيو لاتيني، وأصله من نابولي، وصفة لمثلجات بالحليب ممزوجة باليقطين المسكر، لتكون أول وصفة مكتوبة لهذه الحلوى.

اليوم، الآيس كريم ليس مجرد وجبة خفيفة في الصيف، بل رمز عالمي للمتعة والتنوع الثقافي. خلف كل قضمة، رحلة طويلة عبر القارات، حيث تختلط التقاليد بالتقنيات، لتروي لنا قصة مليئة بالنكهات والإبداع.