في عالم يشهد تطورًا رقميًا متسارعًا، تظهر بشكل متزايد عمليات احتيال مبتكرة تستهدف الأفراد عبر الفضاء الرقمي، خصوصا في بيئات حاضنة لهذه العمليات كالمجتمع اللبناني على سبيل المثال، حيث تجد شركات النصب والاحتيال في الوضع الاقتصادي اللبناني المتأزم فرصة لتحقيق المزيد من الأرباح، مستغلة وضع المواطنين وحاجتهم الماسّة إل تحقيق مدخول إضافي. وإلى ذلك، يواجه اللبنانيون نوعًا جديدًا من الاحتيال، بدأ بالانتشار بعد عملية تطبيق "Bytesi" وهي عملية احتيال تتم عبر تطبيق واتساب. يهدف هذا الأسلوب إلى استغلال الطمع والرغبة في تحقيق مكاسب مالية سريعة ليوقع الضحايا في فخ مالي معقد.

تفاصيل الاحتيال

وفي التفاصيل يشرح الخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم كيف تتم عملية النصب في حديث لموقع "الصفا نيوز" ويقول "تبدأ العملية برسالة عبر واتساب تُرسل من رقم غريب، تُعرض فيها وظيفة جزئية مدفوعة الأجر. يُدّعى أن الجهة المرسلة تمثل قسم الموارد البشرية في شركة تسويق مقرّها لبنان. وفقًا للرسالة، يُطلب من المتلقي الاشتراك في قنوات يوتيوب مقابل بدل مادي يُقدر بستة دولارات لكل اشتراك"

ويضيف "لجذب الضحايا، يتم وعدهم بمكاسب مالية كبيرة قد تصل إلى ما بين 100 و800 دولار يوميًا، مع ضمان أن المهمة لن تستغرق أكثر من ثلاث إلى خمس دقائق من وقتهم. مع مرور الوقت، وبعد إتمام بعض المهام الصغيرة والحصول على دفعات مالية أولية، يبدأ المحتال بمطالبة الضحية بدفع مبالغ معينة مقابل "فرص ربح أكبر." يستمر هذا النمط حتى يصل الضحية إلى مرحلة يدفع فيها أموالًا كبيرة دون تلقي أي عائد، وبعدها يختفي المحتال تمامًا."



تزايد الاحتيال الرقمي عالميًا

وفقًا لتقارير عالمية، زادت عمليات الاحتيال الرقمي بنسبة 40 في المئة خلال السنوات الثلاث الماضية، مع تسجيل أكثر من 5.2 مليار دولار من الخسائر في العالم في عام 2023 وحده. في لبنان، تتزايد هذه الجرائم مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، إذ أفاد تقرير أمني محلي بأن عدد عمليات النصب عبر الإنترنت تجاوز 2,000 حالة سنويًا في العامين الماضيين.

أسباب انتشار الاحتيال الرقمي

في هذا الإطار يلفت خبير التحوّل الرقمي وصاحب شركة It Geek للخدمات الرقمية إلياس الأشقر في حديثه لموقع "الصفا نيوز" إلى أنّ هناك عدّة أسباب تساهم في انتشار الاحتيال الرقمي ويذكر منها:

1) الأزمة الاقتصادية، إذ يعاني اللبنانيون من ضغوط مالية شديدة تجعلهم عرضة لأي وعود بتحقيق مكاسب سريعة

2) قلة التوعية الرقمية، حيث يفتقر كثير من المستخدمين إلى فهم أساليب الاحتيال الإلكتروني وكيفية التعرف عليها.

3) تطور التقنيات، فالمحتالون يستخدمون تقنيات متقدمة للتواصل والإقناع، مما يجعل من الصعب كشفهم في بعض الحالات.

4) ضعف التشريعات الرقمية، حيث يفتقر لبنان إلى قوانين صارمة لمكافحة الجرائم الإلكترونية وفرض عقوبات فعالة.

وعن أنواع الاحتيال الرقمي الشائعة يعدد الأشقر "الاحتيال بالوظائف المزيفة، كما في الحالة المذكورة، يتم إغراؤك بوظيفة مدفوعة الأجر لتحقيق مكاسب خيالية. الاحتيال بالاستثمارات، حيث تُعرض فرص استثمارية وهمية عبر الإنترنت بوعد تحقيق عوائد مرتفعة بسرعة. التصيد الاحتيالي، حيث ترسَل روابط تطلب من الضحية إدخال بيانات حساسة مثل أرقام البطاقات البنكية. وأخيرا برامج المكافآت الوهمية، إذ يُطلب من المستخدمين الاشتراك في خدمات أو إدخال بيانات مقابل مكافآت غير حقيقية."

سبل الوقاية

وأمام هذا الواقع كيف نحمي أنفسنا؟ يجيب الأشقر بأنّ "هناك بعض الخطوات التي يمكن اتّباعها لحماية أنفسنا، ومنها تجنب الرسائل الغريبة، فلا تتفاعلوا مع رسائل من أرقام غريبة تقدم وعودًا مغرية. ويجب أيضًا التحقق من مصدر العروض، لذا ابحثوا عن معلومات حول الجهة التي تدعي إرسال العرض. ويمكن للأفراد استخدام برامج حماية، عبر تثبيت برامج مكافحة الفيروسات والتصيد على الأجهزة. وطبعا إن التوعية ضرورية، لذا يجب تعلم طرق الاحتيال الرقمي ومشاركتها مع أفراد العائلة والأصدقاء.وأخيرا، في حالة الاشتباه بأي نشاط احتيالي، يجب أن نبلغ السلطات المختصة فورًا."

في الخلاصة، في عالم رقمي مليء بالفرص، تأتي أيضًا التحديات، والوعي هو السلاح الأول لحماية أنفسنا من الاحتيال الإلكتروني. يجب أن يكون اللبنانيون أكثر حذرًا في التعامل مع عروض مغرية عبر الإنترنت، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية. على الجميع الالتزام بتوخي الحذر والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه لتعزيز الأمن الرقمي في المجتمع.