"إنّ أبرز النتائج التي خرجت بها القمة العربية- الإسلامية التي عُقدت أخيرًا في الرياض، هو الإجماع العربي والإسلامي على موقفٍ موّحدٍ هو أنّ لا نية للسلام مع إسرائيل قبل وقفها الحرب على لبنان وقطاع غزة، وقيام دولة فلسطينية مستقلة، ولكن من دون أن تكلّف "القمة" لجان متابعة تحمل قضية الحرب المذكورة إلى المحافل الدولية كي تضغط الدول المؤثرة على تل أبيب لوقف عدوانها على لبنان وفلسطين"، وفقًا لقراءة مصادر سياسية عربية واسعة الاطلاع. ولم تتطرّق "القمة" إلى الأوضاع في سوريا، رغم تعرّضها شبه اليومي للاعتداءات الإسرائيلية، ورغم أنّ الشعب السوري لا يزال تحت تأثير الحصار الأميركي- الغربي الجائر.

وتتقاطع مصادر في المعارضة السورية مع الرأي المذكور آنفًا، معتبرة أنّ لا "جديد في العلاقات العربية- السورية على الإطلاق، فهي على حالها، بعد استعادة دمشق مقعدها في جامعة الدول العربية، وعودة العلاقات الدبلوماسية السعودية- السورية".

ولا ترى هذه المصادر "أيّ تطور في العلاقات العربية-السورية على اعتبار أنّ هذه العلاقات عادت إلى طبيعتها، باستثناء العلاقة بين دمشق والدوحة، فلا عودة إلى قيام "الأحلاف" أو "المحاور" السابقة، أي محور الثلاثي: السعودية-سوريا-مصر. ولو استمر هذا الحلف لما تمدّد النفوذ الإيراني"، ولكن من دون الغوص في تفاصيل أسباب عدم "العودة"، تختم المصادر.

وفي هذا الصدد، تلفت مصادر سياسية سورية إلى أنّ توقيت انعقاد "القمة" جاء عمدًا إثر الانتخابات الرئاسية الأميركية، كي يكون الموقف العربي والإسلامي موجّهًا إلى الرئيس الأميركي المنتخب وإدارته المرتقبة، وهو ما ترك ارتياحًا على "الساحتين الدولية والعربية"، خصوصًا بعد نجاح الرئيس دونالد ترامب، كون علاقته "الجيدة" مع روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، قد تؤدّي إلى تخفيف حدة التوتر في العالم في شكل كامل، والابتعاد عن لغة الحرب نوعًا ما.

ولا ريب في أنّ "تخفيف حدة التوتر في العالم، سيكون له انعكاس إيجابي على الأوضاع في سوريا، التي تشدد بدورها على ضرورة إنهاء الحروب في المنطقة"، حسب المصادر السياسية عينها.

وتشير إلى أنّ "القيادة السورية لاقت تقديرًا كبيرًا من الدول العربية عمومًا، والخليجية خصوصًا، كون دمشق فوّتت الفرصة على "إسرائيل" التي سعت، ولا تزال تسعى، إلى جر المنطقة إلى حربٍ شاملةٍ من البوابة السورية، بحكم الجغرافيا، كي تصبح حربًا إقليمية. فسوريا هي البلد المحاذي لفلسطين المحتلة، لا اليمن ولا إيران، غير أنّ حكمة القيادة في دمشق جنّبت المنطقة حربًا إقليمية يسعى إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتصدير مأزقه الداخلي (حربه مع المقاومة في فلسطين ولبنان) إلى خارج فلسطين المحتلة".

وتؤكد المصادر السورية أنّ "الأوضاع في سوريا تتحسن ولو ببطء، خصوصًا من حيث علاقاتها الدولية، تحديدًا مع أوروبا وتركيا في آنٍ واحد، كاشفةً أنّ هناك تطورات إيجابية ستحدث قريبًا على صعيد تحسن العلاقات السورية- التركية". وتختم: "على أنقرة أن تخضع للمنطق، فهل يعقل أن تُعقد قمة عربية- إسلامية، تشارك فيها تركيا، في وقتٍ تحتل أراضي سورية. كان عليها على الأقل، إعلان توقيت انسحاب قواتها من الأراضي السورية المحتلة".

وفي سياق تطور العلاقات السورية- التركية المرتقبة، يجزم مصدر سياسي سوري مطّلع أنّ "أي تطورٍ في العلاقات بين دمشق وسائر الدول مرهون باحترام السيادة السورية التامة، خصوصًا عدم التدخل في شؤونها الداخلية، والمسّ بسيادتها على أراضيها، قبل أي انفتاحٍ أو تطورٍ في العلاقة"، يختم المصدر.

"نحن، كدولة وحكومة في الجمهورية التركية، قررنا قطع العلاقات مع إسرائيل، والآن ليس لدينا أي علاقات معها".

وتعقيبًا على ما ورد آنفًا، يعتبر مرجع في العلاقات الدولية أنّ "الظروف غير ناضجةٍ لعودة وشيكةٍ للعلاقات التركية مع سوريا، التي ترفض إقامة علاقة صورية مع جارتها أنقرة، أي علاقة تقتصر على لقاء بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب الطيب إردوغان، ثم التقاط الصور التذكارية، وهذا ما قد يوظفه الأخير لمصلحته في السياسة الداخلية التركية، كونه وعد بحل أزمة اللجوء السوري إلى بلاده، وهو الأمر الذي بات عبئًا على اقتصادها. وقد يشكّل لقاء إردوغان - الأسد، "بروز مؤشر" لحلّ الأزمة المذكورة، وهذا ما لن يمنحه إيّاه الرئيس السوري، قبل انسحاب القوات التركية من سوريا، وكفّ أنقرة عن دعم المجموعات التكفيرية المسلحة. علمًا بأنّ لدى تركيا مخاوف من سحب قواتها من سوريا، قبل التثبّت من سقوط المشروع الانفصالي الكردي على الأراضي السورية المتاخمة للحدود مع تركيا، بقيادة "قوات سوريا الديمقراطية- قسد"، المدعومة من الجيش الأميركي المنتشر في سوريا، وهذا ما تعتبره أنقرة تهديدًا لأمنها الوطني".

ولا ينفصل كلّ ما سبق عمّا سجّلته الساعات الأخيرة من تطورات مفاجئة، إذ صرّح إردوغان: "نحن، كدولة وحكومة في الجمهورية التركية، قررنا قطع العلاقات مع إسرائيل، والآن ليس لدينا أي علاقات معها".

وأضاف "أن أنقرة لن تتخذ أي خطوات أو إجراءات لتطوير التعاون أو إعادة العلاقات مع إسرائيل في المستقبل".

إعلان إردوغان هذا ينتظر ترجمته وانعكاساته على العلاقات التركية السورية، وعلى التركية العربية أيضاً. فهل يكون الخطوة الأولى المنتظرة لإعادة ترتيب المشهد العربي الإسلامي في مواجهة الأطماع الخارجية والتطورات المرتقبة؟

هذا ما سيكشفه المستقبل القريب.