منذ 23 تشرين الأول 2024، أخذت الحرب في لبنان منحى مأساويًا، مما جعل الأطفال اللبنانيين يعيشون كابوسًا يوميًا.

ماذا يمكننا أن نقول للأطفال؟ وكيف يمكن طمأنتهم؟

كيف يمكننا شرح الحرب لهم، مع الأخذ في الاعتبار أنّ أكثر من مليون شخص قد فروا من منازلهم في جنوب لبنان، البقاع، والضاحية الجنوبية لبيروت، ولجأوا إلى المدارس العامة؟

"الصفانيوز" التقى الأخصائية والمعالجة النفسية زينة بو خير لتقديم إرشادات للأهل حول كيفية التعامل مع أطفالهم خلال هذه الفترة الصعبة.

تبنّي أساليب إبداعية ومطمئنة

لحماية الصحة النفسية للأطفال، تنصح زينة بو خير الأهل بتقديم إجابات تتناسب مع عمر الطفل، موقعه الجغرافي، ومدى تعرّضه لأخبار الصراع عبر الصور أو وسائل الإعلام.

وتؤكّد على أهمية إخبار الأطفال بأنّ سلامتهم تأتي في المقام الأول بالنسبة للوالدين. كما يجب مساعدة الأطفال في التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم دون التهوين من مخاوفهم أو تضخيمها.

وتشير بو خير إلى أنّ الآباء يمكنهم طمأنة أطفالهم بقول:

"لقد مررنا بمواقف مثل هذه من قبل وتغلبنا عليها. قريبًا سيعود كل شيء إلى طبيعته."

خلق روتين آمن وتشجيع الأنشطة

إذا تعرضت الأسرة للتهجير أو تعطلت الدراسة، فمن الضروري إعادة الشعور بالروتين للطفل. النوم جزء أساسي من هذا الروتين، إلى جانب أنشطة مهدئة مثل قراءة قصص قبل النوم أو التحدث مع الأهل. وإذا شُجّع الأطفال على ممارسة الرياضة أو الهوايات، يجب أن يكون الأهل قدوة لهم بالمشاركة في هذه الأنشطة.

كما تشدد بو خير على أهمية تذكير الأطفال بأن هناك أفرادًا ومنظمات مستعدة لتقديم الدعم عند الحاجة.

تقليل الوصول إلى وسائل الإعلام وإدارة التوتر لدى الأهل

تنصح الأخصائية بتقليل تعرض الأطفال والمراهقين لوسائل التواصل الاجتماعي والأخبار التلفزيونية لتجنب رؤية مشاهد مزعجة. كما يجب على الأهل الحد من استهلاكهم الشخصي للأخبار، وتجنب إظهار مشاعر مفرطة أمام أطفالهم، لأن قلق الأهل قد يؤثر سلبًا على نفسية الأطفال.

تقديم تفسيرات بسيطة ومطمئنة عن الحرب

عند طرح الأطفال أسئلة حول الحرب أو التهجير، يجب على الأهل تقديم إجابات بسيطة، مثل:

"هناك أشخاص يحاولون السيطرة بالقوة، لكننا لا نتفق مع ذلك، لذلك نحمي أنفسنا."

"نحن نهتم بسلامتك، وسنعود إلى المنزل قريبًا. نحن الآن في مكان آمن."

كما تنصح بو خير الآباء بعدم اتخاذ قرارات متسرعة أو خطط طويلة الأمد، مثل مغادرة البلاد أو التهافت على شراء المواد الغذائية من المتاجر.

التعامل مع الصدمات وتقديم الدعم

"إذا تعرض الطفل لحدث صادم، يجب تقديم الدعم، لأنّ كل طفل يتفاعل بشكل مختلف مع هذه المواقف"، تشدد بو خير.

وبما أن الأطفال يقضون كل وقتهم الآن مع أهاليهم بسبب إغلاق المدارس، توضح بو خير أهمية الاستمرار في التعليم وحماية الأطفال خلال هذه الفترة الصعبة. كما أنّ الحفاظ على روتين يومي، مثل الاستيقاظ في نفس الوقت وتناول الإفطار معًا، وقراءة الكتب، واللعب، وقضاء الوقت مع العائلة، يعزز الشعور بالأمان.

التعليم كأداة للاستقرار

الاستمرار في التعليم ومتابعة الدراسة يعد وسيلة فعالة للتخفيف من التوتر اليومي.

الدعم العاطفي والاجتماعي ضروري

نظرًا لتأثير الحرب النفسي، يجب على الأهل تقديم الدعم العاطفي والاجتماعي، مع مراعاة مشاعر الأطفال ورفاهيتهم النفسية والمعنوية.

الوقاية من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

وفي الختام، تحذر بو خير من خطر الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) بعد انتهاء الصراع. وتوضح أن هذا الاضطراب يظهر في شكل قلق شديد، حيث يعيش الشخص – سواء كان طفلًا أو بالغًا – التجربة الصادمة من جديد من خلال هلوسات أو كوابيس. وتشير إلى أن الآثار النفسية للحرب قد تؤثر على الأسرة بأكملها وتمتد إلى الأجيال القادمة.