يعيشُ البعضُ على مواقع التّواصل الاجتماعي على حسابِ الآخرين، فلا يمانعون من النشرِ هجوماً وأحياناً إساءةً، وقد يصلُ الأمر للتجنّي، كل ذلك لمجرّد الحصول على تراند، أو المساس بشخصياتٍ معروفة، يكرهونها لأسبابٍ مختلفة، أبرزها قد يكون سياسياً.
حينَ اغتيلَ الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله، في السّابع والعشرين من أيلول الماضي، كانَ الممثّل السّوري أيمن زيدان من أوائل الفنانين القليلين الذين يُدوّنون، فكتبَ على حسابه الشخصي في "فيسبوك": "فقط الجسد غيّرَ عنوانه". وفي الفترة نفسها اعتذرَ عن حضورِ الدّورة الأربعين من مهرجان الإسكندرية السّينمائي لدول البحر الأبيض المتوسط، وكان مقرراً تكريمهُ هناك. حينها امتُدحَ موقف زيدان الذي يعبّرُ عن التّضامن مع لبنان وغزة في وجه العدوان الصّهيوني عليهما، وقيل إنهُ "جريء" في التعبير بعدَ اغتيال "نصرالله" وسط الرماديّة التي تشهدُها السّاحة الفنيّة العربيّة.
والآن يرقص؟!
قبلَ يومين، تزوّج الممثّل حازم أيمن زيدان من الممثلة لمى بدّور، وأقاما حفلَ زفافٍ وسطَ دمشق، فظهرَ "زيدان" يرقصُ في الحفل، لذا يُنتقدُ الآن من البعض، الذي يُقارنُ بينَ منشوره عن "نصرالله" واعتذاره عن حضور مهرجان "الاسكندرية" من جهة، وبين لقطاتِ الرّقص المنتشرة لهُ في زفافِ حازم.
فهل كانَ عليه الإعتذار عن حضورِ حفلِ زفافِ ابنه أيضاً، أم يمنعهُ من إقامةِ الحفل، أو ربّما يجلسُ على الكرسي ولا يرقص، كي يعبّر عن التضامن مع لبنان وفلسطين؟! مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ لقطات الرّقص المنتشرة، لم ينشرها زيدان، بل نُشِرَتْ لهُ.
إنّ مرارة الحرب السّوريّة مستمرة منذُ 14 عاماً تقريباً، بالإضافة إلى أنّ العدوان على غزة لم يتوقّف منذُ أكثر من عام، وحتى في لبنان، الجرح مفتوح منذُ عامٍ تقريباً. ليسَ مطلوباً من المشاهير عموماً أي مواقف بطوليّة استثنائيّة، فهي لا تُعيد مَن مات ولا تُشيّدُ منازل هُدّمَت. ما فعله "زيدان" كانَ كافياً، فقد عبّر عن اعتذاره حضور مهرجانٍ فني، كما دوّنَ بجرأةٍ ولا يزال يُعبّر عن مواقفٍ سياسيّة وإنسانيّة، لكن دونَ شك لن يصل الأمر بهِ، لأن يمنع نفسه من مشاركة ابنه في فرحه!
يحملُ أيمن زيدان "الشّهادة رقم 1" من المعهد العالي للفنون المسرحيّة في دمشق، باعتبارِهِ الاسم الأوّل في لائحةِ خرّيجي الدّفعة الأُولى عام 1981.
اشتهرَ بأدوارِ الكوميديا والتراجيديا على حدٍ سواء، لكن عام 2011، قلبَ القدرُ حياتَهُ تماماً، كما انقلبتْ حياةُ كل السّوريين تقريباً. فبالإضافةِ إلى الحرب، خطفَ الموتُ ابنهُ "نوّار" بعدَ صراعٍ مع مرضِ السّرطان. وانعكسَ ذلك على المسيرةِ الفنيّة لأيمن زيدان، حيثُ ابتعدَ عن تقديم الأدوار اللامعة في الكوميديا الذي يشتهرُ بها (كمسلسلات يوميات مدير عام وجميل وهناء وبطل من هذا الزمان)، كما أنّ الكوميديا السّوريّة تراجعت بعدَ الحرب وارتفعَ أسهم الأعمال التي تُحاكي مرارةَ الواقع المُعاش.
عام 2023، تقدّمَ "زيدان" بطولةَ مسلسل "زقاق الجن" (كتابة محمد العاص وإخراج تامر إسحاق) إلى جانب شقيقه شادي، وانتهى تصوير المسلسل برحيلِ شادي بشكلٍ مفاجئ إثر جلطة دماغيّة، ليعودَ الحزن ويخيّم على قلبِ أيمن مجدداً.